إعزلوا عن الطريق هذا السـيل

بسـم الله الرحمن الرحيم
إعزلوا عن الطريق هذا السـيل
ضيف الله قبيلات

لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب و السـنة و اعتقدوا عدم الاكتفاء بهما عرض لهم من ذلك فساد كبير في فطرتهم و ظلمة في قلوبهم و محق في عقولهم, و عمتهم هذه الأمراض و غلبت عليهم حتى ربي فيها الصغير و هرم عليها الكبير فما عادوا يرونها منكرا.
ثم جاءتهم دولة قامت فيها البدع مكان السنن, و النفس مقام العقل, و الهوى مقام الرشد, و الضلال مقام الهدى, و المنكر مقام المعروف, و الجهل مقام العلم, و الرياء مقام الإخلاص, و الباطل مقام الحق, و الكذب مقام الصدق, و المداهنة مقام النصيحة, و الظلم مقام العدل, فصارت الدولة للفسـاد و الفاسـدين و هم من يشار إليهم بالبنان.
فإذا رأيت هذه الدولة قد أقبلت و راياتها قد نصبت فبطن الأرض و الله خير من ظهرها, إذ اقشعرت الأرض و أظلمت السـماء و ظهر الفساد في البر و البحر من ظلم الفجرة, فذهبت البركات و قلت الخيرات و تكدرت الحياة من فسق الظلمة, و بكى ضوء النهار و ظلمة الليل من الأعمال الخبيثة و القبيحة و شكى الكرام الكاتبون إلى ربهم من كثرة الفواحش و المنكرات و القبائح, و هذا و الله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه, و مؤذن بليل بلاء قد ادلهم ظلامه, فاعزلوا عن الطريق هذا السيل بتوبة نصوح و الباب مفتوح.
قال تعالى ” الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب”.
ــ عن كتاب الفوائد لابن قيم الجوزية بتصرف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى