الأردنيون لن يعلنوا جيوبهم مناطق مفتوحة
….
دعانا رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان الاستاذ المحامي عبدالكريم الشريدة، والتي كان وزير الداخلية قد تسبب بحلها في السنوات والاخيرة، وبرفقتي الشاعر الاردني الواعد جلال الشبيلات لتناول الكنافة في المقر الرئيسي لحبيبة، وكان اللقاء العفوي تطرق الى الاوضاع العامة في الاردن، وما هالنا ونحن نحاول ان نحصر عدد الاطراف المسؤولة عن سوء الاحوال المعيشية في الاردن بحكم مسؤولياتها الدستورية، وخاصة الاحياء من الخط الرسمي الا كثرة هؤلاء الذين فازوا بالالقاب، والاوسمة، والرواتب التقاعدية العالية، ودخلوا النادي السياسي، وحملت الصحف صورهم في الصفحات الاولى، وبعضهم اثرى، واصبح يملك الملايين، ويلبس افخر البدلات وربطات العنق، واختاروا لابنائهم، واصهارهم اهم المواقع الادارية في الدولة، والقطاع الخاص، وجلهم لم تأت به الالية الديموقراطية الى الحكم، واجتهدنا ان نحصي حجم المال العام الذي هدر عبر عقود، وتوزع في اطار الطبقة السياسية مما حول الكثير من اعضائها الى نادي الاثرياء، وفي المقابل خسر الشعب مؤسساته التي بيعت بأزهد الاثمان، و فقد الحد الادنى من معيشته، واضاع هدوءه ، ونظرته الى المستقبل، واعيقت اجيال اردنية عن مواصلة مسيرة الدولة، وفقد الاردنيون القدرة على تحقيق ادنى العيش الكريم فوق ترابهم الوطني.
وهؤلاء المتخمون بخيرات الوطن للاسف تسببوا بشقاء الشعب الاردني ، وهم بموقع المؤتمن عليه بحكم ادائهم القسم الدستوري، والى الدرجة التي باتت فيها الدولة عاجزة عن التعامل مع ازمتها الاقتصادية المتفاقمة بعد عشرات الحكومات التي تشكلت محملة بعشرات البيانات الوزارية، وبمئات الوزراء، هذا فضلا عن طواقم الديوان الملكي التي تعد بالالاف، وما ينجم عنها من المبادرات، والمؤتمرات التي تبنتها الدولة، والخطط الخمسية، والمواثيق الوطنية، وكذلك ما شغله الالاف من مواقع الامناء العاميين ، والمدراء ، ومدراء المديريات، وقادة الاجهزة، ومستشاري مختلف الجهات الرسمية .
والتراجع لا يخفى وقد شمل الصحة، والتعليم، والنقل، والتعليم العالي، والسياحة، والزراعة، والاوقاف، والبلديات، وهنالك وزارات توطن الفقر في الاردن، ولم تعن باحداث التنمية، وما تزال وزارة الداخلية تتبع الاساليب القديمة والموروثة عن الحقبة العثمانية في الحكم، ولا يوجد قطاع اقتصادي لا يأن، وتفشت الواسطة والمحسوبية والرشوة، وصبغ الفساد وجه الحياة العامة في الاردن، ودمر سمعة المؤسسات، ويتم تهريب الاستثمار، وخسرنا في اطار علاقاتنا العربية نظرا للفشل في توظيفها لصالح قضايا المحلية، وفي الملف الامني فالاخفاقات كبيرة، وبدأنا نفقد الحرفية التي حققناها سابقاً.
وحاولنا التوقف عند بعض الاخطاء الخطرة التي واكبت مسيرة الدولة الاردنية، واسست لحالة الوهن التي تكتنفها، وخاصة في الجوانب الاقتصادية، ومست بحياة الاردنيين، وقد اتخذتها حكومات هشة لم تكن تعي حجم المسؤولية الوطنية المترتبة على عملية الحكم، ومدى تأثر الاجيال القادمة بها، وها هو الوطن الاردني يدفع ثمنها ، ولعل من ابرزها تقسيم الشعب، وتعدد ولاءاته وانتماءاته ، ومحاولة ايجاد اردنان: اردن اقلية تعيش بالرفاهية المطلقة على حساب اردن عاثر يعيش فيه المحرومون ، والمتكسرون على ابواب الحياة، ومن تحطمت ارواحهم الوطنية، وهم من يدفعون ثمن السياسات الغبية ، وعدم الامانة في اداء امانة الحكم، ويتحملون حجم الاخفاقات التي جرت دون ذنب جنوه، وهاهم اليوم يصبحون الحل الوحيد للمأزق الاقتصادي الذي تعانيه الدولة، ومطلوب منهم ان يعلنوا جيوبهم منطقة مفتوحة للحكومات حتى اخر قرش.
وقد توافقنا على مئات الاسماء من مختلف المراحل بكونها تسببت بالكارثة على خلفية اخفاقها في اداء امانة المسؤولية، وعدم قدرتها على التعامل مع المتطلبات الوطنية، ولم تطور من قدرة النظام السياسي للتعامل مع المتغيرات التي كانت تطل برأسها في الاقليم، وقد تهاونت بالمال العام ، ولم تمأسس الدولة، حتى في مجال الحقوق والواجبات، واوجدت الواسطة كوسيلة مدمرة لضرب صورة العدالة في الوطن، ولملئ قلب المواطن الاردني بالشكوى والاحتقان، ولاحداث التمايز المقيت الذي ظل يخرق المواطنة، ويعلي من شأن الاستثناءات، واخفقت في ان تجعل الحقوق مترتبة على المواطنة فقط، وناجمة عن المؤسسات، وليس الافراد، ولم توجه الاجيال الاردنية نحو المهن وتوطينها في المجتمع، وانما حرفت مسيرتها من خلال كثرة الجامعات التي اوجدها المتنفذون لتحويل العملية التعليمية الى عملية بيع وشراء، ولم تقد سفينة الوطن بأمانة، وشرف وبمقتضيات المسؤولية الوطنية .
هؤلاء يحضون الاردنيين اليوم على المزيد من التضحية وتحمل الضرائب والاسعار والرسوم ويدعون ان هذا واجب وطني، وان هذه هي حقوق الاوطان ، ووالله انني اقول وبراحة ضمير اولئك هم اعداؤك يا وطني.