من يبدأ الضربة الاولى … كوريا أو أمريكا ؟

سواليف

فرض التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية نفسه على المجتمع الدولي، حاملا معه سؤالا مفاده: هل الحرب الكلامية التي ثارت مؤخرا بين البلدين مجرد زوبعة في فنجان أم أنها إرهاصات حقيقية لحرب عالمية ثالثة؟ وإذا كانت الفرضية الأخيرة صحيحة، فمن يطلق شرارتها الأولى واشنطن أم بيونغ يانغ؟.

تظل مثل تلك التساؤلات مفتوحة في ظل معطيات كثيرة منها إصرار واشنطن على إبقاء شبه الجزيرة الكورية منطقة غير نووية، بالتزامن مع توعد الرئيس دونالد ترامب، بيونغ يانغ “بالنار والغضب” إذا واصلت تهديداتها.

مقابل ذلك، تتجاهل كوريا ش نداءات المجتمع الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتواصل برنامج التسلح النووي والباليستي.

فالأحد الماضي، نفذت كوريا ش، تجربتها النووية السادسة، سبقتها تجربة إطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى فوق الاراضي اليابانية، في تحد واضح لقرارات المجتمع الدولي.

شق الصف

يقول ليف- ايريك ايزلي، الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الدولية في جامعة ايوها للمرأة، بالعاصمة الكورية ج سيؤول، إن “نظام كيم جونغ أون اختبر صواريخ (باليستية) هذا العام أكثر مما نفذته كوريا ش خلال عقدين تحت حكم (والده) كيم جونغ إيل”.

ويعتقد ايزلي، في مقال له تحت عنوان “تجارب كوريا ش النووية والصاروخية تهدف إلى شق صف خصومها” ونشرته مجلة “فورين بوليسي” الأحد الماضي، أن تجارب كوريا ش تهدف “بالإضافة إلى تطوير قدراتها العسكرية إلى هدف دبلوماسي وهو زرع الفرقة وشق الصف بين الولايات المتحدة، وحلفائها (كوريا ج واليابان)، والصين”.

ويتابع في المقال نفسه: “نظام كيم يسعى إلى زرع الانقسام بين جيرانه من أجل الحصول على تنازلات، وكسر العقوبات وتخفيف الضغط المتزايد والمنسق”.

ويرى خبراء أن كوريا ش قد تكون نجحت في مساعيها تلك إلى حد ما، واستدلوا في ذلك بتغريدات للرئيس ترامب، ومهاجمته لدعوات رئيس كوريا ج (مون جاي-إن) لـ “حوار الاسترضاء” مع كوريا ش.

وفي تغريدات متوالية نشرها ترامب على حسابه في (تويتر)، الأحد الماضي، قال في إحداها إن “كوريا ج اكتشفت (صحة) ما قلته لهم من أن مباحثات استرضائهم لكوريا ش لن تنفع، فهم لايفهمون غير شيء واحد”، في إشارة إلى الخيار العسكري، بحسب وسائل إعلام أمريكية.

خياران

ويقول النائب السابق لمدير الاستخبارات المركزية الأمريكية، مايكل موريل، إن أمام الولايات المتحدة خيارين: “الأول هو هجوم عسكري بعواقب كارثية ونجاح غير مضمون، والآخر هو القبول بما وصلوا إليه وما يريدون تحقيقه مصحوباً باحتواء وردع.

وتابع في حديث لقناة (سي بي إس) الاخبارية: اعتقد أن (الخيار) الأخير هو الأكثر منطقية، وأعتقد بأن هذا ما سنتوصل إليه (في النهاية)”.

إلا أن موريل يحذر من نتاج التوتر على شبه الجزيرة الكورية وشبهها بالإرهاصات التي شهدها الحرب العالمية الأولى.

وقال: “لذا فإن تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية خلال الاشهرة الستة الماضية، مقلق جداً من هذا المنظور”. ومن ثم يعتقد أن استخدام بلاده “للكلمات الصحيحة والخطوات المناسبة” هو المطلوب في الوقت الحاضر.

ويضيف موريل: “علينا أن نزيد العقوبات، وأن نبني دفاعاتنا الصاروخية وتلك الموجودة لدى كوريا ج واليابان، ويجب أن يعلم الجميع بهذا، ويجب أن نقوم بالمزيد من تجارب الدفاعات الصاروخية”.

صواريخ سيؤول

والثلاثاء الماضي ألغت الولايات المتحدة الحد الذي فرضته على كوريا ج منذ سبعينيات القرن الماضي، بصنع صواريخ قادرة على حمل رؤوس حربية لاتزيد عن 1100 باوند (نحو 498 كيلو غرام) ما سيسمح لحكومة سيؤول إنتاج صواريخ حربية اكثر قوة.

ويوجد على أراضي كوريا ج قرابة 28 ألف مقاتل أمريكي، يفترض مساهمتهم في الدفاع عنها في حال دخولها الحرب.

ضربة استباقية

وطبقا لتقرير (سي بي إس) فإن كثيرا من الخبراء يعتقدون أن كوريا ش “ستبدأ ضربة استباقية ضد الولايات المتحدة او كوريا ج، لكن السؤال الأهم هو ما الذي ستفعله الولايات المتحدة إذا اطلقت كوريا ش صاروخاً آخر فوق اليابان وهو ما يمكن حدوثه في وقت لاحق من هذا الأسبوع”.

وكشف التقرير أن الخبراء اعتبروا أن بدء كوريا ش، سواء ضد واشنطن او سيؤول سيكون بمثابة “خطوة انتحارية”، إلا أنه اشار إلى أن الخبراء يرون الأسلحة النووية لكوريا ش، تأتي بهدف “الردع، حتى برغم استمرار حرب الكلمات”.

ويقول آندري لانكوف الأستاذ في جامعة كوكمين الكورية ج، لقناة (سي بي إس) الإخبارية الأمريكية أنه يرى في شخصية كيم جونغ أون “رجلا مجنونا”، ويشير إلى أنه استخلص تلك النتيجة من متابعاته له منذ أن تسلم الحكم عام 2011 عندما كان في السابعة والعشرين من عمره.

وتابع: “أنه (كيم جونغ اون) لايعرف الرحمة”.

لكنه اوضح أن نظام كوريا ش يريد امتلاك سلاح نووي، لكي لاتستطيع الولايات المتحدة اسقاطه بالتعاون مع كوريا ج.
ويرى أن كيم جونغ اون “يبحث عن نصر أخير، ما يعني توحيد كوريا بحسب شروطهم (…) وهذا يعني طرد الولايات المتحدة من المنطقة”.

“حزمة هدايا”

ووصف المبعوث الدائم لكوريا ش إلى الأمم المتحدة في جنيف، التجربة النووية التي أجرتها بلاده الأحد الماضي على أنها “حزمة هدايا ستظل الولايات المتحدة تتلقاها من بلادي طالما تواصل استفزازاتها المتهورة والمحاولات غير المجدية للضغط على جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية”.

أما إيميل سيبمسون الباحث في جامعة هارفرد، فيستقرئ طبيعة الرد الأمريكي على تهديدات كوريا ش، من خلال تصريح لوزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الأحد الماضي عقب اجتماعه ومسؤولين آخرين في الإدارة الأمريكية مع الرئيس ترامب عندما قال “أي تهديد للولايات المتحدة أو الأراضي التابعة لها بما في ذلك (جزيرة) غوام سيتم التعامل معه برد عسكري كبير، ردا سيكون فاعلاً وساحقاً”.

لكن سيمبسون قال في مقاله المنشور في مجلة فورين بوليسي الأمريكية الثلاثاء الماضي، إن ذلك الرد العسكري، وفق تصريحات وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، لن يهدف “لإبادة بلد بالكامل”.

وقال إن ما يعنيه ماتيس هو أن “الولايات المتحدة ستستهدف المنشآت العسكرية والنووية لكوريا ش بدلاً من تدمير البلاد برمتها، ومن غير المحتمل كذلك (أن يتضمن الهجوم) أي اجتياح امريكي، إلا أن هذا النوع من الهجمات سيكون كبيراً ومفاجئاً ودون سابق إنذار، إذا ما حاولت كوريا ش تنفيذ تهديدها”.

الاناضول

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى