” نادي ليلي ”
لربما ان طبيعتنا كشعب ملتزم بالكفاح و الركض وراء لقمة العيش جعلنا شعب “نهاري ” …. قد لا نمتلك فعلا الرفاهية و لا المقدرة الجسدية ” بعيدا عن اي مقدرة أخرى ” أن نستثمر الليل …. فلا يوجد في ذاكرتنا الشعبية او موروثنا الاجتماعي وجود لمثل هذه النشاطات …
أتذكر انه كان يسمح لنا بالسهر في نهايات الاسبوع و لاوقات لا تتجاوز منتصف الليل بقليل …. و ربما كان معاقري ” الشدة ” هم الاكثر تمردا و قد يزيدون ساعة او اكثر …. و لكن كانت صفة السهارى ملازمة لوصف غير محبوب ينفر منها الجميع … فقد كان من يدمن السهر يفرز اجتماعيا و تلزمه صفات أقلها ” هامل “… و كانت غالبية السهرات لا تتعدى تجمعات الشباب في بيت أحدهم … لعب شدة … شاي و قهوة و ربما بعضا من ما تيسر من مكسرات ” بزر و قضامة ” لا أكثر. كنا نسمع في حالات نادرة أن البعض في حالة خروج عن المألوف و في زوايا مغلقة و مظلمة قد احضروا ” مشروبا” … و هذا كفيل بنبذ تلك الفئة و اخراجها من التغطية لذلك كانت تلك الجماعات سرية و تتوارى خلف ستارة الخجل و الحياء و لا تحاول أن تجاهر بما تقترفه … و كان و لم يزل صاحب الخمارة كاتم اسرارهم و افضل اصدقائهم لكي لا يفضحهم و يشهر بهم.
بعملية حسابية بسيطة … فالاردني العادي يجب أن يحسب عمره بالقسمة على اثنين لأن ليله فعليا غير موجود و قد أمضاه نائما … فهو يعمل نهارا و ينام ليلا …. ولا أعتقد جازما أن هناك شعبا آخر يعيش حياة مختلفة يبدأ نشاطه قبل منتصف الليل بقليل و ينام في ساعات النهار . رغم ما شهدناه في الايام الماضية من تداول لفيديوهات عن نواد ليلية منتشرة …. الا انني مقتنع بأن مثل هذه الاماكن لا يرتادها الاردنيون ” العاديون” … فهي فعلا لا تمثل خطرا عليهم و لا تهدد حياتهم النهارية تحت ضوء الشمس …
فمن يمضي ليله يشرب و يغني و يرقص لا بد له أن ينام نهارا … فالنهار للشعب “العادي ” و الليل ” أبو ساتر” للجماعة إياهم.
كان الشاب المتدين غاضبا جدا … و لكنه لم يستطع التفريق بين المرقص والحانة و الناد الليلي… والحقيقة أن جوجل أنقذني بجواب سهل : مرقص للرقص -بدون ذكاء – و الحانة لبيع الخمور و تعاطيها … و النادي الليلي يجمع بين الاثنين…. فسألني: و النسوان؟!… حقيقة : لم أجد جوابا …. فعلا: من هؤلاء ؟!
” دبوس عالليل”