إلی فاروق ال٢٠١٩ / شبلي حسن العجارمة

إلی فاروق ال٢٠١٩

أما وقد بلغ الأمر فينا إلی حدّ ابتلاع أسيافنا وتهشيم رماحنا وصهر تروسنا حتی کسرت ظهور رکاٸبنا وأخصيت خيلنا کي لا تنجب ولا ترکض ولا تغير ولا حتی تصهل ،وما نجا منها فقد کدشته لحراثة الحقول وحمل أمتعة البرامکة وأعوانهم ،فإننا نکتب لك من مقابر علی شاکلة المداٸن والقری يقطنها شعبُُ مثل نمل سليمان الذي حطّمته بطانتك .
رعيتك التي باتت تصلي الفجر علی قطعة الکفن الذي صار مثلِ عصا موسیٰ ،يصلون عليه ويتسولون به ويقطفون حصاد الحاويات خبزاً وصفيحاً وزجاج وإذا ما ماتوا علی أرصفة الحاجة والتسول غسلوا کفنهم السحري واغتسلوا بشقاٸهم وتسجوا فيه ليصلوا إلی مثواهم الأخير قبل الزحام ودون إزعاج الزوامير.
نخط لك وقد قرقرت کل بطون أبناء رعيتك جوعاً وحرماناً وقد شبعت بطون ولاتك و وزراٸك وحاشيتك حد التخمة ،ونبعث لك وقد تعری أبناء الشهداء والمقاتلين وحرس الثغور من کل لبسٍ جميل وتجمدت أجسادهم من البرد والصقيع وقد تدثرت حاشيتك بعرق حرير الفلاحين وقطنهم وشموس صوف الرعاة وقد احتطبت کل أشجار الرعية المثمرة من خريفهم لتکن زوادتك ومن هم بمعيتك في الشتاءات القادمة ورفعت أثمان المعاول والفٶوس والحطب ، نرسل لك وقد أمسينا ندفع الجزية لبيت المال عن يدٍ ونحن صاغرون تحت بند الضريبة والخراج والأتاوة والخاوة ،وليتك حسبتنا مثل ذاك اليهودي الکهل الذي صادفته وأنت تجس الرعية حين کان يتسول المال حتی استوقفته أنت وغضبت من تسوله وهو شيبة نافت علی التسعين عاماً فقال لك ”أجمعها لأدفعها جزيةً لبيت مال المسلمين لأعيش“ ،فقلت قولك المشهور” أفنأخذها منهم صغاراً ولا نردها عليهم کباراً“ ، فقد أخذتم حتی أباٸنا من طفولتهم لکهولتهم واستمريتم بالأخذ منا دون شفقةٍ أو رحمة ولم تردوا لوالدي المجاهد سوی کفنٍ وحنوط وناقلة نعوش الموتی .
نکتب لك وقد کتب أهل إيلياء/ القدس الذين أعطيتهم أنت کل أمانات الأرض والسماء وعلی ظهر رقاعة جلد معاهدتك معاهدةً أخری بالمجازر والقتل والسجن والتشريد وسلب الأرض والتاريخ والهوية والإنسان، فبات أهل إيلياء علی موتٍ طاٸر وسجنٍ أسود وقاضٍ يمتلك من صنع الکيل والميزان والبضاعة ،معاهدةً مختومةً بکل خوف الأرض ورعبها ورعب السماء معاً.
لك الحال من بعدِ ما وزّرت وأمّرت الذين کانوا في ظلال القصور والجند تحت لهيب اللظی المستعر ، وقد کافأت أهل الظلال والخدور بکل متاع الحياة الدنيا ،ورميت أجنادك الذين حملوا کل ملکك وصانوه حرساً وعمالا وحراثين وصار سلاحهم بعد السيوف العصي وزوادتهم بعد معارق الخيل جراباً أسوداً بالياً نشف خبزهم وأفسد طعامهم .
وتيقن يا فاروق ال٢٠١٩ أنك بأمس الحاجة للزجاج أکثر من رٸيسٍ للوزراء ومعاونيه، حين صدقك الزجاج وکذّبك الحاجب ووزراٸك وعمالك من الساسة ، وأنك بحاجة أن تجس الرعية في الطرقات بنفسك في زمنٍ تحولت فيه الرعية لخولة بنت ثعلبة المجادلة والتي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات وهي تحاور نبينا ﷺ حين نهرها مرافقك العبد الجارودي ٢٠١٩ وهي تقول لك ” والله إني لأخبرك وأنت عمير إذ تصرع الفتية في سوق عکاظ وتأخذ المال ،ثم علا شأنك وکدت تفعل فعلةً تهلکك ثم صرت مع صاحبيك وعلا شأنك فاتق الله في الناس يا عمر “ فقلت له أنت إن کنت تذکر ” دعها يا جاروديِّ ،أتعرف من هذه؟ ،هذه خولة بنت ثعلبة التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات ألا يسمع لها عمر؟“، فابقَ کما أنت وتحول عن العبد الجارودي ومن شابهه الذين لا يريدونك أن تسمع أو تری أو تبصر.
شبعنا من حکاية قدرك وأدوشنا الحصی ونحن لا زلنا نرقبك من بعيدٍ تحمل علی ظهرك الذي لن يحمل عنك عليه غيرك خطايانا ودعواتنا وظلمنا وجوعنا وحرماننا فقد مللنا انتظار الحامل والمحمول .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى