الكهرباء بين النظام العصري والتخلف الحصري

بقلم: د. محمد حسن الزعبي

إن نظام الكهرباء بمنظوره الحديث هو أكثر من مجرد توليد ونقل وتوزيع للكهرباء. إن النظرة العالمية لقطاع الكهرباء تتلخص باعتباره منظومة اقتصادية تتكون من أصول مملوكة ومصنعين ومزودي خدمة ومسئولية رسمية تعمل سويا” لتأمين نظام كهربائي بوثوقية عالية.
إن نظامنا الكهربائي في الأردن يتقادم ويتآكل وقد تعرض لهزات عديدة بعضها علم به المواطن وبعضها لم يعلم بها. هذه الهزات دفعت النظام الكهربائي للعمل خارج أطره التصميمية التي بني عليها وغابت عنه الدراسات التي تقيم أداءه وتم العبث ببرامج صيانته لا سيما الوقائية منها والأخطر من ذلك كله تولى إدارته رجال لا يهمهم إلا وأد العيوب وعدم كشفها للعامة فسالت المياه من تحت سجادتهم وباتت مخرجات النظام الكهربائي محط النقد لمن يعرف ولمن لا يعرف.
إن التوجه نحو نظام كهربائي عصري وشبكة كهربائية ذكية باستخدام التكنولوجيا الحديثة والمعدات المتطورة وتوظيف التحكم الرقمي والاتصالات البينية والبرامج الحاسوبية التي تتكامل فيما بينها سيمنح المواطن فرصة للاستمتاع بخدمة كهربائية موثوقة وذات كفاءة عالية وتقلل من تكرار الانقطاعات ومددها مما يخفف من تأثير العوامل الجوية ويعيد التزويد الكهربائي إلى وضعه الطبيعي بزمن أقل.
أما المواطن فيستطيع من خلال المنظومة الكهربائية الحديثة إدارة استهلاكه للكهرباء والتحكم بفاتورته بطريقة أفضل حيث تتوفر له الوسائل الحديثة للوصول إلى المعلومات والبيانات الكهربائية التي يحتاجها. إن الشبكات الذكية تؤمن للمشترك دور فاعل في تحديث المنظومة ولكن يسبق هذا وجود نية صادقة للتغيير والتخلي عن الفردية والتسلط على المواطن وحكم القوي على الضعيف.
تستطيع شركات الكهرباء الاستفادة من النظام الكهربائي العصري بتحسين أمان واستقرارية النظام وتقليل أحمال الذروة الكهربائية وتعزيز ربط أنظمة الطاقة المتجددة مع شبكات النقل والتوزيع وتقليل التكلفة التشغيلية للنظام. لذلك على القائمين على قطاع الكهرباء التخلي عن تفكيرهم الحصري إذا أرادوا أن ينتقلوا إلى النظام العصري
إن تطبيق تقنيات الشبكات الذكية يتطلب نظام اتصالات ثنائي الاتجاه وأنظمة تحكم ومعالجات رقمية وهذه التقنيات المتقدمة تتضمن مجسات متخصصة تسمح لمشغل النظام الكهربائي بتقييم استقرارية الشبكة وتتضمن أيضا أجهزة قياس رقمية متقدمة تستطيع أن تعطي المشتركين معلومات دقيقة وتقارير عن الأعطال وتتضمن أيضا” أجهزة حماية كهربائية تتحسس الأعطال وتعالجها ذاتيا”. كما تتضمن وسائل تخزين الطاقة واسترجاعها عند حدوث الأعطال بشكل يريح المواطن.
وأخيرا”، إن التحول المطلوب للشبكة الوطنية يرافقه تحديات وفرص من أجل رفع قدرة نظام التزويد الكهربائي الأردني. إن المكون الحرج في تحديث المنظومة الكهربائية الحالية هو الجهد المطلوب أثناء التنسيق والبحث العلمي الجاد وتنفيذ خطوات التطوير والتي يجب أن يشارك بها القطاع العام والخاص. إن التغيير ليس تصريحا” لوزير ولا وعدا” من مدير ينتهي مع عهده القصير بل هو التزام دولة يتابعه شعب قوي وقدير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى