الأطماع الصهيونية في البتراء مجدداً.. ما وراء قانون التملك الأجنبي في المدينة التاريخية؟

سواليف
جدل واسع فجّره القانون المعدل لـ “قانون سلطة إقليم البتراء التنموي السياحي”، جنوبي الأردن، في مجلس النواب، تخوفاً من تملك الأجانب، خاصة الإسرائيليين منهم، لأراض وعقارات في الإقليم. وصوّت أعضاء المجلس، في جلسة الأحد الماضي، برفض تعديلات لجنة السياحة والآثار على القانون، وإعادته إليها لإجراء التعديلات المناسبة عليه، لمنع الملكية الأجنبية في المدينة الأثرية.

فما سبب الخوف الأردني من التملك الأجنبي في المدينة الوردية، وما حقيقة الأطماع الإسرائيلية التاريخية في مدينة البتراء، إحدى عجائب الدنيا السبع؟
أطماع إسرائيلية

بموجب التعديلات المقترحة التي رفضها مجلس النواب، فإنه يسمح للأشخاص المعنويين بتملك الأموال غير المنقولة الواقعة في منطقة الإقليم، شريطة أن تكون نسبة تملك الأردنيين فيها أكثر من 51%.

القلق نيابي لم يأت جزافاً، خاصة في ظل الأطماع الإسرائيلية بالمدينة الأثرية التي تعتبرها إسرائيل إحدى وجهاتها السياحية.

في أغسطس/آب الماضي، قرر فريق عمل الفيلم الأردني “جابر” إلغاء تصويره، على خلفية ما أثاره من جدل واسع لتضمنه ما قيل إنها ادعاءات حول “حق” اليهود في فلسطين والبتراء الأردنية.

وفي الشهر ذاته، قرر الأردن إغلاق مقام النبي هارون، الواقع غربي مدينة البتراء، بعد أن تداولت مواقع إخبارية محلية فيديو يظهر فيه حوالي 500 سائح إسرائيلي وهم يؤدون طقوساً يهودية في المقام.

وتعد مدينة البتراء الأردنية إحدى عجائب الدنيا السبع التي جرى اختيارها عام 2007، بعد عملية تصويت شعبية استمرت عدة أشهر، وشارك فيها نحو 70 مليون شخص حول العالم.
ما “الجنسية الأجنبية” المقصودة في المشروع؟

حسن العجارمة، رئيس لجنة السياحة والآثار بمجلس النواب الأردني، قال تعقيباً على الموضوع: “أتفهم مخاوف الناس من مشروع القانون المعدل لإقليم البتراء”، مضيفاً: “القانون في الوقت الحالي لا يتحدث بأي صفة عن المنطقة الأثرية، وإنما يتحدث عن أراضي الإقليم خارج المنطقة الأثرية”.

واستدرك: “من جهة ثانية، فالحق مشروع لأهل البتراء ووادي موسى بأن يستفيدوا من أراضيهم بالمناطق السياحية، القانون الحالي لا يسمح للأخ ببيع أخيه أو لأي أردني ثانٍ، والبيع ممنوع قطعاً”.

ولفت النائب إلى أن “هذا القانون جاء تحت بند الاستثمار لأهالي البتراء ووادي موسى، ولتعزيز العجز في القطاع السياحي من فنادق ومرافق سياحية وصناعات حرفية تساهم في إطالة فترة إقامة السياح”.

وفي توضيحه للبند المتعلق بتملّك غير الأردنيين، أكد العجارمة أنه “لم تذكر كلمة ‘أجنبي’ في مشروع القانون، وإنما تحدثنا عن الجنسية العربية لمن يريد الاستثمار بمنطقة الإقليم، شريطة عدم حيازته لأي جنسية أخرى وبموافقة مجلس الوزراء”.

وبشأن موقف زملائه النواب من رفض مشروع القانون، قال العجارمة: “امتثلنا للديمقراطية، وكان الأولى بالزملاء في المجلس أن يناقشوا القانون، وفي النهاية المجلس سيد نفسه، وله الأحقية في تعديل القانون أو رده، وبالفعل تمت إعادته (إلى لجنة السياحة والآثار) لمزيد من الدراسة”.

وبحسب العجارمة، فإن “مشروع القانون جاء بناءً على مطلب من أهالي المنطقة، وسنبدأ الاجتماعات مع المعنيين، وعندما ننتهي سنعيده إلى الأمانة العامة؛ لتحديد التوقيت المناسب بإعادة عرضه على المجلس”.
هل يستطيع الإسرائيليون التملك بجنسيات ثانية؟

صداح الحباشنة، النائب المعروف بمعارضته لسياسات الحكومات الأردنية، قال إن “خطورة مشروع القانون تكمن في إصرار الحكومة على عرضه على مجلس النواب للمرة السابعة”. وتابع: “الإسرائيليون يروجون للبتراء على أنها واجهة سياحية لهم، ما يؤكد الأطماع الصهيونية فيها”، لافتاً إلى أن “السماح بتملك غير الأردنيين سيفتح لهم المجال بشراء أراضي البتراء”.


وبسؤاله عن إمكانية إضافة بند يستثني الإسرائيليين، أكد النائب المعارض أن “الكثيرين منهم (الإسرائيليين) يملكون جنسيات غير إسرائيلية”، لافتاً إلى أن “ما يدور في كواليس النواب هو أن هذه الخطوة هي جزء من تطبيع مع إسرائيل، والكيان (الإسرائيلي) يضغط على الأردن”.

يضيف النائب المعارض: “لا نريد أن يكون الاستثمار شماعة وأن يباع البلد باسم الاستثمار، باعوا البلد باسم الاستثمار ولم نرَ شيئاً”. وحول مبررات الحكومة، يقول النائب: “بإمكان الدولة أن تقيم الاستثمارات الداخلية في البتراء، الاستثمار على المستوى الداخلي وليس الخارجي”، مردفاً: “هذا مشروع صهيوني بامتياز، وأحذر الأردنيين منه، والخيار للشعب الأردني”.
المشروع ما زال بيد النواب

بدوره، قال رئيس مفوضي سلطة إقليم البتراء، سليمان الفرجات، إن “البتراء هي واحد من أهم المعالم السياحية في الأردن والعالم، ولذلك، فإن الحفاظ عليها مسؤولية تقع على عاتق الجميع”.

وأوضح الفرجات أن القطاع السياحي من أهم روافد الخزينة الأردنية، والبتراء تستقطب السياح من مختلف أنحاء العالم، ولذلك جاء (مشروع) القانون لرفع مستوى الخدمات السياحية وتعزيز المرافق؛ لجذب المزيد من السياح”.

واعتبر أن “القانون سيساهم في تعزيز الاستثمار في إقليم البتراء بشكل عام، والذي تبلغ مساحة أراضيه 441 كيلومتراً، منها 264 كم مربعاَ محمية بموجب القانون ولا يجوز التصرف فيها بأي حال، و89 كم مربعاً منطقة نطاق عازل”.

حول مسألة تملك غير الأردنيين التي تناولها مشروع القانون، أكد الفرجات: “لم نتحدث في يوم من الأيام عن جنسية معينة، مشروع القانون بيد مجلس النواب، السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص، ونحن بدورنا سنحرص على تطبيق القانون كما يصلنا بعد إقراره بصورته النهائية ودخوله حيز التنفيذ”.

شدد المسؤول الأردني، في ذات السياق، على أنه “لا مانع أن تكون الشخصيات الاعتبارية المشار إليها في مقترح القانون أردنية 100% وذلك لفتح المجال للشركات الأردنية للاستثمار في البتراء، ولتمكين الجمعيات المحلية من شراء الأراضي لإقامة مشاريع عليها، مع العلم بأن ذلك مطلب مجتمعي”.
“أرض الأجداد”

وكان إعلانات إسرائيلية نشرت، العام الماضي، عن رحلات دينية إلى مدينة البتراء، قد أثارت ضجة كبيرة بين الأوساط الأردنية، إذ كان أحد الإعلانات المنشور باللغة العبرية، قد أشار إلى البتراء بأنها مدينة في إسرائيل ووصفها “بأرض الأجداد”، وأن تذاكر السفر إليها تشمل التمتع بكافة “الطقوس الدينية”، خاصة أن الإعلان قد وضعت عليه صورة مدينة البتراء، التي تضم مقام النبي هارون.

وتم الترويج للإعلانات الإسرائيلية الدينية هذه في الولايات المتحدة الأمريكية، لاستقطاب يهود أمريكا، فيما اعتبرها الأردنيون على مواقع التواصل تحدياً صارخاً للشعب الأردني، ودليلاً على تجاهل السيادة الأردنية.


وفي عام 2015، روجت المؤلفة الإنجيلية الأمريكية كاي آرثر صورة للخزنة الوردية في مدينة البتراء على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنها في “إسرائيل” داعية متابعيها على موقع تويتر لزيارة إسرائيل لرؤيتها، مما أثار حينها سخطاً أردنياً كبيراً.

المصدر
عربي بوست
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى