بعد فترة عقم طويلة ، يفرح الزوجان أحيانا بمولود ما، فلا تتسع الدنيا لفرحتهما وفرحة الأهل والأصدقاء. ويصرون على العناية به بشكل استثنائي ووضعه داخل ماكينة الخداج، على سبيل الحرص المطلق، وبعد الخروج من المستشفى بالسلامة تتم إقامة الأفراح والليالي الملاح، ثم يتفرغ الزوجان للعناية بفلذة الكبد والروح والغدة المعثكلة.
تتم رعاية المولود بحرص شديد وبكرم أشد، حيث يتم تسخير كامل مدخولات الأسرة لتدليل وتنفيذ طلبات الطفل الذي ينمو في جو من الأشخاص الذين يعتنون به ويحرصون عليه ويغفرون له جميع خطاياه وممارساته الشاذة ……..!!
الطفل ينمو مدللا على الأخير، ويعتقد أن من واجب الآخرين تنفيذ جميع طلباته، فيكبر دلوعا و(ينجلق) ع الأخير… وتكثر طلباته ورغباته وتتزايد تكاليفها وكلفتها، سيما وأنه اعتاد على الأفضل ويطالب بأفضل الأفضل … !!
مثل هذا الطفل يسمى باللهجة الدارجة (ابن عوزة) أو (ابن العوزة)… ابن العازة و الحاجة الشديدة له. لذلك يقولون عن كل مدلل ومجلوق … ( مالك صاير مثل ابن العوزة؟؟).
نعترف على رؤوس الأشهاد بأن البرلمان كان ابن عوزة بالنسبة لنا …نحن الذي شخنا قبل أن نشهد انتخابات نيابية .. بعد أن افتقدنا أية تجربة برلمانية حقيقية منذ عام 1956 حتى عام 1989 حيث بدأت التجربة البرلمانية الحديثة.
كان البرلمان ابن عوزة … فدللنا السادة النواب ، ولم نحاسبهم ، ولم نراجعهم ، ولم ندقق في تلك التناقضات الفاحشة بين ما قالوه في برامجهم الانتخابية وبين ما (لم يقولوه) تحت القبة…. بين الوعود والممارسات.
دللّنا النواب، فانجلقوا أكثر وأكثر، وشرعوا يتمنجقون على الناس، وأهملوا أدوارهم الرقابية والتشريعية، وتفرغوا للجاهات والعطوات والطبايخ المتبادلة مع الحكومات.
لا أجيد صياغة القوانين، لكنني أعتقد بأن من حق الشعب الحصول على آلية ما لمحاسبة نائبه ونوابه كل سنة، ولو على سبيل إجراء استفتاء حول اداء النائب دوريا.
هذا ما سوف يحسن من أداء النائب، ويخوّفه من الرقابة الشعبية، خصوصا إذا كان ينتوي الترشح لدورة قادمة.
إلى أن نتفق على طريقة لمحاسبة نوابنا، فسوف نبقى على أهبة المعاناة من أولاد ………………………………العوزة.
