على مكتب رئيس الوزراء / أ .د أنيس خصاونة

على مكتب رئيس الوزراء
كف يد المسئولين المحولة قضاياهم إلى مدعي عام الفساد عن العمل
الأستاذ الدكتور انيس الخصاونة
يدور في الأوساط الأكاديمية والقانونية جدل قانوني واسع حول ضرورة وقف المسئولين العامين الذي تم تحويل قضاياهم إلى مدعي عام الفساد وذلك نظرا لشبهات تتعلق بإساءة استخدام السلطة والتربح من الوظيفة العامة .ويأتي هذا الجدل ضمن سياقات تشريعية وقضائية وإدارية حيث أن استمرار الموظفين العامين الذي يواجهون شبهات فساد في مزاولة أعمالهم ربما ينطوي على إمكانية إخفائهم للمعلومات الضرورية لإثبات أو نفي التهم الموجهة إليهم وإمكانية التأثير على العاملين في مؤسساتهم في حال استدعائهم للتحقيق والشهادة من قبل الهيئات القضائية المختصة ،والأهم من ذلك كله فإن استمرار المسئولين المحولة قضاياهم إلى مدعي عام الفساد في ممارسة أعمالهم بشكل اعتيادي يمكنهم أن يتخذوا الكثير من القرارات والإجراءات الانتقامية من زملائهم الذين أسهموا قولا أو نشرا أو تلميحا أو تصريحا بشبهات الفساد التي تكتنف تصرفات وممارسات هؤلاء المسئولين .
كيف يستقيم الأمر أن يترك مسئول مالي على سبيل المثال في مزاولة عمله واتخاذ قرارات مالية أو محاسبية هامة يمكن أن تخفي دليلا على شبهات فساده وممارساته ؟كيف يمكن أن نستوعب مسئول عام سواء في الوزارات أو الجامعات ومؤسسات التعليم العالي كيف يمكن أن يستمر في مراقبة جودة العملية الإدارية والتعليمية في مؤسسته أو جامعته إذا كان هو نفسه لديه قضية شبهة فساد حول تدخله في علامات الطلبة وخصوصا إذا كانوا هؤلاء الطلبة من خاصته وذويه؟؟ ويكفي أن نشير هنا إلى قيام احدى القيادات في مؤسسة جامعية بالطلب من أحد العاملين في الجامعة أن يقدم شكوى بحق زميل له سبق وأن كتب مقالات ناقدة متصلة ببعض الممارسات الإدارية لمسئولين في الجامعات الأردنية ليتمكن من الإنتقام وتوجيه عقوبات لمن تجرأ بالكتابة حول مثل هذه الممارسات !!!
نعتقد بأن لهذا الجدل ما يبرره من الناحيتين القانونية والإدارية وهو جدل يستأهل منا التوقف عنده مليا خصوصا وأنه من الممكن لا بل ومن الضروري أن يكف يد المسئول الذي يتم تحويل قضيته لمدعي عام الفساد على أن يتم تفويض صلاحيات الرئيس أو المسئول إلى نائبه أو أحد نوابه لحين الانتهاء أو البت في شبهات الفساد لذلك المسئول .والحقيقة أن هناك سوابق عديدة في التاريخ القضائي الأردني في وقف المسئولين عن العمل لحين البت في شبهات الفساد ونذكر هنا على سبيل لمثال لا الحصر جامعة البلقاء التطبيقية التي تم فيها وقف رئيسين للجامعة عن العمل لمدد ناهزت شهر او أكثر لحين انتهاء المداولات وصدور أحكام البراءة أو الاتهام والمسئولية لهؤلاء الرؤساء وكذلك الأمر في جامعة مؤتة.
نعتقد أن رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي الذي أدلى بتصريحات متعددة عن مكافحة الفساد ، وتشديده على أن يتخذ القانون مجراه يستدعي الأمر منه أن يتخذ قرارا إداريا بعد أخذ المشورة القانونية من المعنيين مثل وزير العدل ، ورئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ، ورئيس ديوان التشريع لوقف الموظفين العامين الذين يشغلون وظائف قيادية في الوزارات والجامعات والمؤسسات العامة وقفهم عن العمل مؤقتا لحين الانتهاء من كافة الاجراءات القضائية التي تحكم بمسئوليتهم أو براءتهم من شبهات الفساد التي وجهت إليهم. نعتقد أن مثل هذا الإجراء يمكن أن يفضي إلى الحيلولة دون تمكين المسئولين الذين يعتقد بارتكابهم شبهات فساد من إخفاء أدلة أو طمس معلومات أو التأثير المادي أو المعنوي على الشهود أو العاملين لديهم ممن يمتلكون المعلومة الصحيحة ذات العلاقة بشبهات فساد مسئوليهم،كما أن هذا الإجراء يحول دون اتخاذ هؤلاء المسئولين قرارات كيدية يمكن أن تضر بالعاملين في مؤسساتهم أو الانتقام منهم أو الإساءة إليهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى