إعلان بـ «أجندة غامضة» لسفارة واشنطن في الأردن يثير «استياء» السلطات مجددا

أبلغت السفيرة الأمريكية في عمان أليس ويلز عدة أطراف بعد الضجة الأخيرة في المملكة حول نشاطاتها أنها فوجئت بوجود «أربع كاميرات» منصوبة لتصوير وتوثيق زيارتها لمنزل النائب والوزير السابق الدكتور حازم قشوع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان مع الإشارة إلى أن المضيف أصر على ان ترتدي الثوب الذي أهداه لها.
الزيارة تلك أثارت جدلا عاصفا ليس في الأردن فقط وحسب قشوع نفسه تابع المسألة عبر وسائط التواصل الاجتماعي عشرات الملايين من الأشخاص في كل الدول التي يوجد فيها عرب ومسلمون.
استقبال سفراء الولايات المتحدة عموما في كل الأوساط الشعبية ليس أمرا مستحبا. لكن تصوير وتوثيق ثم تعميم المأدبة إياها مهمة تعهد بالسيطرة عليها زميل الدكتور قشوع النائب أمجد مسلماني الذي تربطه «علاقات جيدة» بالمواقع الصحافية والإلكترونية.
واضح تماما أن المسلماني أخفق في مهمته التي تعهد بها فقد انتشر الخبر مع صوره كالهشيم وأضر بالضيفة والمضيف وحظي باستنكار واستغراب ملايين الأشخاص ودفع كلاً من قشوع والسفيرة ويلز عمليا لتبادل المسؤولية عن بعض تفاصيل ما حصل.
بكل الأحوال خفت الضجة نسبيا حول الحادثة نفسها ولكن بعض الجهات البرلمانية والرسمية التي تخاصم قشوع تحديدا أو «تلاحظ» على نشاطات السفيرة ويلز تبدو مرحبة بما حصل بل ومحتفية به عملياً.
ما حصل في منزل الدكتور قشوع مع السفيرة الأمريكية دفع العديد من الشخصيات للاحتياط بعدم إلتقاط الصور أثناء استقبال السفراء وعملية زيارة السفير البريطاني لمدينة الزرقاء في الأسبوع اللاحق بمبادرة من النائب محمد حجوج بدت أكثر مهنية وتسييسا وإحترافا بحضور نخبة برلمانيي المدينة ورموزها ومسؤوليها وبدون استعراضات يمكن الاستغناء عنها وفقا لرصد «القدس العربي» التي راقبت التفاصيل.
الضجة تقلصت لكن في زوايا غير مرئية من مشهد صناعة القرار وفي حالات التقييم الداخلي بدأ وبدون ضجيج طرح السؤال الأكثر أهمية حول الخلفيات التي تدفع سفراء دول كبرى في عواصم مثل عمان لطرق أبواب المؤسسات والرموز الشعبية بدلاً من الرسمية خصوصا عندما يتعلق الأمر بسعيهم للقيام بواجباتهم في الجزء الوظيفي المتعلق بالحصول على «المعلومات».
المسألة تثير اليوم في الأردن قدراً من الارتباك ونخبة من الوزراء وكبار المسؤولين يسألون اليوم في مجالس ضيقة: لماذا لا يطلب السفير المعلومة «الرسمية» منا مباشرة كما جرت العادة؟ عمليا لا يمكن توجيه اللوم لسفراء يتجولون في الأرجاء بحثاً عن تقييمات ومعلومات لكن الممارسات التي بدأت تضيق بها المؤسسات الحكومية تعكس «قصوراً» «واضحاً أو « أزمة ثقة» بين السفارات المهمة والجسم المركزي الذي يتولى إدارة العلاقة معهم وهو وزارة الخارجية.
وزير الخارجية ناصر جوده حرص طوال الوقت على البقاء بعيدا عن مساحة التجاذبات التي تثيرها جولات وصولات سفراء الدول الكبرى لكن فريقه في المركز لم يقدم للرأي العام ولا لنواب البرلمان تبريرا أو تفسيرا لمعالجة هذا الإشكال. إثارة إضافية في مربع القرار الرسمي الأردني أنتجها إعلان غريب وغامض للسفارة الأمريكية في عمان يطالب المواطنين الأردنيين بإبلاغ السفارة مباشرة عن شكوكهم بأي معطيات «إرهابية».
تعرف سفارة واشنطن أن المواطن الأردني بالعادة «لا يثق بها» بل عبر النائب عبد المجيد الأقطش أمام السفيرة ويلز عن ذلك علنا عندما عكس الإنطباع والشكوك العامة بان أمريكا ترعى وتمول الإرهاب في المنطقة.
بالتالي إعلان السفارة الغامض لا يقود إلى محصلة تعاون منتجة من أي نوع مباشرة مع المواطن الأردني، الأمر الذي يثير الأرتياب بأن بعض السفارات الغربية لديها أجندة غامضة تحاول المساس بالمؤسسات الرسمية الأردنية خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمعلومات والتقديرات المباشرة. الإعلان المشار إليه التزم بالحفاظ على سرية هوية اي مواطن يزود السفارة بمعلومات عن الإرهاب مع مكافأة مالية والرد الرسمي اليتيم صدر عن مصدر رسمي مجهول يعتبر أن الإعلان لا يمس بالسيادة الأردنية مشيرا للتعاون الدائم مع الولايات المتحدة بالخصوص.
يوحي الأمر ضمنيا وكما أفاد مصدر مطلع لـ»القدس العربي» بأن جولات ونشاطات وإعلانات السفراء خلفيتها إبراز عدم الثقة بالرواية الرسمية والحكومية للأحداث مما يفسر الكثير من المعطيات ويعكس بعض الانطباعات داخل هذه السفارات خصوصا وان بعض النخب باتت تعتقد بان التواصل مع السفارات الغربية يضمن لها «دورا» دائما وحيويا في اللعبة الداخلية وهو إنطباع لا بد من تبديده.
تلك عمليا «قضية سيادية» ودبلوماسية مختلفة وعميقة وتحتاج للمزيد من التفصيلات لكنها تعبر عن أزمة ثقة وتفسر غالبية النشاطات التي تحصل بين السفراء و«المتبرعين» مباشرة بالتواصل معهم وبدون السلطات المرجعية.

بسام البدارين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى