اختلالات “تكميلية التوجيهي” / شروق طومار

اختلالات “تكميلية التوجيهي”
شروق جعفر طومار

علي الرغم من عدم قيام وزارة التربية والتعليم بتقديم بيانات تفصيلية كاملة كالمعهودة سنوياً حول نتائج امتحان الثانوية العامة بعد الإعلان عن نتائج “التكميلية”، إلا أن البيانات المتوفرة يمكن أن تعطي مؤشرا حول وجود العديد من الاختلالات التي اعترت الامتحانات لهذا العام.

وفقًا للأرقام التي أصدرتها التربية أمس، بلغ عدد الطلبة في الفرع العلمي الحاصلين على معدل 95 ٪ فما فوق 5315 طالبا وطالبة، مقارنة ب 4433 طالبا وطالبة ما قبل الامتحان التكميلي.
أي أن هنالك 882 طالبا وطالبة استطاعوا رفع معدلاتهم في الامتحان التكميلي لـ 95 ٪ فما فوق.

بالإضافة لذلك، وكون نسبة النجاح المعتمدة الآن في التوجيهي هي أقل من الحد الأدنى للمعدلات التي تؤهل الطلبة للتنافس على القبول الموحد للجامعات، فمن الضروري جداً أن يتم تفنيد نسبة النجاح المعلنة والبالغة 60.2 % بشكل يوضح نسبة الطلبة المؤهلين للتنافس الجامعي من نسبة النجاح العامة.

مقالات ذات صلة

ومع ذلك، ومع هذا الاقتضاب في البيانات المتاحة، فإن عدد الطلبة المتقدمين لامتحان التكميلية والبالغ 92 ألف طالب وطالبة وفقا لمدير الامتحانات، والذي اعتبره مؤشراً على نجاح الامتحان، هو رقم كبير جداً من الطلبة الذين تقدموا للتكميلية، وفي حقيقة الأمر فإن هذه النسبة المرتفعة جداً تؤشر على وجود خلل حقيقي وتستلزم النظر في أسبابها.

من أهم أسباب ارتفاع هذه النسبة غياب أي معايير أو اشتراطات تقنن عملية التقدم للتكميلية، حيث أن الشرط الوحيد لذلك هو أن يكون الطالب مسجلاً لامتحان الثانوية العامة، بالإضافة لاحتساب العلامة الأعلى للمتقدم.

وعليه فإن كل من يمتلك رقم جلوس كان بإمكانه التوجه للامتحان التكميلي الذي يريد صباح انعقاد الامتحان دون الحاجة لتسجيل مسبق أو دفع أي رسوم، وبلا أي قلق او احتراز حول النتيجة فالعلامة الأعلى هي التي ستحسب، وعليه فقد كان لزاماً على الوزارة الاستعداد لاستقبال نحو 160 ألف طالب وهم المسجلون للثانوية العامة.

هذه التعليمات المتساهلة والفضفاضة، لا يتوقف أثرها على تكبد الوزارة تكاليف مالية باهظة لتمكنها من التجهز للتعامل مع هذه الأعداد الضخمة وحسب، وإنما هي ستؤثر لا محالة على سمعة الامتحان الوطني الأهم، امتحان الثانوية العامة الأردني الذي يتمتع منذ عقود بمصداقية وسمعة واعتمادية عالية لدى أعرق الجامعات في كل دول العالم، تأسست على سنوات طويلة من العمل الجاد بحرفية عالية ورصانة لا تضاهى.

الدعوة اليوم، لإعادة النظر في تعليمات وآلية امتحان الثانوية العامة بجميع تفصيلاته ومن بينها التكميلية، ليست مطلباً بهدف التشدد والتعسير على طلبتنا، إنما بهدف حماية امتحان الثانوية العامة الأردني من هذا التهديد الذي سيجعله في مصاف الامتحانات الوطنية الضعيفة لكثير من الدول العربية ودول العالم الثالث التي لم تستطع أن تؤسس لامتحان بقوة ومتانة امتحان الثانوية الأردني.

هذه الرصانة التي اكتسبها امتحان الأردن لم تأت بسهولة ولا بمحض صدفة أو محاباة، وعلينا أن نحارب من أجل الحفاظ عليها، وعدم السماح بتبديدها بكل هذا التراخي والتخبط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى