ورود غزة

#ورود_غزة

د. #عبدالله_عامر_البركات

تقول أسطورة أظنها يابانية ان فتاة جميلة وقفت حزينة على نافذة غرفتها في صباح شتائي بارد، فجاء بلبل وسألها ما الذي يحزنها. قالت ان أمها مريضة وان الطبيب قال ان شفاءها لا يكون إلا باستنشاق وردة حمراء. ولكن من اين يمكن ان تأتِ مثل تلك الوردة والفصل شتاء والورد لا يزهر إلا في الربيع. قال البلبل للفتاة اني أحب أن أساعدك ولكن لا ادري كيف. ترددت الفتاة ثم قالت يمكنك أن تساعدني ولكن ذلك يحتاج إلى تضحية عظيمة. قال البلبل أنا على استعداد لتلك التضحية قولي لي كيف قالت الفتاة. لا يمكن أن تنمو وردة حمراء في هذا الفصل البارد إلا إذا غرزت صدرك في شوك تلك الشجرة إلى أن يصل الشوك إلى قلبك ويمتص دماءك على ان تبقى طول الوقت تشدو أعذب الألحان. انطلق البلبل إلى الشجرة واخذ يغرز صدره في أشواكها وهو يشدو سعيدا راضيا بما يفعله. استمر البلبل في فعل ذلك إلى أن امتصت الأشواك آخر قطرة من دمه، بعدها سقط ميتاً على ارض الحديقة وظهرت على الفور وردة حمراء على الشجرة. وشكرت الفتاة البلبل الميت وقطفت الوردة وذهبت بها إلى أمها التي ما ان استنشقت رائحتها الجميلة حتى شفيت تماما.

تغرس غزة صدرها بالأشواك الصهيو نية حتى صميم قلبها وتحقن فيها دماء أطفالها وعرائسها وشيوخها وشبابها صابرة حامدة شاكرة راضية بقدرها لكي تزهر ورود الحرية في عالم عربي يعيش في صقيع تتجمد فيه المروءة والكرامة والشهامة والشجاعة والرجولة . يموت أطفال غز ة وتموت عرائسها ويموت شيوخها وشبانها، ولكن هل تشفى تلك الورود الباهظة الثمن العرب من أدوائهم. ربما يشفى العالم كله قبل ان يشفى بعض العرب من ذلك.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى