أبو غزالة يتوقع حربا بين أميركا والصين ويتحدث عن الأزمة الاقتصادية القادمة

سواليف
في الوقت الذي يدق فيه د. طلال أبو غزالة مؤسس ورئيس مجلس إدارة “مجموعة طلال بو غزالة” ناقوس الخطر بشأن حدوث أزمة اقتصادية عالمية عام 2020، إثر تجدد المخاوف من قرب دخول كبرى الاقتصادات مرحلة الركود وربما الكساد، أو حتى حرب بين الولايات المتحدة والصين.

غير أن أبو غزالة يدعو دول الخليج إلى انتهاز الفرصة واتخاذ إجراءات استباقية، والاستفادة من التقلبات الإيجابية بأسواق الطاقة، وتحقيق الإقلاع الاقتصادي المبني على إستراتيجيات نمو محددة ومركزة.

وخلال اللقاء الذي نظمته جمعية المحاسبين القطرية ، لم يكتف أبو غزالة بسرد الأسس التي بنى عليها توقعاته المخيفة والتي تستند لدراسات مراكز أبحاث وتفكير دولية، بل رسم سيناريو ما بعد الأزمة المتوقعة، والتي يكون من تبعاتها نشوب حرب عالمية ثالثة مدمرة بين الصين والولايات المتحدة، ستنتهي بإعلان نظام عالمي جديد ثنائي القطب وتقوده الدولتان، مع اعتماد عملة عالمية جديدة مكان الدولار، وتوقيع اتفاقيات تجارية أكثر وضوحا، خاصة في ما يتعلق بقوانين الملكية الفكرية.
يرى أبو غزالة أن الدول الخليجية لا يمكن أن تطبق خططا موحدة لمواجهة الأزمة، وأن هناك عددا من الخيارات التي تتفاوت من دولة إلى أخرى، وتختلف بحسب الشركات والأفراد، لكن من شأنها بناء إستراتيجيات نمو إقليمية محددة ومركزة تعتمد على الكفاءات التقنية والابتكار، وتعزز الاستدامة يمنح هذه الدول مرونة أكبر في التعاطي معها.

وفي تصريح للجزيرة نت، قال أبو غزالة إن الأزمة العالمية تبقى فرصة يمكن انتهازها، والتاريخ علمنا أن الحروب تكون في الغالب فرصة لصنع الثروة، وأن الظروف المتوقعة يمكن أن تخدم المنطقة الخليجية والعربية أيضا، من أجل إعلان نهضة قوامها خطة مارشال اقتصادية تقود بدورها لانتعاش وازدهار اقتصادي عالميين.

وينسجم هذا الرأي مع سلسلة من الإجراءات التي بدأتها بعض دول الخليج من قبل، ومنها مواصلة الجهود التي تسهم في تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على عائدات النفط والطاقة، وتعزيز القطاعات الصناعية والتخفيف من الاستهلاك وتشجيع الإنتاج المحلي، إلى جانب تطوير الرأس مال البشري استعدادا لوظائف المستقبل وتعزيز التنافسية في الأسواق العالمية.

غير أن أبو غزالة يختلف بدرجة حادة مع الآراء الأخرى التي تؤكد أن الاقتصادات الخليجية حتما ستكون في عين العاصفة، وأنها ستتأثر بأي حرب بين الصين وأميركا، سواء اقتصادية أو عسكرية، نظرا لتشابك مصالحها وارتباطها بالدولار.
الحرب.. الحوار
منذ ثمانينيات القرن الماضي، تصاعدت التخوفات الأميركية من احتمال فقدان الريادة الاقتصادية في العالم، وقرب تصدر الصين التي ينمو اقتصادها بشكل مستمر بنسبة 6%، والتي تراهن على أن يكون اقتصادها ضعف الاقتصاد الأميركي عام 2030، في الوقت الذي تراجع فيه نمو أكبر اقتصاد عالمي إلى ما دون 2%، وارتفاع نسبة العجز في الموازنة الأميركية إلى 20%، أي ما يقارب مبلغ تريليون دولار.

وفي هذا الصدد، يقول أبو غزالة إنه من الطبيعي أن تخيف هذه الأرقام صناع القرار في الولايات المتحدة خاصة مع احتمال أن تزداد الهوة بين اقتصاد البلدين خلال السنوات المقبلة. ولوقف هذا الانحدار، قد يلجأ الرئيس الأميركي إلى افتعال حرب في أي لحظة، يكون بحر الصين ساحتها، مرجحا اندلاعها قبيل الانتخابات الأميركية المقبلة، من أجل دفع الصين إلى قبول الحوار.

ومن المؤشرات التي تبقي هذا السيناريو واردا -يقول أبو غزالة- ما نشرته تقارير أميركية عن إمكانية فرض الرقابة على حركة الدولار في التعاملات التجارية مع الصين، وأيضا اشتداد الحرب بشأن حقوق الملكية الفكرية، حيث سبق للرئيس دونالد ترامب أن صرح أن بلاده تخسر مبالغ هائلة تقدر بالتريليونات لفائدة الصين، وأنه يجب ضمان حقوقها في ما تطوره بكين من تكنولوجيا التي تسجل نصف مليون براءة اختراع سنويا باسم شركاتها، في تناقض صريح مع ما نصت عليه قوانين المنظمة العالمية للملكية الفكرية.

كما يرى أبو غزالة تصاعد الصراع بين هذين البلدين على قيادة العالم، على الرغم من أن بكين تنأى بنفسها عن أي أطماع في قيادة العالم، وإنما تراهن على تطوير اقتصادها، وخاصة ما يطرح من مشاريع عابرة للقارات ومنها إحياء طريق الحرير، وما سيعود به من نفع على الدول المشاركة من تعزيز في البنية التحتية وتحريك اقتصاداتها.

ويذكر أبو غزالة أن إحد أخطر الخطط في هذه الحرب محاولة خنق الصين ومنع وصول مصادر الطاقة إليها، الأمر الذي سينعكس على أسعار الطاقة عالميا، ويهدد عمليات الإنتاج والتصدير، إلى جانب مقاطعة المنتجات الصينية.

خرائط جديدة
قد لا يكون من تداعيات أي سيناريو محتمل للصراع الثنائي حدوث تغيرات في الخارطة السياسية العالمية فقط، بل قد ترسم خرائط اقتصادية جديدة أيضا.

وتوقع أن تعاني خمس دول أوروبية على الأقل من الأزمة العام المقبل للأسباب المذكورة أعلاه، بينما ستنمو البرازيل وروسيا والهند والصين وكوريا بمعدل ثابت خلال السنوات العشر المقبلة، وعلاوة على توقع أنه خلال عشر سنوات مقبلة ستصبح بعض الدول الأفريقية أكثر تطورا، كما أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي ستستمر في النمو بسبب زيادة عائدات النفط بشكل رئيسي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى