هل تستعيد ‘العمل’ مصداقيتها؟ …سلامة الدرعاوي

قضية ذيبان هي إحدى الملفات المُرحّلة من الحكومة السابقة، والتي اصطدمت بها الحكومة الجديدة، وهناك ملفات أخرى ستنفجر بوجهها في الأشهر القليلة، غالبيتها تتعلق بالشأن الاقتصادي الذي دخل فعلا في نفق مظلم بفعل السياسات السلبية التي انتهجت في السنوات الأربع الماضية.
البطالة؛ ملف أدارته الحكومة السابقة بأسلوب إعلامي رديء، فيه إنجازات وهمية لا تتعدى خطاباتها، فعليا على أرض الواقع الظاهرة تنمو بشكل متسارع ومقلق دون أدنى حس من المسؤولية في التعاطي مع قضايا الشباب والمتعطلين عن العمل.
باستلام ابن الشهيد علي الغزاوي حقيبة العمل، تدخل الوزارة مرحلة جديدة من البناء لاستعادة ألقها وحضورها في الشارع العام وتعزيز مصداقيتها في العملية التنموية في البلاد.
وزارة العمل في السنوات الأربع الماضية، وتحديدا في فترة حكومة النسور، مارست أشد أنواع “الفهلوة” في التعاطي مع قضايا العمل، مستغلة حالة عدم المساءلة وضعف الرقابة والحصانة المبطنة التي تتمتع بها؛ حيث مارس مسؤوليها أعلى مستويات السلوكيات المجحفة بحق الاقتصاد الوطني ، ومارست نفوذا عال المستوى على صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي، في فرض الاصدقاء والمعارف لتعيينهم اعضاء ومدراء في كبريات الشركات التي يمتلكها الصندوق.
أرقام البطالة في عهد الحكومة السابقة كانت تسابق الزمن في الانجاز الوهمي، فتصريحات مسؤولي العمل حول التشغيل والتوظيف جعلت منهم أسطورة في المنطقة، إذ إنه في كل تصريح صحفي كانوا يشيرون إلى تشغيل آلاف الاردنيين في مختلف القطاعات وفق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، ليتبين في النهاية ان كل تصريحات المسؤولين في العمل لا تخرج عن كونها كلاشيهات اعلامية لا أكثر، وجزء منها لأغراض انتخابية.
أما الواقع؛ فكانت أرقام الاحصاءات العامة والبنك المركزي اكثر مرارة وألما، وهي تشير بوضوح الى ارتفاعات غير مسبوقة في معدلات البطالة بمختلف المراحل العمرية ومختلف القطاعات.
وزارة العمل التي ركزت على مفاهيم الجباية السريعة من خلال تصاريح العمل والاستخدام والعمالة السورية والمنح المتأتية للمملكة لهذا الغرض، مطالبة اليوم بالانخراط الفاعل في التنمية الاقتصادية، وأن يكون لها موقف اقتصادي تحفيزي قريب من القطاع الخاص الذي عانى الامرين خلال الفترات السابقة.
أما العلاقة مع المؤسسة العامة للضمان والصندوق، فقد كانت في السابق مرتعا خصبا لتمرير التعيينات والصفقات المشبوهة والتدخلات كانت في أوجها بأساليب متعددة ومتنوعة، لذلك فإن وزير العمل الجديد مطالب اليوم بتعزيز النزاهة والشفافية والحاكمية الرشيدة في علاقة وزارته مع تلك المؤسسات المالية الكبرى.
مسألة التشغيل والعلاقة مع القطاع الخاص هي أساس النجاح لأي استراتيجة عمل على المستوى الوطني، دون ذلك تبقى المسائل مرتبطة بسطوة الحكومة على رجال الاعمال وفرض سياساتها واجراءاتها عليهم دون قناعة ودون أسس صحيحة تلبي الحاجة الاساسية من التشغيل.
قضايا التدريب لا يمكن أن تبقى على هذا النحو المتدني في المستوى، فغالبية الخريجين ينضمون الى قطاع البطالة بدلا من انضمامهم الى اسواق العمل، والسبب في ذلك هو الفجوة الفكرية بين عمليات التدريب واحتياجات القطاع الخاص، الذي غاب عن المشهد التنموي في السنوات الاخيرة، بسبب هلع الحكومة الجبائي في الاعتداء المباشر على ايراداته وانشطته المختلفة.
تحديات كبيرة امام الوزير الصلب علي الغزاوي الذي يدرك تماما حجم التركة التي استلمها من سلفه، وهو يدرك اكثر ان عملية اعادة الثقة والمصداقية للوزارة مهمة لن تكون بالسهلة دون الحوار المتواصل والشفاف مع القطاع الخاص، وتلبية احتياجاتهم من منظور وطني بحت، والاخير يعول كثيرا على الوزير الغزاوي في اعادة ترميم هذه العلاقة التي تشوهت في السنوات الماضية بين العمل وأرباب العمل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى