“ألقاب !!” / د. محمد شواقفة

“ألقاب !!”

لا تبدو لي ظاهرة صحية أبدا التمسك بالألقاب في تعاملنا اليومي …. و ربما أنني فعلا غايب فيلة و بدأت أفتقد حسي الإجتماعي المحلي ….

يرن الهاتف من صديق عتيق … يبدأه : بكيفك يا باشا ؟! أو طمني على عطوفتك ؟! …. و أنا لا أعرف ما اللائق فعلا للرد على هذه التوصيفات التي لا قصد منها إلا اشعاري بأنني فعلا مهم له بطريقة ما …. تلتقي برفاق دراسة و يلجمونك فعلا بالخطاب: بنفس الاسلوب … فتجد أن هناك حاجزا زمنيا قد تم بناءه ليصبح كنيتك : أبو المنذر أو دكتور …. و الورطة أنك ملزم بالرد بنفس الطريقة …. و كثير من الأحيان فعلا لا تكون تعرف كنية ذلك الرفيق أو الصديق …..

أجد كثيرا من المجتمع يسمي والديه بالحجاج …. زرت الحجي و ذهبت إلى الحجة فقط ربما لكبر سنهم أو كدلالة على المحبة و الاحترام …. مع أنه قد يكون في معظم الحالات لم يتمكن أحدهما أو كلاهما من الحج ….. و لا أعلم فعلا سببا مقنعا لعدم إستخدام : أمي و أبي … و يزيد الأمر طرافة الاشارة للزوجة بكلمة : العيلة …. فقد تجعلك تدخل في متاهة … سنزوركم أنا و العيلة …. فهل هذا معناه حرفيا أن الزيارة ستكون شاملة جميع افراد العائلة أو – و هو الغالب- أن الزوار فقط اثنان هو و زوجته ….. و قد لا حظت في كثير من بطاقات الافراح هذه الايام لا تزال تذكر اسم العريس و لا تذكر اسم العروس و يتم استبدال الاسم بمصطلحات: كريمته أو أميرته …. و فعلا لا أجد أن ذكر إسم العروس أو الزوجة فيه خروج على المألوف أو أنه من موجبات الحياء … فما هو إلا إسم لا يشكل عيبا إو لا سمح الله يخدش الحياء …و ربما تكون الامور أقل وضوحا عند وفاة أحدهم فتجد الألقاب تتوالى …. فمثلا كان هناك المغفور الحاج الدكتور العقيد الركن المتقاعد فلان ..أبو الدكتور علان … و اذا كانت سيدة فتزيد عليها كلمة حرم.

مقالات ذات صلة

و نجد نفس الامر عند مخاطبة الحرفيين … فليس من اللياقة أن لا تقول للعامل يا ” معلم ” و أحيانا ” أستاذ” و اذا كان تقنيا فقد يصل الامر ” باشمهندس” … و قد لاحظت تلك الألقاب متداولة بشكل كبير لدى منتسبي القوات المسلحة و لها معاني و دلالات … و هي دقيقة فالباشا لرتبة معينة و كذلك البيك … و لاأعلم لماذا تم إسقاط رتبة أفندي ليستأثر فيها ذوي الرتب الأدنى … و رغم أنني أحاول الانطواء اجتماعيا لكنني شهدت بعض الجاهات و بيوت العزاء و سمعت ألقابا كثيرة تتطاير كالشرر .. كسعادة و عطوفة و شيخ و باشا و بيك … و كثير منها تفخيما و تضخيما لا يمت للواقع بصلة.

أحزنني جدا وصول هذه الآفة لمجتمع الجامعات … رغم أن لقب دكتور هو مهني بامتياز و يدل على تحصيل أكاديمي و لا علاقة له بالمجتمع لكنه ايضا بات صفة اجتماعية تعطي صاحبها مكانة مميزة و خصوصا اذا كانت برتبة الاستاذية فلا تكتف بمخاطبتهم بدكتور كأقرانهم …بل عليك أن تعرف عليهم ب”الأستاذ الدكتور” …. في كل مقام و مقال .

فعلا انني محتار كيف سنخاطب حجاجنا من الحكومة…. معالي الحاج الدكتور … أبو فلان …. أو الحاج الباشا العميد المتقاعد ….أو عطوفة الحاج أبو فلان ….نحتاج قاموس لكي لا نظلم أحدا…. أهم شئ ما تنسونا من المسابح !!

“دبوس على الألقاب ”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى