لمن يناضل الرواد!

لمن يناضل الرواد!
الدكتور ذوقان عبيدات

الأول نيوز – في حديث مع قائد حملة ذبحتونا د.فاخر الدعاس. قلت : لمن تقاتل؟ قال : من أجل الناس البسطاء المظلومين! فاجأته بسؤال : وهل سيقف معك هؤلاء الذين تقاتل من أجلهم ؟.

وعبر ذكرياتي مرت أحداث كثيرة، شاب شيوعي تم سجنه في الستينات فترة طويلة ، توقع أن أهالي إربد سيستقبلونه بطلا على مدخل المدينة !! لم يشاهد أحدا، فاعتقد أن الجماهير زحفت إلى بيته . كم كانت دهشته كبيرة جدا ، مرٍ أسبوع لم يزره سوى عدد محدود من أقاربه وربما من رفاقه.

وفي الستينات أيضا دخل البعثي محمد حسين بني هاني السجن ، وذات يوم قال له الحارس: ما الذي دفعك لهذا الحزب؟ أجاب الصديق بني هاني: أنا انتسبت لحزب البعث لأدافع عن الجندي والعامل والفلاح!! عندها استوقفه الحارس وقال له: أنا جندي، وعمي فلاح، ونسيبي عامل لا نريدك مدافعا عنا !!!

طبعا هناك حالات عديدة مماثلة ، مما يثير السؤال : لمن يكتب المفكرون ، ولمن يناضل المناضلون إذا كان المجتمع لا يريدهم!! بل عمن يدافع النقابيون إذا كان جمهورهم يتخلى عنهم؟! ولماذا يدخل الأسرى السجون إذا كان أهلهم فقط من يطالبون بالإفراج عنهم؟

أنا شخصيا مررت بحالات لم أجد فيها من يقف معي ، علما بأنني أتلقى دعما نظريا كبيرا من جمهوري!!

هذه ليست حالة سوداوية . فالمناضل يقاتل من أجل مبادئه ويجب أن لا يتوقع دعما من آخرين . وهذا مبرر كاف للنضال كتابة ورأيا وربما أكثر من ذلك . الدكتور أحمد الشرايري – أول أطباء إربد – كان شيوعيا ، واعتقل في الخمسينات . وفي معتقل الجفر الأكثر شهرة فوجئ بحارس يعامله باحترام شديد خلاف زملائه.

سأله د.الشرايري : ما قصتك؟ أجاب الجندي : “لن أنسى حين عالجت زوجتي ورفضت أخذ نقودا مني لأنني عسكري”!!

عندها قال الدكتور : صدق من قال ” اعمل معروفا تلقاه في الجفر”!!.

قال الحكماء : علينا أن نعمل ونبني مع علمنا بأن الآخرين لا يهتمون!! فالجمهور يهتف لك ، ويسير خلفك حتى أبواب السجن.

وهكذا يا صديقي فاخر! كتب القتل والقتال علينا ! وسيبقى صاحب المبادئ في الطليعة حتى لو خذله كثيرون .

أذكر أيضا د.صلاح غرايبة كان نقيبا للأطباء العرب ، لكنه فشل في انتخابات بلدية حواره قريته! وإذا أردت أمثلة أخرى ، لاحظ كم مناضلا أو باحثا أو مفكرا أو سياسيا في مجلس منتخب . وكم فشل محام مثل صالح العرموطي في الوصول إلى مقعد في اللجنة القانونية ، وكيف فشل أفضل نواب مجلس الثامن عشر في استعادة عضويتهم في المجلس التاسع عشر ! هذا لا يحتاج دراسة من علماء الاجتماع . فالمخاتير يعرفونه جيدا . ويبقى النضال ودور الرواد في إنقاذ المجتمع من الخمول والكسل ، والنوم في العسل وغير العسل!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى