أدهشتني يا رجل … ماجدة بني هاني

من أجمل الأمسيات ،أمسية قضيتها أمس برفقة حبيب ،يناهز السبعين ،منذ زمن لم تتح لي فرصة منادمته ،وتجاذب أطراف الحديث خارج إطار الواقع . ما جمل ألأمسية أنها رمضانية ، أجواؤها الساحرة ، وما تخللها من صنوف اللذائذ ،افتتحها كوب من الشاي العابق بطعم النعناع ، ثم ضبط الإيقاع فنجان من القهوة العربية الأصيلة ،التي يحرص أن يصنعها بنفسه ،فتخرج رائعة فيها من طعم الجدود . كثيرا ما نلتقي ولكن أمس كان لقاء مميزا ،موضوعه: مقالاتي ….. لا أدري لما تأخرت يا والدي في مطالعة مقالاتي ، فهم كأبنائي ، كيف لم تتعرف اليهم من قبل ، ولكن معك حق ، نظرك ضعيف ، ولا تتقن استخدام “جوجل “وما شابهه ، ولا أحد يتفرغ ليقرأ لك ،إلى أن فاجأتني بقولك : بنيتي سمعت أنك تكتبين ، فلماذا لا تقرأين لي شيئا منها ؟ وكم كانت سعادتي وأنا أقرأ ،وأقرأ …ويقول :المزيد ، حتى تفاجأت بإعجابه الشديد،وشغفه ببعضها ، ثم تلك الذائقة النقدية التي أدهشني بها . تحدث عن الفكرة والمعنى ،والخيال كأستاذ في النقد ، مع أنه درس قديما ،على منهاج: بيضة ورغيف وكرباج خفيف ، لكن والله فوجئت ،وهو يستشهد بشعر عرار ، ثم يتجلى ويروي من أشعار المهلهل ، وينصحني أن أجمع مقالاتي وأنشرها في كتاب،ويقترح لي مسمى له ، وأذهلني وهو ينصحني بقراءة رواية لا أنام ، لإحسان عبد القدوس ،لكي أنمي الحدس الروائي …. أبي ونور عيني ،أحبك وأفتقدك ،متى طالعت كل هذا ؟ ولماذا أجهل كل هذا العشق للأدب فيك !! أمعقول أني غرقت في عالمي إلى هذا الحد ؟! أذكر أيام الجامعة ،وأنت تطالع في مراجع اللغة ،التي كنت أحضرها ،وكنت تطلب كتبا بعينها ، وكنت تركز في شعر الأولين ، ولا أنسى كم أنفعلت بقصيدة بشر بن ابي خازم في رثاء نفسه ، ربما كان ذلك آخر لقاء أدبي بيننا ، ،ووجدتني الآن نسيت ،في خضم أعبائي و دوامة الحياة ،أن ثمة أرواح قريبة ،قريية جدا …اغتربت وتباعدت ،حتى أصبحنا لا ندري عن أنفسنا شيئا ، آه…يا أبي كم أدهشتني ….. وكم أسعدتني نشوتك وأنت تستمع ، ثم تقول أعيدي ، ثم تطلق ..حكما ، وتنعتني بالعبقرية ،ومظاهاة العقاد و أشباههم … كم فرحت بك وبتشجيعك ، مع خجلي الشديد ،فأين أنا والعقاد ! ومالي وللعبقرية والعباقرة …. لكن بحق وصدق ، أسندت ظهري ، وأعدتني حيث كنت طفلة ، تكافأني على منجزاتي البسيطة ، ما أنا إلا كاتبة بسيطة ، تحبو في عالم الأدب … أما أنت فقد كنت اكتشافي ،أهديك جل مقالاتي ، وأعدك بأن تكون أول من يوقع كتابي …لك الحب وقبلة تقدير لجبينك ، ولا تنساني من خالص دعائك ،ويا أستاذي التمس منك السماح ، فربما وأنا في لجتي غرقت، وغرقت معي أحلى ذكرياتي …

banyhany83@gemal.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى