آلاف حالات ‘‘الطلاق المبكر‘‘ تفتح الباب على معايير الاختيار الخاطئ

سواليف – أرقام تشي بالخطر، تلك التي نبه إليها، الشهر الماضي، معهد “تضامن” النساء الأردني، استناداً لكتاب “الأردن بالأرقام 2015”، والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة. إذ كشف “تضامن” عن وجود “زيادة مستمرة في حالات الطلاق بالأردن بلغت نحو 37.2 % في الفترة الممتدة بين 2011 ونهاية 2014، بمجموع تراكمي وصل إلى 20911 واقعة.
فيما يظل الأخطر أن 4523 حالة في العام 2014 وحده، وقعت لزواج لم يمض عليه عام واحد، وبما “يؤشر على خلل في أهم أسس تكوين الأسرة السليمة القائمة على الرضا بالزواج”، بحسب المعهد. علماً أن 62 % مما يمكن تسميته “الطلاق المبكر” وقع لزوجات أعمارهن أقل من 25 عاماً، من بينهن 409 قاصرات، أو ما نسبته 9 %.
أسباب عدة، تعود وراء هذا “الخلل” الذي يسبب الطلاق في السنة الأولى من الزواج، ربما اولها التسرع في اختيار الشريك أو حتى الاختيار الخاطئ من الأساس، وتدخل الأهل، وعدم التوافق المجتمعي، وأحيانا انهيار التوقعات المبنية على هذا الزواج، وغيرها من الأسباب.
وهو ما حصل مع العشرينية هند علي التي لم تصمد أكثر من 9 أشهر في “عش الزوجية” الذي اختارته بمحض إرادتها وهي على قناعة كاملة كما كانت تعتقد.
غير أن ما تبين لها بعد ذلك هو عكس ذلك تماماً، هند التي كانت تظن أن اختيارها في مكانه، ولم ترضَ لأي شخص أن يقدم لها نصيحة أو تأخذ برأيه لاقتناعها بقرارها، ما جعل مراسم الزواج تمر سريعا، لتصحو على نفسها وقد انتهى كل شيء.
تقول “وأنا معه في بيت واحد شعرت أنني لا اعرفه، طباعه مختلفة، وحادة جدا، ولا يأخذ برأي الطرف الآخر، ذلك خلق المشاكل والفتور في العلاقة لعدم اتفاقنا على رأي واحد، وتمضية طول اليوم في المنازعات والمشاكل، الامر الذي جعلنا نأخذ القرار الافضل لكلينا وهو الانفصال”.
هند ليست وحدها التي عاشت هذه التجربة وانتهت قبل أن تتم سنتها الاولى في الزواج. أحمد خالد هو شخص آخر تزوج من فتاة ولم يكمل عاما واحدا معها والسبب هو أنها لم تستطع استيعاب فكرة الزواج،  وبأن لديها مسؤوليات وحقوقا وواجبات، مبينا أنها كانت تعتقد أن الزواج مجرد حفلة وانتقال الى بيت جديد مع الابقاء على كل شيء قديم من حياتها دون اي اهتمام بزوجها او بيتها.
أحمد يدرك أن له سلبياته ايضا، مثله مثل زوجته، لكنه لم يستطع الوصول لطريق واحد معها، بل كانت كل الطرق مسدودة، ولم يكن هناك لغة حوار بينهما أو تفاهم ما جعل القرار الافضل هو الانفصال قبل ان يكون هنالك أطفال، لافتاً الى أنه الآن لن يعيد التجربة الا بعد أن يتأكد من أن الفتاة ناضجة وترغب في الزواج وتحمل المسؤولية.
وبالرغم من أن العشرينية سلوى علي كانت تسمع منذ صغرها أن الفترة الأولى من الزواج هي أجمل مرحلة في حياة الزوجين والتي يعيش فيها الشريكان أجمل لحظات العمر، الا أن ما حدث معها هو العكس تماماً، والسبب أن السنة الأولى من زواجها كانت “أسوأ سنة” مرت عليها لما شهدته من مشاكل ومنازعات مع زوجها لدرجة كادت أن تصل الى الطلاق.
وبعد زواجها شعرت بأنها تتعرف على شخص جديد مختلف تماما عن السابق، وهو الأمر الذي زاد المشاكل بينهما لعدم اتفاقهما على رأي، ما جعل الامور تحتد وتذهب لبيت أهلها أكثر من شهرين.
تقول سلوى إنها الآن قد أتمت عامها الثامن في زواجها وفي كل سنة تمر تكون أفضل من التي سبقتها وتشعر براحة وسعادة أكثر مع زوجها عكس السنوات الأولى، لأن التفاهم بينهما اصبح أكبر، فضلا عن بعض التنازلات التي ارضت الطرفين، مبينةً أنها تحزن كثيرا عندما تتذكر أنها كانت ستهدم كل ذلك في سنة الزواج الأولى.
وتضيف سلوى “أنصح كل فتاة بعدم الحكم على زواجها من السنة الأولى كونها سنة للتعارف والاختلاف حتى يعتاد كل طرف على طبع الآخر ويصلا الى نقطة التقاء”.
وفي ذلك يقول الاستشاري الاجتماعي الاسري ومدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان إن الاحصائيات تشير الى أن أعلى نسب طلاق تقع قبل الدخول أي قبل اتمام مراسم الزواج، وفي السنة الاولى من الزواج ومن ثم الثانية والثالثة.
ومن أسباب ذلك، هو التسرع في الاختيار أو سوء الاختيار والظروف الاقتصادية وتحمل الزوج تكاليف باهظة وديونا كبيرة بعد الزواج، مما يؤثر على استقرار الأسرة وديمومتها، وفي بعض الحالات فإن تدخل الأهل غير الايجابي يساهم في الطلاق المبكر.
اما العوامل التي تساهم في التقليل من نسبة الطلاق، وفق سرحان، هي توعية وتثقيف المقبلين على الزواج من الجنسين والالتحاق بدورات توعوية للمقبلين على الزواج.
ويشير سرحان الى أن الواقع الحالي يشير الى أن كثيرا من حالات الطلاق تحدث لأسباب “غير منطقية” بسبب ضعف الوعي وغياب الثقافة التي تمكن الزوجين من التعاون مع بعضهم البعض، مبيناً أنه لا بد من أن تصبح مثل هذه الدورات إلزامية للمقبلين على الزواج مما سيساهم في التقليل من حالات الطلاق، وأن تتضمن المراحل الدراسية موضوعات تساهم في توعية وتثقيف الشباب المقبلين وبناء الأسر بطريقة صحيحة.
وفي ذلك ترى اختصاصية العلاقات الزوجية والأسرية د.نجوى عارف أن الاستعجال من كلا الطرفين مع فترة تعارف قصيرة، هو سبب من أسباب حدوث الطلاق في السنة الأولى، مبينة أن المجتمع حاليا اصبح واسعا وكبيرا على عكس ما كان في السابق، وبالتالي لا أحد يعرف شيئا عن الآخر وحتى من لديه أي معلومات لا يبوح بها.
إلى ذلك، يأتي اختيار شخصين من بيئتين مختلفتين غالبا ما يؤدي الى الفشل وهو سبب رئيسي ومهم جداً كون الدخول بالواقع وتفاصيله يختلف تماماً عن الحياة قبل ذلك، مبينة أن البيئة المتماثلة والمتشابهة ضرورية جدا لتوافق الحياة. وتضيف أن كلا الطرفين للأسف لا يلتفتان لقدسية الحياة الزوجية ومسؤولياتها، بالإضافة الى اختلاف التوقعات في الزواج.

الغد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى