هل ستعجل شكاوى وزير الأوقاف في رحيله؟

سواليف – كتب محرر الشؤون المحلية

تتجنب الحكومات ما أمكن أن يكون بين أعضائها من تشكل تصريحاته ومواقفه عنصر تأزيم في المجتمع، الذي أتاحت له مواقع التواصل الاجتماعي مجالا واسعا للتنفيس والحشد والتعريض ، وهو الأمر يعيق عمل الفريق الوزاري، ويجلب له صداعاً هو في غنى عنه.

ومنذ تسلم وزير الأوقاف الدكتور محمد الخلايلة حقيبته، ومواقع التواصل تشتعل بانتقاد قراراته التي أثارت حمية المواطنين الدينية، ووضعته في دائرة الاتهام والتشكيك من قبَلهم.

وبلغ الحنق تجاه الوزير ذروته؛ حين أصر على إغلاق المساجد وتعليق صلاة الجمعة بحجة ما يسمى بـ”جائحة كورونا”، في الوقت الذي فُتحت فيه العديد من القطاعات، وشهدت المولات والملاعب وحتى المراكز الصحية ازدحامات ملحوظة، وتراجع الالتزام الشعبي بالإجراءات الوقائية، بينما شهدت استطلاعات للرأي بمحافظة المصلين على هذه الإجراءات، وخصوصا ما يتعلق منها بالتباعد الجسدي والالتزام بالكمامة.

مقالات ذات صلة

وأثار إغلاق دورات المياه في المساجد بعد فتحها جدلا آخر، وكذا منع المصلين من القراءة في المصاحف، وإغلاق المساجد عقب الصلوات مباشرة، بالتزامن مع تشديد العقوبات على الأئمة والخطباء، والتي بلغت حد فصل إمام مسجد من وظيفته لإقامته الصلاة في ساحة منزله، لتتم إعادته فيما بعد إلى مسجده بعد ضغط شعبي عارم.

إلى ذلك؛ فرضت وزارة الأوقاف رقابة على الكتب الموجودة في المساجد والمصليات، مما أثار حفيظة كثيرين رأوا في هذه الخطوة استهدافا للمساجد دون غيرها من القطاعات التي تحتوي على مكتبات، كالمدارس والجامعات والنوادي الثقافية والجمعيات النسوية.

وما فتئ الوزير يهاجم منتقديه في وسائل الإعلام وفي خطبة الجمعة، متهما إياهم بسوء الظن وإشاعة الأخبار الكاذبة والافتراءات عليه، حتى بلغ الأمر إلى اتهامه بعض منتقدي الخطبة الموحدة التي قررها مؤخرا حول “طاعة ولي الأمر” بأنهم يحملون أفكاراً “داعشية”.

وقد أثار تعميم الوزارة لهذه الخطبة جدلا كبيرا، برز فيه اتهام رئيس المنتدى العالمي للوسطية مروان الفاعوري للوزارة بأنها أساءت إلى “ولي الأمر” في إقرار هذه الخطبة الذي رأى أنها “تثير الاستفراغ والتقيؤ”، فما كان من الوزير إلا أن رفع شكوى ضده.

شكاوى الوزير لم تقتصر على الفاعوري؛ فقد شملت أيضا الناطق باسم جبهة العمل الإسلامي ثابت عساف الذي انتقد هو الآخر خطبة “ولي الأمر”، والكاتب الصحفي وائل البتيري الذي انتقد فرض رقابة سابقة ولاحقة على الكتب في المساجد، فكان مصيرهما الاستدعاء من قبل وحدة الجرائم الالكترونية، تمهيدا لتحويلهما إلى مدعي عام عمان برفقة الفاعوري.

ومما لفت الانتباه؛ أن هؤلاء الأشخاص الثلاثة، تعرضوا لهجمة شرسة على موقع “فيسبوك” بلغت حد شتمهم واتهامهم في دينهم وفي وطنيتهم من قبل بعض أقارب الوزير، وعدد من المقربين منه في الوزارة، رغم أن منشورات الفاعوري وعساف والبتيري لم تتضمن أية إساءة شخصية، وفق مراقبي حساباتهم على موقع “فيسبوك”.

إن من عادة الحكومات أنها تستبعد أي عضو يتسبب لها بالسخط الشعبي، وخصوصا حين يلجأ هذا العضو إلى المناكفة الشخصية، مستبعدا صفته الاعتبارية بيديه، ما يدفع رئيس الفريق الوزاري إلى التخلي عنه، مقدما مصلحة فريقه على مصلحة الفرد الواحد.

ومن سوء حظ الوزير أنه رفع شكاوى على ثلاث شخصيات – لها حضور وقبول – دفعة واحدة، ما أثار حنق قطاعات واسعة، وخصوصا أن أحدهم (ثابت عساف) ناطق إعلامي باسم أكبر حزب في البلاد، ولم يمضِ زمن طويل على إعراب صاحب القرار عن أمله بأن “يرى الأردنيين منخرطين في الحياة السياسية، وواثقين بالعمل الحزبي” كما قال في 15 حزيران/يونيو خلال لقائه مع رئيس وأعضاء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.

ومن سوء حظ الوزير أيضاً؛ أن خبر شكاويه بلغ لندن، حيث وصفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا شكاوى الوزير بأنها “صورة صارخة لتقييد حرية الرأي والتعبير” في البلاد، ولا ندري بعد ذلك إلى أين ستصل كرة الثلج، وكم سيبلغ حجمها !

وفي مرحلة يدعو فيها صاحب القرار إلى ترسيخ مبادئ الإصلاح وتوسيع المشاركة السياسية والحزبية في البلاد، وتعكف لجنة ملكية لإعادة النظر في القوانين الناظمة للحياة السياسية بما يساهم بحماية حرية الرأي والتعبير من المساس، ومع الحديث عن تعديل وزاري قريب؛ هل تتسبب هذه الشكاوى التي رفعها الوزير على شخصيات وسطية وازنة، برحيله عن حكومة تبحث عن مزيد من التصالحية والتشاركية مع شعب محتقن؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى