آخر ظهور !

مقال الاحد 23-10-2016
النص الأصلي
آخر ظهور
بجانب الحائط الممتلئ بصوره مع قادة العالم ، هناك مكتبة خشبية فاخرة مزروعة بالدروع والأوسمة وتماثيل الزجاج المحفور عليها اسمه بخطوط مختلفة وألقاب متدرجة: ” سعادة،معالي،دولة “ذاكر عبد الباقي الزهايمري”، كل هذه التكريمات كانت أثناء تقلّده قائمة مناصب طويلة جدا في الدولة منذ كان جلد النمر” كروهات”…
بالمقابل ثمة خزانة جديدة للأدوية المزمنة ومشدّات الظهر والعضلات والمراهم والكبسولات والأبر والحبوب والتحاميل حيث خصص كل رف من رفوف الخزانة لعضو من أعضاء جسمه الموجوع أعلاه بفعل التقدم في العمر “حبوب للظهر”،”للرجلين” ،”للركب” ،للخواصر،للعصعوص وما جاوره، لتقوية العصب السمعي، لأوجاع أسفل البطن ، للسرّة ، لتنميل كفة الرجل اليمنى ،لنغمشة كفة الرجل اليسرى ، دهون للشد العضلي، حبوب إمساك، تحاميل حرارة ،حبوب السكري، لتنظيم دقات القلب، للخفقان، للضغط، للحموضة، للقرحة ، للقولون العصبي، لزلال الكلى، حُقن “دبل فيس” وجه وقفا للـ”….”، و للـ….”.ومستلزمات طبية كثيرة بمقاسات كبيرة…
الممرض المنزلي يجلس على كرسي مقابل لسرير صاحب الألقاب العالية ويتابع التلفزيون على وضعية صامتة مكتّفاً يديه، لحين انتهاء مناوبته الليلية ، بينما عبوة الجلوكوز تنقط برتابة بالغة بأنبوب شفاف وتصل إلى يد المسؤول المسن .
أصدر السرير صريراً حاداً عندما رفع المسؤول المريض رجله محاولاً تغيير وضعية النوم ..سأله الممرض: ع الحمام سيدي؟؟..رفع صاحب الدولة حاجبيه رافضاً ثم أشار له بيده النحيلة أن يرفع رأسية السرير قليلاً…استخدم الممرض الريموت ليرفع السرير الطبي الفاخر..”مليح هيك سيدي”؟؟..لوّح المسؤول بيده اليمنى كمن يعصر ليمونة كناية عن “نص ع نص”..
الممرض بحكم خبرته التمريضية يعرف انه كلما زاد سؤال المسنّ عن رضاه كلما بحث له الأخير عن حاجة يقضيها..لذا حاول أن ينشغل بجهازه الخلوي ليرد على الرسائل الواردة كي لا يشغله هذا المتقاعد بما تبقى من ساعات مناوبته ..سأله المسؤول الهرم ” أجا أنور السادات ع الاجتماع”؟؟..قال له الممرض – الذي يعرف أن الزهايمر أيضا قصة أخرى يعاني منها صاحب المقام العالي- : ” أجا ولقاك نايم وروّح سيدي”..
حكّ المسؤول رقبته وهو يتأفف: ولك ليش ما صحيتني يا فريد بيك…وأم كلثوم أجت معه؟؟…
الممرض بابتسامة مخفية: لا لحاله..هذيك عندها حفلة…بعد ثوانٍ غط المسنّ في نوبة نوم جديدة دون ان يتذكر عن ماذا سأل أصلاً …أحضرت إحدى عاملات القصر كوباً من “النسكافية” للممرض ، قلّب الشاب محطات التلفاز ، مرّ بالتقليب على القناة المحلّية…عدّل جلسته مندهشاً ، ليرى خبراً عاجلاً مكتوب بالأحمر: ” يعين دولة ذاكر عبد الباقي الزهايمري” رئيسا لمجلس الإبداع الشبابي الريادي الوطني، نظر الممرض إلى المسؤول الذي يغط بنوم عميق وشفته العليا ترفرف وحيدة أثناء الشخير مثل”شادر البكم” ثم نظر إلى التلفاز ،نعم انه هو!!! رمى الشاب الريموت من يده …أوقف عبوة الجلوكوز عن العمل…ثم كتب على العبوة بقلم فولوماستر: “غطيني يا كرمة العلي”..وضع رجله على حافة الشباك وقفز من الطابق الثالث.

الممرض في ذمة الله…

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. شوف المفارقات الحكومية …!!!
    للمسخمطين العاديين بيعطونا تأمين صحي مجاني لمن بلغ الثمانين فما فوق
    للمش مسخمطين اللي مش عاديين بيعطوهم مناصب بعد الثمانين
    للمسخمطين العاديين بيظل الواحد فينا يدور على وظيفة او شغل الى ما بعد الثلاثين هاظ اذا لقاها .. هو بيركض والوظيفة بتركض قدامه بدون ما يلحقها وممكن يوصل للتقاعد بدون ما يلحقها
    للمش مسخمطين اللي مش عاديين .. بتظل الوظيفة والمناصب تركض وراه حتى لما بعد التقاعد .. واذا كان زهقان بيعطيها لورثته المتقاعدين منهم وغير المتقاعدين
    للمسخمطين .. لا ظهور حتى وهم على ظهر الأرض
    للمش مسخمطين .. ظهور حتى وهم تحت الأرض … فالورثة يتكفلون بحفظ الظهور

  2. رحم الله الممرض وسامحه فقد نسي ان يكتب على قميصه وبنطاله (انا الشعب الاردني)

  3. و الشعب في ذمة الله
    يحيى المسؤل يعيش المسؤول
    المسؤول لا يفنى و لا يستحدث و لكن يتغير من منصب لاخر
    غطي المسؤولين يا كرمة العلي
    و الشعب يموت برد و قهر و جوع!!!

  4. ههههه قصة جميلة تنطبق على شعب يسمى الشعب اﻷردني في سالف العصر واﻷوان …

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى