أولويات الحكومة / سلامة الدرعاوي

أولويات الحكومة

اِعلان الحُكومة لأولَويّاتها التنمويّة خلال العامين المُقبلين 2019-2020 في دلالة واضحة على أنها تسعى لِتأطير خطةِ عملٍ واضحة تكون معياراً ومقياساً لأدائها، وهذا حقٌ لها لإيضاح إنجازها او إخفاقها، ومن ثمَ يكونُ تقييمها على أُسُسٍ واضحة هذه المرّة.
برنامجُ الأولَويّات الحُكوميّة يُركّزُ على الامن المعيشيّ للأردنيين وتعزيز الخدمات المُقدمة للأسر، والارتقاءُ بِجودتها في مختلف القطاعات، مَدعومة بمعايير زمنيّة ومقاييس للأداء، والإعلان بِجدية على مُحاربةِ الفساد الإداريّ، والحفاظ على المال العام ومحاسبة المُقصرين وكل من تشوبه شبهة الثراء الفاحش.
كُلّ ما تقدمت به الحكومة من أولَويّات هو في الحقيقة اِعلان واضح المعالم لا يمكن لأي ناقد، ان يوجه سِهام النقد له كبرنامج لأنهُ تعهد رسميّ مرهون بمعايير زمنية واداء بالدرجة الأولى.
لكن هذا الأمر يواجه تحدّياً واضحاً وهو التنفيذ، فالانطباع السائد لدى الجميع أن هذه الخطة ستلحقُ بباقي نظيراتها الخطط السابقة التي اعلنتها الحُكومات المُختلفة والتي للأسف لم ترى النور، ولم تخرج من ادراج المسؤولين.
هذه المرّة ليس للحكومة اعذار في عدم الإنجاز والتنفيذ مما أعلن عنه رئيس الوزراء، فقانون الضَريبة سَيُقرّ في القريب العاجل، وبالتالي لن يكون للحكومة أيّة حجة من أن هُناك عراقيل تواجهها في الحصول على المساعدات والمنح واعدة لجدولة مديونيتها، وتعزيز الاعتماد على الذات، والسؤال الذي يُطرح في هذا الخصوص، هل حققت الحكومة الهدف الماليّ الأساسيّ لهذه السنة من اِتفاق الصندوق والبالغ قيمته 520 مليون دينار؟، لان تحقيقَ هذا الرقم يُعطي دلالة واضحة على ما سيتحقق العام المُقبل، وإلا ستكون النتائج سلبيّة للغاية على الخزينة، حينها لن يَقوى قانون الضَريبة الجدي على دفع الإيرادات المحليّة للأمام.
تنفيذُ أولويّات الحُكومة مَرهون بقناعة وكفاءة الجهاز التنفيذيّ في القطاع العام ومدى إيمانه بهذه الخطة واصراره على الوصول إلى أهدافها الكُليّة، وهذا مُناط بمدى فهمهم وقدرتهم على ترجمتها إلى واقع يلتمسه الجميع.
تَوفير فرص عمل بمقدار 30 الف فرصة رقم مَنطقيّ، لكن هل سيكون هذا ضمن قُدرة القطاع العام؟، إذا كان كذلك فان الأمر بحاجة إلى توضيح عن القطاعات التي تقوم الحكومة بخلق الوظائف من ضمنها، وإذا كان الأمر يتعلق بوظائف في القطاع الخاص فان الأخير بحاجة إلى جُملة كبيرة من التسهيلات والحوافز التي بإمكانها تخفيف الأعباء عنه وبالتالي المُساهمة في توسعّةِ انشطته، وهذا الأمر فيه تحدٍّ واضح له خاصة بعد اقرار قانون الضريبة الذي يرى القطاع الخاص أنه يُحمله اعباء ماليّة جديدة.
كما أن التوقعات الإيجابيّة لنمو الصادرات بنسبة 5 بالمئة هي أصلا مُنسجمة مع توقعات قانون الموازنة لسنة 2018، لكن هل بالإمكان حتى تحقيق هذه نسب المتواضعة خاصة وان الأسواق التقليديّة للصادرات الوطنيّة مثل العراق وسوريا تُحيط بهما عوامل سياسيّة كبيرة تحدّ من عودتهما إلى ما كانا عليه سابقا بالنسبة للاقتصاد الاردني.
تَعديلُ قانون الكسب غير المشروع خطوة اصلاحيّة إيجابيّة مُهمة لا يستطيع احد إنكارها، لكن الأمر هو الآخر بحاجة إلى إرادة صلبة للتنفيذ اكثر من التعديل نفسه، لأنه لم يسبق تنفيذ القانون السابق وتفعيل بنوده.
نعم لن يكون هناك اعذار للحكومة في انجاز تعهداتها، خاصة وأنها أعلنت قبل تقديم مشروع قانون موازنة 2019، بمعنى أن كافة المخصصات الماليّة موجودة ومرصودة لبنود برنامج الأولويّات، وبالتالي لن يكون هناك حجج بعدم توفر التمويل، وهذا شيء إيجابيّ إذا ما تم التنفيذ بشكلٍ مُناسب ورشيد، وغير ذلك ستضاف هذه الخطط الي سابقاتها في ادراج الحكومة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى