آهات طاحونة العقل وخطية مرضى بغداد!!

آهات طاحونة العقل وخطية مرضى بغداد!!
من قلم ماجد توهان الزبيدي
قد لايكون هناك من الم يوازي في شدته ،مثل ألم الأسنان او طاحونة العقل إلى درجة جعلت احد حكماء الصين يقول مثلا او.حكمة مفادها:”أمران يجعلان المرء ينسى حبيبه:الفقر وألم الأسنان”!!
وقد ثارت علي طاحونة عقلي من أيام دون ان يفد معها حبوب التسكين والمضادات الحيوية الأمر الذي حدا بطبيب الأسنان أن يُحدد.لي موعدا عاجلا لإجتثاث هيكلها العظمي المتبقي بعد رحلة العمر في الطحن والعجن
!!!
وقد كان من سريان الألم ان عصب الطاحونة يشترك مع.عصب العين اليسرى وزاوية العقل اليسرى معا مما يجعلك تقفز فجأة وكأن شيطانا قد مسّك فجأة! الأمر الذي يستدعيك ان تستعير من إحدى زوجاتك احد اغطية رأسها لشد وثاق زوايا رأسك!!

لم اذكر أنني قد رأيت طبيب اسنان إلا بعد سفري للدراسة الجامعية عام 1978م’إذ كان مجتمعنا الريفي او البلدي في ضفتي نهر الاردن يتعامل في مسائل خلع الأسنان وتركيبها وإصلاحها من خلال قوافل الغجر او النور الذين يجوبون ديارنا سيرا على اقدامهم او على ظهور الدواب ويمتهنون تصليح.بوابير الكاز ثم يتعاطون كمهنة مساندة إصلاح الأسنان’ وعادة مايكون كل فوج منهم مصحوبا بإمرأة ذات غرة شعر صفراء لها سن او.سنين من الذهب وقرد يأخذون بترقيصه عندما يستدعي الأمر إقامة حفلة فنية ساهرة في بيت الشعر او الخربوش او بيت الطين او البراكية الني يتواجدون فيها للعلاج او النوم!! وكان الغجر يخلعون أسنان أهل بيئتي بالكماشة او بخيط مصيص بعنف من دون اي محلول اوتخدير!

وقد بلغ من أمر ألم طاحونة العقل أنها قد تجعل من يخلعها دائخا لا يقوّى على السير الصحيح ،من ذلك أن زميلي وصديقي في الجامعة الدكتور موفق ابو حمود لمّا كان يدرس في المانيا ذهب لطبيب الأسنان ليخلع طاحونة عقله!فسأله الطبيب:هل جاء معك احد يرافقك؟رد الزميل :لا! عندها طلب الطبيب من سكرتيرته أن تطلب له “تاكسي” وأن ينتظره أسفل العيادة لينقله لبيته!!
لكن الآلم الفظيع الذي حل بطاحونة عقل الكاتب ربما كان بسبب خطايا “بايتة»!منها أنه اثناء دراساته العليا وإقامته في فنادق بغداد مع اسراب من الأشقاء المرضى العرب اليمانيين القادمين من ديار صنعاء وعدن للعلاج بمشافي بغداد ،ذلك ان المساكين كانوا يعتقدون انني وصديقي امجد ابو سليمان الدارس لعلم.النفس في مرحلة الدكتوراة ،طبيبان ،لكثرة ترديد موطفي الإستقبال بالفندق لكلمة دكتور كلما مر الكاتب او.زميله امجد!!

كان امجد قد أخذ من كثرة دراساته في علم.النفس الكثير من أمراضه كحب الجلوس وحيدا في الظلام والكآبة وعدم الإختلاط بالآخرين لآسباب خاصة به ‘إذ كان الرجل من مرتبات الأمن العام وإستقال طواعية لإكمال دراساته العليا ثم انه اول مرة يهجر القرية وريما أنه آمن بالحقيقة القائلة :«الخطأأ الأول هو الخطأ ألاخير في العراق»!!!
ومن أجل التغلب على أ جواء الكآبة ببغداد وإنقاذ اعصاب زميله، راح الكاتب يأخذ مجموعات من المرضى اليمانيين إلى غرفة زميله ،المُعجب بنظريات “الباراسيكولوجي” دون علم مسبق منه بعد إقناع اولئك المرضى ان الرجل طبيب ماهر !
كان الزميل امجد رجلا خجولا ، ومجاملا،فيسكت على بلاوي زميله الكاتب الذي يأخذ بالطلب من المرضى بالجلوس على كرسي مكتب غرفة “الدكتور الماهر”، حسب العمر ،ثم الطلب من الجالس ان يفتح فمه ويأخذ شهيق وزفير ثم«قل:واه؟،قل:هاه” بينما يكون الطبيب امجد.ممسكا بمسطرة.خشبية صغيرة. يلامس بها اسنان المريض ولسانه مع تسليط الضوء على حنجرته، ثم كتابة وصفة طبية له ولكل جماعته عبارة عن.معجون اسنان ماركة “سيغنال 2؛ والطلب منه صرفها من اي صيدلية حال العو دة من عمّان،وتذكيره انها بالمجان لمواطني مجلس التعاون العربي!!.
وما ان يغادر آخر مريض غرفة الزميل امجد حتى تنتشر قهقهة الكاتب وزميله في ارجاء الطابق الثالث من. الفندق فينشرح صدره وصدري ونحن الذين لم نكن من هواة إتحادات الطلبة ولم.نجد جهة تدفع عنا ولو دولارا واحدا من ال3333دولار قيمة القسط السنوي،في حين يدرس أشباه الأميين معنا على نفقة هذا الحزب أو تلك الحكومة أو تلك المنظمة !!!وكانت خطواتنا محسوبة بعناية ،إذ ان اول جملة في الدرس الأول في اي دورة لنزع الألغام هو «الخطأ الأول هو الخطأ الأخير»!!و……آخ ياطاحونتي!

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى