الأردن الجديد… متى وكيف !

#الأردن #الجديد… متى وكيف !

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة

تعج وسائل إعلامنا المرئية والمسموعة هذه الأيام بمصطلح الأردن الجديد ! كثر ممن يسمون أنفسهم بالمحللين ينبرون بتصوير قادم الأيام بالمفاجآت التي ستغير واقع الحال الأردني رأساً على عقب ! لكن أياً منهم لم يتحدث عن التشريعات والآليات والإجراءات اللازمة لإحداث التغيير وبناء المستقبل المشرق الذي يتشدقون به ! كل ما تفوهوا به هو عصارة الكذب والتضليل والتهريج ! ما من مواطن أردني إلا ويتمنى أن يصحو يوماً على شمس المستقبل الأردني المشرق ، لكن السؤال كيف ومتى الوصول اليه !

الأردن الجديد، أردن النماء والرخاء والازدهار والامان من السهل جداً بلوغه إن توفرت الارادة السياسية مقرونة بالتشريعات والآليات والإجراءات اللازمة لتنظيم وضبط وتطبيق العلاقات القانونية عمودياً وأفقياً بين أطياف ومكونات المجتمع الأردني أفراداً ومؤسسات ” لكل حقوقه ومن كل واجباته ” ، هذه العلاقة ينظمها دستور وتشريعات إنمائية وفي مقدمتها الحياة السياسية والبيئة الديمقراطية الحقيقية لا دستور تسلطي ويضبطها قوانين سيادية تطبق على الجميع دون استثناء لأي كان ، دستور يكون فيه الشعب وحده صاحب السلطات ، فقط بهذه الحالة نستطيع أن نضع أقدامنا على الدرجة الأولى للوصول للأردن الجديد الذي نحلم به ! سيما وأن الأردن يزخر بموارده الطبيعية المتعددة والمتنوعة “الصخر الزيتي ، اليورانيوم ، النحاس ، الفوسفات ، البوتاس ، الاسمنت ، الصخر الجرانيتي ، الرمل الزجاجي ، الزراعة ، السياحة الأثرية والدينية والعلاجية ، خامات البحر الميت ، الطاقة الشمسية …الخ ” وموارده البشرية الشابة الكفؤة .

مقالات ذات صلة

قيل الكثير في العقدين الماضيين عن مبادرات وطموحات ومشاريع ستخرجنا من عنق الزجاجة ! لكن الوقائع تؤكد أننا انزلقنا لقعرها والله وحده يعلم كم سنمكث هناك ما دام هذا النهج قائماً في ادارة الدولة ، مهما أنفقنا من أموال لتطوير الاداء الحكومي ورفع قدرات الموظفين لن يتغير شيئاً ما لم ترفع رواتبهم التي لا تكفيهم لمنتصف الشهر ، الكثير منهم سينتظرون فرص الرشوة واستغلال وظائهم ، مهما جلبنا من استثمارات ومشاريع لتوطينها فهي لن تستقر ما دام الحيتان ينصبون فخاخهم لهذا الصيد الثمين ، مهما حاولنا توطين الاستثمارات فلن ننجح ما دامت البيئة الاستثمارية طاردة لها، والمضحك أن أموالنا المسروقة لم تستثمر كاستثمارات داخلية وتُهرَّب للخارج للاستثمار هناك ، الاردن الجديد سيظل مشلولاً وعاجزاً ما دامت الطبقة الرأسمالية متنعمة بقانون الضريبة على حساب الطبقة المعدمة ، المديونية ستتضاعف ما دامت الملاذات الآمنة مشرعة أبوابها للأموال المنهوبة والمسروقة، البطالة ستتضخم يوماً بعد يوم في ظل غياب المشاريع الإنتاجية “الصغيرة والمتوسطة” المولدة لفرص عمل جديدة وفي ظل تدهور أهم قطاعين إنتاجيين وطنياً وهما الزراعة والصناعة، الأردن الجديد لن يرى النور ما دمنا مسلوبي السيادة ونستجدي المساعدات المشروطة بالتنازلات وبذات الوقت نهمل الطاقات الوطنية ، الاردن الجديد سيولد ويموت فقط في مخيلتنا ما دامت معظم قضايا الفساد الكبرى تُغلق بالبراءة أو عدم تحمل المسؤولية ! باختصار… المولود الجديد لن يبصر النور ما دامت الحكومات تجتر ازلامها !

تعلمنا من دروس التاريخ أن الأمم والحضارات والدول نهضت وازدهرت بتطبيقها مبدأ العدالة ! التي كان يضمنها في العصور الماضية التشريعات “وضعية أو سماوية” ويطبقها الحاكم ، ونفسها انهارت واندثرت لفسادها من الداخل ، وعليه فإن الدول لا تبنى بالتمني والتضليل ، فالسراب يبقى سراباً !

أي اردن تريدون تجديده ! الاردن الذي فرطتم بسيادته وبعتم اراضيه ! أم الأردن الذي تخلصتم من كل روافد خزينته بأبخس الأثمان ! أم الأردن الذي استبحتم حرمة أراضيه وجعلتموها قواعد عسكرية أمريكية حامية للكيان الصهيوني وداعمة لمشاريعه التوسعية ! أم الأردن الذي أجهزتم على قطاعاته الانتاجية وأفقرتم شعبه وشردتم ابناءه وقتلتم بداخلهم الأمل بحياة كريمة ! أم الأردن الذي ربطتم مصيره مع دويلة الكيان الصهيوني وسلختوه عن محيطه ومصالحه وتكامله مع دول أشقائه العرب ودول أصدقائه !

اكذبوا ما شئتم فما عاد أحد يستمع اليكم؛ وان سمع فلن يصدقكم ، لن تبنوا اردناً جديداً، وإنما تشترون الوقت لنهب ما تبقى ، لن تبنوا وطناً ايها المارقون … فالأوطان لا تبنى إلا بسواعد ابنائها ، فأحذروا.. ولا توغلوا في اختبار صبر الأردنيين ! فما صبرهم إلا حبًا وعشقًا للأردن وترابه .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى