أردني يروي تجربته بزراعة قلب متبرع .. أعيش بقلب يخفق بمشاعر شخصين / تفاصيل مدهشة

سواليف

#محمد_خليفة (31 عاما) #شاب_أردني تبدلت عليه #المشاعر والرغبات، لتصبح مزيجا من #العواطف، بعد أن عاش داخل جسده قلبان مختلفان.
قصة ليست من الخيال، لا تدعمها الحقائق العلمية، لكن الواقع أثبت أن #القلب قادر على #تخزين #الأحاسيس ولا تعنيه لغة القواميس، فمهما تعدد حاملوه تبقى المواقف والشواهد حاضرة على ما عاشوه ورغبوه.
بدأت القصة عام 2013، عندما كان خليفة يعمل موظفا بإحدى الشركات الخاصة في المملكة، وتعرض لحالة اختناق وغيبوبة استمرت 10 ساعات، فأظهر التشخيص الطبي أنه يُعاني من انسداد في الشريان التاجي وتجمع سوائل على الرئة؛ جراء ضعف في عضلة القلب.
وعلى إثر ذلك، أمضى الشاب الأردني عدة أيام تحت العلاج في مستشفى الأمير حمزة بالعاصمة عمان (حكومي)، ثم جرى نقله إلى مركز القلب في المدينة الطبية (مستشفى عسكري)، ومكث هناك 24 يوما.
بعد ذلك، خرج خليفة مريضا بالقلب، وبأداء لعضلته لا يزيد على 10 بالمئة، وسط محاذير طبية تدعو إلى الابتعاد عن الجهد والضغوط والأطعمة المالحة، والالتزام بـ 6 أقراص دوائية صباحا ومساء.
يصمت قليلا، وهو يتحدث إلى مراسل الأناضول، الذي زاره في بيته في أحد ضواحي العاصمة عمان، ثم يعاود الكلام وكأنه لا يريد أن ينسى أي تفصيل من تجربة حياتية مريرة مرت عليه، وعيون والده (موفق خليفة) ترقبانه بكل عناية وحنان.
ويوضح محمد أنه واجه تحدياً كبيراً عام 2014، عندما أراد أن يثبت أنه إنسان طبيعي على الرغم من مرضه، إذ كان يصر على مرافقة أصدقائه في رحلات المسير إلى المناطق الجبلية والأثرية.
وأدى ذلك إلى تدهور في صحته، فعاد إلى المستشفى، وخرج منها بالتحذيرات الطبية السابقة ذاتها، وفي مقدمتها عدم الإجهاد والتعب.
“تعقدت نفسيتي وزادت اضطراباتي، وكنت من شدة اليأس أُكثر من التدخين؛ لفقد الأمل بأنني سأحصل على علاج”، بهذه الكلمات المعتصرة بالألم، يضيف خليفة على حديثه.
وتابع: “نتيجة لذلك، حاول أهلي أن يخرجوني من حالتي النفسية، فالتحقت بدورة تدريسية للتصميم المطبعي والإنتاج التلفزيوني، وبدأت بعدها العمل”.
وأشار إلى أن “الضغط النفسي أدى إلى ارتفاع نسبة السوائل على الرئة، ودخلت في حالة طارئة، وتوقع الأطباء أنني لن أعيش كثيرا، وقالوا إنني في حاجة إلى زراعة قلب”.
واستدرك: “بالفعل، طلبوا مني أن أوقع على طلب للحصول على قلب حال توفر متبرع له، لأنهم عرضوا علي تركيب بطارية، ولكنني رفضت ذلك، لأنني قلت إنني لن أعيش كالرجل الآلي”.
اشتدت الأزمة على محمد، وفي مطلع سبتمبر/ أيلول 2018، قرر أن يغادر بيت ذويه للإقامة عند أحد أصدقائه، ولكنه عاد بعد خمسة أيام.
وفور عودته، توضأ صاحب القصة، وهمّ بالصلاة ليخلو إلى ربه ويناجيه: “لجأت إلى ربي، وبكيت كثيرا وأنا ساجد، ودعوته من شدة ألمي أن يأخذني له أو أن يعالجني، ثم قرأت سورة الملك، وذهبت إلى غرفتي”.
وبلهفة المشتاق إلى رحمة الخالق، مضى محمد بكل حماسة، قائلاً: “بعد ذلك بنصف ساعة، كانت المعجزة؛ إذ ورد اتصال لأبي من طبيبي المعالج والمشرف على حالتي ويُدعى رازي أبو عنزة، ليقول إنه توفر متبرع بالقلب وهو جاهز”.
ويضيف: “على الرغم من رفض أمي، فإنني أصريت على الذهاب، وذهبنا فورا وكانت معنوياتي عالية جدا، وأمسكت بأيدي أبي وأمي، وأضحكتهم كثيرا، وأنا أدرك أنهما يبكيان في داخلهما”.
ويستدرك: “وصل القلب إلى #المستشفى عبر موكب، سيارة أمام باص الإسعاف وأخرى من خلفه؛ وذلك لتأمين وصوله بالسرعة الممكنة؛ لأن القلب يتوقف عن النبض بعد 12 ساعة”.
ويلفت إلى أن “#العملية_الجراحية استمرت ساعتين ونصف الساعة، وشارك فيها عدد كبير من #الأطباء؛ لأنها حدث أردني جديد”.
ويردف: “عندما خرجت من العملية، أول ما طلبته هو رؤية أمي وكوبا من الماء، وقد بكيت كثيرا عندما شربت؛ لأنني شعرت أن الماء يدخل إلى جسمي كاملا، بعدما كنت أشربه قبل العملية بصعوبة”.
ويستطرد قائلا: “بقيت في المستشفى 4 أشهر تحت المراقبة، من دون ملامسة أحد؛ خوفا من التقاط أية فيروسات، لأن مناعتي كانت منخفضة، ومكثت المدة ذاتها في البيت بالإجراءات عينها”.
ويقول متأثرا: “عرفت المتبرع بعد العملية، وهي معلمة للغة الإنجليزية، توفيت عن عمر 38 سنة، نتيجة مرض دماغي، ولها شقيقة توأم”.
وبأسلوب مشوّق وسرد كرواية مصوّرة، يُشير إلى وجود تفاصيل مهمة في قصته، قائلا: “لم أكن أشرب القهوة، وبعد العملية صرت أشربها، وطلبت من أبي أن يحضر لي الكشري”.
لم يهتم محمد بتلك التغيرات، لكنه كان مهتما بالتعرف إلى ذوي المتبرعة، مؤكدا أنه شعر بارتياح غير مسبوق فور الوصول إلى مكان سكنهم.
ويقول: “عندما دخلت والتقيت بوالدتها، شعرت بلهفة الأم، ولم تكن شقيقتها التوأم قد وصلت ولم تكن تعلم بوجودنا، ولكنها قالت إنها شعرت بوجود شخص قريب منها في البيت”.
وعندما تحدثوا عن ابنتهم المتبرعة، ذكروا أنها كانت تحب “الكشري” و”القهوة السادة”، وهنا راح محمد يفكر بالتحولات التي حدثت له بعد #عملية_زرع_القلب.
وعقب تلك الزيارة، تحول خليفة إلى فرد من عائلة المتبرعة، فهو يعيش بقلب ابنتهم رغم اختلاف الجسد، مشددا على أنه ما كان يشعر به ويمر به من مواقف لم يكن مثبت علميا، في إشارة إلى تشاركيته مع مشاعر الفتاة وما كان في قلبها.
ويستشهد الشاب الأردني ببعض ما مر به من دليل على ذلك، مشيرا إلى أنه عانى ذات يوم من حالة ضيق نفسي كبير، فاتصل على إثرها بشقيقة المتبرعة التوأم، لتؤكد له أنها تعاني من ضغط نفسي جراء مشكلة في عملها.
ويلفت محمد إلى تكرار الموقف معه، ولكنه بطريقة عكسية، إذ اتصلت به التوأم لتسأله عن أسباب الضيق الذي كان يمر به، ليتفاجأ من السؤال، لأنه كان يعاني من ذلك بالفعل.
واحتراما لأهلها ولموقفهم باحتساب الأجر والثواب عند الله؛ لتبرعهم بقلب ابنتهم ومساعدة الشاب على الحياة، لم يكن محمد يتطرق لاسمها بشكل قاطع.
وفي موقف غريب مر به، يقول محمد إنه خرج ذات يوم مع زوج شقيقته الذي يعمل مديرا للنشاطات، لتنظيم برنامج معين في إحدى المدارس، ولكنه أشار إلى أنه دخل في نوبة بكاء شديدة، وانهيار عام في جسده من دون سبب، ليتبين لاحقاً أن المدرسة التي دخل ليعمل فيها هي مدرسة المتبرعة نفسها.
خليفة، الذي عرف جسده قلبين مختلفين، يحاول أن يعيش حياته كإنسان طبيعي، من خلال ممارسة عمله بالتصوير والمونتاج، والسعي في الوقت ذاته إلى المحافظة على أحاسيس ومشاعر من تبرّعت له بقلبها.

المصدر
ليث الجنيدي/ الأناضول
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى