الصمت في حرم الجمال / يوسف غيشان

الصمت في حرم الجمال

لو صدق المثل العربي الذي يقول بأن الصمت من ذهب، إذا كان الكلام من فضة، والنصّ بالتحديد يقول: ( إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب)، لكان الأمر مختلفاً .. لو صدق هذا المثل لكان الخرسان والإمّعات هم مليارديرات العرب، لأنّهم لا يتكلمون، و يوغلون في الصمت حتى الرمق الأخير.
قد يكون الكلام في غير موضعه مؤذياً .. وكما نمسك عن الكلام في غير موضعه، علينا أن نمسك عن الصمت في غير موضعه؛ لأنه قد يكون أكثر إيذاء من الكلام في غير موضعه.
في الواقع، قد (أقول قد) يكون الصمت من أعظم فنون الكلام، لكنه، في ذات الوقت، قد يكون أسوأ ما انتجته البشرية من وسائل لتشجيع الظالم والحقود والكاذب، وتحفيز الظلم وتحويل العالم إلى مكرهة أخلاقية كبرى؛ لأننا نصمت عن الحق، و لا ندافع عن حقوقنا الإنسانية.
يقول الحكيم والمفكّر جبران خليل جبران : « تعلّمت الصمت من الثرثار، والطيبة من ذوي القلوب الغليظة، ولكن العجيب أنّني لا أعترف لأحد منهم بالجميل « .. ويقول ميخائيل نعيمة : « إنّكم لا تستطيعون الترنّم بالأناشيد، حتى تشربوا نهر الصمت « !، ويقول فيلسوف آخر : « لا بدّ أحياناً من لزوم الصمت، لكي يسمعنا الآخرون «.
أما نزار قباني فيقول:
فإذا وقفت أمام حسنك صامتا
فالصمت في حرم الجمال جمال
وهذا احتيال واضح على الحبيبة، حيث منح نفسه مبررا لأن لا يقول شيئا بشكل رومانسي خادع.
النهاية….. فإن الصمت ليس خيارا، مثلما هو الكلام ليس خيارا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى