أ.د حسين محادين في حوار مع سواليف يتحدث عن تأثير أزمة كورونا محليا وإقليميا وعالميا

سواليف – خاص – فادية مقدادي
مع امتداد تأثير أزمة كورونا عالميا وانتشاره على مساحة الأرض جميعها ، وما تبعه من آثار سياسية واقتصادية ومجتمعية ، وتغيرات بدأنا نلمس تأثيرها على الخارطة العالمية بشكل عام ، وانهماك القوى العظمى بمكافحة الفيروس ، وتركيز الجهود كافة للخروج من هذه الأزمة التي لم تترك دولة صغيرة ولا كبيرة ، ولا أحلافا ولا أوطانا ولا أعراقا إلا واجتاحتها ، بعد كل ما حدث منذ أمثر من ثلاثة أشهر من بدء انتشار فيرروس كورونا ، العديد من الأسئلة بدأت تفرض نفسها على العقول ، والتساؤلات في ظل حالة الانعزال الفردي والمجتمعي ، او على مستوى الدول ، والتواصل عن بعد الذي بات يسيطر على الأرض ، شملت الوضع عالميا وتغيرات موازين القوى ، وأثر الأزمة عربيا وإقليميا وشرق أوسطيا ، ولا ننسى أن المنطقة العربية ومحيطها كانت تشهد غليانا كبيرا ، إلا أن أزمة كورونا طغت على الأحداث نسبيا ، ولنقل أن أشكال التصعيد في المنطقة العربية والشرق الأوسط توقفت تقريبا مع ازدياد انتشاره وزيادة عدد الإصابات والوفيات ، وفي نفس الوقت تزايد المخاوف من عدم السيطرة على الأزمة .

للإجابة عن الكثير من التساؤلات ، قمنا في سواليف بمحاوة الأستاذ الدكتور حسين محادين عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة وعضو مجلس محافظة الكرك “اللامركزية ” ، وذلك في محاولة للوصول إلى رؤية مستقبلية عن الوضع العالمي الجديد لما بعد كورونا .

السؤال الأول للدكتور محادين حول تأثير أزمة كورونا أردنيا فقال :

اردنيا لابد من القول أن اجتياح الكورونا لمجتمعنا انما كان؛ تحديا وافدا علينا بدليل أن غالبية المتسببين كانوا قادمين من خارج المملكة. وكان الفايروس مفاجئ لنا ايضا بشكل اساس كدولة بكل مكوناتها واجهزتها المفخرة حقا، ورغم صعوبة هذه الجائحة، وللإنصاف فقد كانت القرارات الرسمية عبر تفعيل قانون الصحة العامة بكل ما نجم وما سينجم عنه من ضغوطات اقتصادية متنوعة في سبيل الحفاظ على المواطن وأغلى ما نملك فعلا، اقول، كانت هذه الإجراءات الوقائية والعلاجية معا من أرشق وانجح الاستجابات الوطنية من حيث دقة المواقيت وتستند لاختصاصيين عسكريين وجيش ابيض وتفهم المواطنين للحد من انتشار هذا الفايروس اللامرئي والعابر للجغرافيا والمعتقدات وغير المميز للتمايزات الاقتصادية والفكرية والتعليمية بين المواطنيين، لأن هدفة الأساس هو اغتيال قيم الحياة ومباهجها بقيادة الإنسان كقائد مستخلف ومُعمِر لها.
أما علميا؛ لقد صاحب هذا الفايروس اردنيا عدويان هما:-
ا- العدوى المرضية بخطورته الفتاكة بالجميع.
ب- العدوى الاجتماعية وهو ما يشبه “الرهاب الاجتماعي”نتيجة الظرف المفاجىء وضبابية هذا المرض وتجدد أعراضه في ظل عدم توصل عالمي الى دواء محدد للقضاء عليه، ما ساهم في الارتباك الاجتماعي الثقافي لدى الاردنيين في مختلف مناطقهم خصوصا مع بداية انتشار هذا الفايروس..وبالتالي يؤكد ما ذهبت إليه في أفتخار الاردنيين بتميز قدراتهم في التكيف ومحاصرة هذا الوباء مع مع ملاحظة قلة إعداد المصابين والحمد لله مقارنة مع الكثير من الدول التي لطالما صُنفت بالمتقدمة في هذا العالم..ولا ننسى الترتيب المتقدم الأردن ضمن الدول التي أفردت بسرعة ونجاح استراتيجياتها في تعاملها مع هذا الوباء.

السؤال الثاني كان حول النتائج المستخلصة في كيفية تعامل العرب والمسلمين مع هذا الفايروس..؟ فأجاب الدكتور محادين :

عربيا واسلاميا خصوصا في الدول التي شهدت وما تزال حروبا قبائلية بعد سكون الربيع العربي لسنوات، اقول ان هذا الفايروس قد عرّى وجوه الإنفاق العبثية غالبا في كيفية توزيع الإنفاق على الأسلحة والحروب والتي لا تقل فتكا وخسارات عن الكورونا ومصاحباتها المدمرة كحدِ خارجي ودولي في آن، ولكن بوجع اعمق ، لان هذه الحروب والاسلحة وجهت نفقاتها من أموال هذه الدول من الذات إلى ذاتها عربيا للاسف،خصوصا أن ما أنُفق على الأنظمة الصحية وحماية المواطنيين ومن ضرائبهم بالأصل كان رمزيا مقارنة بهول الإنفاق على وسائل الدمار .

السؤال الثالت الذي وجهناه للدكتور محادين حول أثر ارتفاع إصابات فيروس كورونا في الكيان المحتل والتي تعتبر من أكبر الزيادات على مستوى الشرق الأوسط فقال :

من الملاحظ أنم تم تسجيل أعداد كبيرة من المصابين عند الكيان المحتل والآخذة في الارتفاع خصوصا لدى (المتدينين) وهي اي “إسرائيل” المصنفة من الدول المتقدمة في الإنفاق على البحوث العلمية الطبية منها العسكرية ايضا، واستناد الى ما صاحب هذا الفايروس من انتشار إقليمي وعالمي ، كل ذلك ادى الى حالة كبيرة من الارباك لديهم ،بدليل ما نُشر عن طلبهم المعونة العاجلة من دول عربية واستجابة بعضها إضافة إلى ما قام به الموساد من جلب لأدوات طبية بكل الوسائل من خارج دولة الاحتلال من جهة، ومن الجهة المقابلة يمكن القول أن مفهوم التوازن العسكري مع الدول العربية قد استبدل مع الدول العربية ولو بالتدرج إلى علاقات اقتصادية متبادلة لمصالحهما البينية مع كل دولة على حِدا، اي أظهرت عدوى الكورونا عمليا واقع التحول بين إسرائيل ودول الاقليم من قانون الصراع بالمعنى التاريخي المؤجل الى واقعية الوظيفية المتبادلة والقائمة على التجاور إقليميا بهدف هزيمة الوباء المهدد لكل الناس بعيدا عن أي خلافات ، اي هزيمة الكورونا هي الاولوية الراهنة بين كل الاطراف وليس غيرها كما استنتج.

السؤال الرابع كان حول تأثير انتشار فايروس كورونا عالميا وما هي تداعيات هذه الأزمة على العولمة فأجاب د. محادين :

لابد من التذكير أن تسعينات القرن الماضي قد شهدت نضوج العالم الرأسمالي بنيويا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق إلى العولمة الاقتصادية كرأس حربة لسيادة القطب الواحد، وما لبث أن اتبعت العولمات أخرى، منها الاجتماعية والثقافية المحمولة على التكنولوجيا التي مثلت الايدلوجية الكونية”الارض والفضاء” الجديدة والمتسيدة لحياة البشر من خصصات / بيع القطاع العام دون الاهتمام او تأهيل الفقراء للعمل في سوق عمل بلا قلب، وحريات فردية، ونماذج الاستهلاكات المظهرية، تجارة السلاح ..الخ.
ولعدة عقود من تسيدها، اي لِما قبل اندلاع أو استقرار عدوى الكورونا التي تركزت في دول العالم الغربي كمركز العولمة و حقيقة تصدير هذا الفايروس منها بذات الوقت كأحد مظاهر الحرب الاقتصادية مع الصين والمغلفة بحرب جرثومية كما يبدو .
ولعل من أبرز ما يمكن استنتاجة من ارتفاع إعداد المصابين وكيفية تعامل أقطاب العولمة الغربية وراسها أمريكا تحديدا مع الكورونا، ماهو آت:-
أ-تراجع مكانة واهمية مضامين وتاثيرات ايدلوجية العولمة كقطب فكري واحد اخذ في التراجع وبعناوين مهمة تبنتها مثل قيمة وحقوق انسان، وتحالفات الاتحاد الأوروبي، و اهمية القانون الدولي الذي نكثته تلك الدول مع الأقرب لها . واقتصاديا عبر تعثر تدفق السلع والعِمالة جراء تحديد السفر وإغلاق المطارات بين دول العالم، ويستثنى من ذلك استمرار المكانة الاساسية للتكنولوجيا وتطبيقاتها في العالم.

ب- عودة الأهمية الاقوى للدولة الوطنية/ اي القطاع الخاص والمثال الصيني الذي نجح في هزيمة الكورنا وبالعكس من تفسيرها في الدول الأوروبية ،رغم أن النظام الصيني كان داىما مثارا لانتقاد المعولم من الدول.

ج- ارتفاع أهمية الأسرة التي كانت هدفا للتفتيت في الدول النامية من قبل الدول المعولمة عبر العديد من الاتفاقيات الدولية، وربط المساعدات بالحقوق الفردية وان كانت مخالفة لمنظومة القيم الدينية في العديد من الحضارات الرئيسية ، مثل حرية العلاقات الجنسية، المثلية، الاجهاض، العبور الجنسي للافراد، والجنس الإلكتروني…الخ.

وختم الدكتور حسين محادين حديثه بالقول : اعتقد ان جل ما كان سائدا قبل أزمة كرونا لم يعد قابلا من الناحية والوظيفية إلى الاستمرار لا بل سيتغير حكما نحو الاستثمار الأمثل لحواضر الوطن من رأسمال اجتماعي اي البشر والموارد الطبيعية ايضا، وبالتالي من هنا تكمن خطورة وصعوبة هذه الأزمة على مجتمعنا الأردني المتحول اصلا من الريف إلى حواف المدينة اذا ما استثمرنا هذه الجائرة لتصويب إيماننا الواعي الآن بأن تفاعلها مع اي أخر يجب ألا ينسينا خصوصية امكاناتنا الغنية المترجمة لمصالحنا في زيادة استغلال الأرض والطبيعية معا..وإننا ايضا جزء من هذا العالم المتراجع جراء عدوانية الكورونا من سيادة العولمة المكبلة للجميع الى العالمية الأكثر تحررا في اختيار وصياغة علاقاتنا المتبادلة مع دول العالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى