الأداء الحكومي والرقابة / سلامة الدرعاوي

الأداء الحكومي والرقابة

واضح أن الحكومة الحالية تعمل بالميدان أكثر من غيرها، وزيارات الرزاز الأخيرة وعدد من وزرائه لبعض الدوائر والمؤسسات الرسميّة الخدميّة مؤشر على قناعتهم بتطوير الخدمات المُقدمة للمواطنين طالما هم من يتحملون هذا الكّم من الضرائب والرسوم لِمُعالجة التشوهات في الاقتصاد وسوء الإدارة الحكوميّة للاقتصاد.
لكن الرقابة الحكوميّة على أدائها يتباين من حُكومة لأخرى آخرها ما خرجت به الحكومة من مشروع المتسوق الخفيّ الذي يجوب بين دوائر الدولة الخدميّة ويقدم تقاريره للمعنيين «تحديدا الرئيس»، لكن هل هذا العمل هو عمل مؤسسيّ في الدولة؟
في عام 2003 استحدثت الحكومة وزارة جديدة معنية بمتابعة ومراقبة الأداء الحكوميّ، وكان هدفها الرئيسيّ هو تعزيز الأداء الرسميّ لموظفي الدولة، ورفع كفاءتهم وزيادة اتصالهم وتفاعلهم مع المواطنين.
بعد خمس سنوات اختفت الوزارة ولم تعد موجودة وأنيطت مسألة الرقابة على الأداء الحكوميّ إلى مؤسسات كانت بالأصل قائمة مثل ديوان المحاسبة وديوان الرقابة وديوان المظالم، علماً أن مجلس النوّاب هو صاحب الولاية الدستوريّة في فرض الرقابة الشاملة على جميع أشكال العمل الرسميّ.
مع تنامي عدد المؤسسات المعنية بالرقابة، والتقارير الإيجابيّة التي يرفعها السادة الوزراء إلى الرئيس حول أعمال وزاراتهم، إلا أن الشكاوى من كافة القطاعات الشعبيّة والاقتصاديّة لا تنقطع ضد المسؤولين ومؤسساتهم.
اذا استمعت إلى الصناعيين فهم لا يتوانون في نقد اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها الأردن مع دول العالم والتي أثرت على صادراتهم سلباً، مثل اتفاقية التجارة الأوروبيّة المتوسطيّة، حيث وصلت صادراتنا الوطنيّة إلى الأسواق الأوروبيّة في أحد الأعوام 65 مليون دينار بعد أن كانت تتجاوز في بعض المراحل الـ «100» مليون دينار، وغيرها من الاتفاقيات التي أضرت بالصادرات الاردنيّة.
وعندما تستمع إلى آراء المواطنين حول الخدمات الصحيّة فانه من النادر من تجده يشيد بتطور هذا القطاع، ويشتكون على الدوام من نقص التخصصات والدواء وضعف التغطية التأمينيّة.
واذا التقيت بأرباب العمل فأنهم دائما وأبدا يشتكون من سلبيات الإجراءات الرسميّة من ناحية التشدد تجاه العمالة الوافدة في الوقت الذي لا توجد فيه عمالة محليّة مؤهلة.
صحيح هناك تقصير في العديد من الخدمات الرسميّة وضعف في عملية الأداء العام، لكن لا بد من الاعتراف أن هناك تطوراً ملحوظاً ونوعيّاً في كثير من القطاعات الرسميّة رغم محدوديّة الموارد وقلة التمويل.
في الحقيقة أن الرقابة على أداء الحكومة هي مسألة تضامنيّة ومشتركة بين كافة مؤسسات الدولة خاصة السلطة التشريعيّة، وفي هذا الصدد الكُلّ رأى ضعف الإداء الرقابيّ للنوّاب على السلطة التنفيذيّة، حيث تركّزت أعمالهم على المطالب الخدميّة والشخصيّة البعيدة كُلّ البعد عن المصلحة العامة.
وعلى الرغم من كُلّ تلك الملاحظات والشواهد التي لا يستطيع أحد أن يتجاوزها يقدم الوزراء المعنيون تقاريرهم للرئيس على اعتبار أن الأمور تسير على ما يرام، لنرى بعد ذلك أن جلالة الملك يقوم بنفسه وبشكل مفاجئ بالاطلاع على واقع الخدمات التنمويّة للمواطنين لنتفاجأ بتقصير كبير من جانب هؤلاء الوزراء الذين لم يتفضل بعضهم بزيارة ميدانيّة مفاجئة للمؤسسات التي يشرفون عليها.
بما أن هُناك مؤسسات رسميّة معنية بالرقابة على العمل الرسميّ، فمن المفضل أن تتطور آلية الرقابة من الإطار النظريّ إلى مرحلة المحاسبة الفعليّة لِكُلّ من يُقصّر في الخدمة العامة مهما كانت مستوياته الإدارية، هذا أمر يُساهم في زيادة الانتماء من المواطنين تجاه مؤسساتهم من جهة، ورفع كفاءة العاملين من جهة أخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى