إن كنتم لا تريدون العنف/صالح عربيات

عندما يولد طفل أمريكي، وتتفتح عيناه على الدنيا، فإن أولى الصور التي يشاهدها في حياته هي صور (لطيفة): أم وأب يحضنان بعضهما بعضا و(يبتسمان).. وخال اسمه (جاك) يقوم بحركات بهلوانية لإضحاكه، وصور لـ(ميكي ماوس) و(سبيس تون) تملأ جدران غرفته، على عكسنا نحن العرب، فإن أولى الصور التي ترسخ في ذاكرة الطفل، أب وأم يتشاجران على طبخة اليوم، والاب يهدد أذا لم تطبخ له الآن ستكون طالقا بالثلاثة، وخال أسمه (عقاب) لم يضحك منذ انجلاء الاستعمار عن بلادنا العربية، وله شوارب كثيفة جدا قد تجد تحتها (صقر معشش) كدلالة على الرجولة والعنفوان والغضب، بينما على جدار الغرفة يتم تعليق صورة الجد المرحوم وقد أتشحت بالسواد الكامل كدليل على الحزن الأبدي، وبجانبها صورة للوالد وهو يمسك بيديه غزالا يقطر دما بعد أن نجح في اصطياده مسبقا وأراد توثيق اللحظة حتى تصحو العائلة صباح كل يوم على منظر الدم!!

حتى حين يتم تدليع الطفل الامريكي.. فلهم أسالبيهم الخاصة، مثلا يتم إخراجه الى حديقة المنزل في المساء ومداعبته على (المرجيحة) ودون أن يسمح له حتى بقطف زهرة، على عكسنا تماما، فنحن عندما يشتد عود الطفل فإن تدليعه يتم بتشجيعه على العنف و(بطح) أولاد عمومته، لذلك تجد أغلبنا في رأسه (شق) يشبه مضيق هرمز، وعندما نكبر ونسأل إن كنا تعرضنا الى عدوان ثلاثي وأصبنا في المعركة، يقولون لك: لا، هذا (الشق) في الرأس سببه اللهو واللعب مع أبناء العمومة، وهنا نسأل إن كان أبناء العمومة أقرباء لنا أم حلفاء مع داعش حتى يستببوا لنا بهذه الإصابة البالغة!!

لا تستطيع المناهج الدراسية أن تفعل شيئا، والطفل قد نشأ على العنف والدم والطلاق بالثلاثة على أتفه الأسباب، لا تستطيع الجامعات أن تفعل شيئا والخال (عقاب) مازال في الذاكرة متجشما وكأنه يريد أن يرعب أعداء الله ونحن في هذه السن أحباب الله، لا تستطيع كل المؤتمرات والندوات ووسائل الإعلام أن تفعل شيئا، والصورة قاتمة منذ كنا في المهد صبيانا!!

تريدون جيلا لا يعرف العنف والتطرف، فقط (اضحكوا)، ولا تتباهوا بالغزال المقتول، وأخفوا شوارب عقاب من الوجود!

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى