أول الربيع

من يزهر أولا ينضج أولاً هذه قاعدة الطبيعة

أول الربيع
مقال الثلاثاء .. 15 -10 – 2019
بما أن تونس أول الربيع العربي ، فمن الإنصاف ان تكون أول من يقطف الثمار ، من يزهر أولا ينضج أولاً هذه قاعدة الطبيعة … تونس التي بدأت التغيير بــ”عربة” فقيرة مصنوعة من ألواح خشب واطار مستعمل ،ليقايض صاحبها بعض الخضار بالخبز ،طافت مشتعلة معظم العواصم العربية وستطوف ما تبقى منها، اذا لم تستوعب الأنظمة المنهاج التونسي..فعندما يصل الجشع بالسلطة أن تزاحم الفقير على استدارة رغيفه أو عجلة رزقه حتماً ستدور عربة التغيير..
كان العرب أمس من المحيط إلى الخليج يتابعون نتائج الانتخابات على الشاشات ، كما يتابعون الضربات الترجيحية في مباراة نهائية لأي منتخب عربي ..عاطفة العروبة ،التوق الى النصر، الخروج من جلد العبودية الأسود ، رؤية أولى قطرات الفجر الجديد ولو من تونس كانت كفيلة ان تفرح 300 مليون عربي في منازلهم …كل العرب بالأمس كانوا يتمّنون أن يكونوا “توانسة” لا لأنهم يرون رئيساً جديداً في القصر الحاكم، ولكن لأنهم متعطّشون لأن يمارسوا الذهاب الى صندوق الانتخاب قناعة لا خوفاً، حباً لا كرهاً، يذهبوا الى الصندوق دون أن تراقبهم الشرطة السرية او المخابرات أو أجهزة الدولة..فالصوت الحر يصنع فرقاً، لا يمحى ولا يزور ولا يمزّق في غرف الفرز..العرب كل العرب كانوا يهتفون لنجاح تونس..متمنين أن تنتقل هذه العدوى الايجابية الرائعة كما انتقلت عربة البوعزيزي بين العواصم!.
قراءة سريعة في انتخابات تونس: في الجولة الأولى كانت النتائج مفاجئة للجميع ،حتى المرشّحين أنفسهم ، فقد فشل كل مرشّحي الأحزاب الكبيرة والقوى التقليدية بالوصول الى الجولة الثانية ، ووصل الى الجولة النهائية شخصان غير معروفين : الأول مسجون على قضايا فساد “وهذه مفارقة” والثاني أستاذ جامعي مغمور لا يعرفه أحد..كل المحللين أجمعوا وقتها ان التصويت الذي قام به الشعب التونسي هو تصويت عقابي..أي انه انتخب المغمورين نكاية بالحزبيين وبالقوى التي لم ير منها خيراً طيلة سنوات الحكم السابقة..وعندما اكتشف “التوانسة” خطورة ما جرى في الدورة الأولى..استيقظوا بالدورة الثانية وأجبرهم الخوف من إعادة انتاج “بن علي الجديد” تحت اسم نبيل القروي، الى كثافة التصويت لصالح “قيس بن سعيد” وبهذا الوعي الفارق والضروري والحاسم ..صّوب التوانسة أخطاءهم في الجولة الثانية واختاروا الرجل الحقيقي الذي يجب أن يكون قائداً للمرحلة..
في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تثبت تونس أنها قبلة الحرية العربية و”معمل” الديمقراطية والمدنية…إذا أردتم نموذجا عربيا…انصبوا “تلسكوباتكم ” شطر تونس!

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. و اين نذهب بنموذج القائد المغوار المهلم الذي لا يخطا ابدا و ان ظن احد انه اخطا فيجب محاسبة صاحب الظن هو من يعاقب لسؤ ظنه

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى