أي شباب وأي مساحة ؟!

أي #شباب وأي #مساحة ؟!

المهندس : عبدالكريم أبو زنيمة
تنتشر هذه الأيام في المدن والشوارع الرئيسية لوحات إعلانية تدعو الشباب والمرأة لحجز مساحة في #المجلس_النيابي القادم من خلال المشاركة الفاعلة في العملية السياسية وتحضهم على الانخراط في #الأحزاب ، لكن السؤال الكبير هو : ما هي الأحزاب المقصودة ؟! هل هي الأحزاب الأيدلوجية والعقائدية أم الأحزاب المهندسة والمبرمجة أمنياً ؟!
بداية لا بد من التأكيد على أن البيئة السياسية أقرب كثيراً للعرفية منها للديمقراطية ” الشكل ديمقراطي لكن المضمون أمني ” أو كما يقول المثل ” من برا رخام ومن جوا سخام ” ، التعديلات الدستورية والتشريعات الناظمة للحياة السياسية لن تفضي إلى تحقيق مبدأ (الشعب مصدر السلطات) وإنما هناك جهات ومراكز قوى هي من تُعدّ وتقرر وتنفذ نيابة عن الشعب ، أما المساحات داخل المجلس النيابي والحصص فتحددها أيضاً ذات الجهات ومراكز القوى ، العملية الانتخابية برمتها هي أشبه بمسرحية يتحكم بها ذاك المتخفي ” المخرج” الذي يجلس في زاوية مرئية للممثلين ومخفية عن الجمهور ويصدر توجيهاته وإشاراته للممثلين لأداء أدوارهم ، هو من يختارهم وهو من يقرر لهم الأدوار ! والجمهور ” الشعب ” يصفق !
عقود من الزمن حُكمت البلاد بالذهنية العرفية قيدت فيها الحريات وكممت الأفواه وطوردت الأحزاب الأيدلوجية ، لا زال أحفاد أولئك الحزبيين يعانون بجريرة أجدادهم وآبائهم وحتى يومنا هذا الأمر الذي يجعل من انتساب الشباب من الجنسين لهذه الأحزاب انتحاراً، مؤسسات المجتمع المدني والنقابات المهنية لا زالت ملاحقة أمنياً ، التشريعات المُكممة للأفواه والمقيدة للحريات أكثر من أن تحصى ، خيرة أبناء الوطن وأكثرهم إخلاصاً وانتماء ومحبة لهذا الوطن يساقون للمحاكم بتهم وطنية ” الدفاع عن الوطن أصبح تهمة” في الوقت الذي فيه كل اللصوص وتجار الوطن والمهربون يتسيدون ! إذن المقصود هو تحفيز الشباب على الانخراط في الاحزاب المهندسة والمبرمجة أمنياً !
عن أي شباب تتحدثون ؟! عن أبناء الذوات الذين نهب آباؤهم البلاد والعباد وأكثروا فيها الفساد ويعينون في مراكز ووظائف مرموقة مخصصة لهم برواتب فلكية فور تخرجهم أم عن أولئك الذين أفقدتموهم الأمل بحياة كريمة ؟! أولئك الذين أصبحوا فريسة للإدمان ؟! أولئك الذين تجاوزت أعمارهم 35 عاماً وهم يتنظرون فرصة عمل ؟! اي مساحة تقصدون أن تحجزها المرأة الغارمة وفي أي سجن ؟! أية مساحة ستحتلها تلك النسوة المطلقات ؟!وكان السبب الرئيس في طلاقهن الظروف الاقتصادية – تلك المرأة التي أصبحت جدة وهي تنتظر فرصة عمل !
كفى كذباً وكفى شعارات زائفة ، لن نخطو خطوة واحدة للأمام ما دمتم تسيرون وتديرون الوطن بهذا النهج ، العالم كله يتغير من حولنا ويبحث عن فرص وآفاق للتطور إلا نحن لا زلنا نعيش في ذهنية القرن الماضي وأوهام التآمر وألاستهداف والتضليل والتبعية والاستجداء ، سمعنا الكثير والكثير بأننا نبحر إلى بر الأمان والنتائج كانت دوماً غرق سفننا – أما آن الأوان لاستبدال طواقم الإبحار ؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى