في المنهاج المدرسي ، الطرفان خاسران / سهى عبد الهادي

في المنهاج المدرسي ، الطرفان خاسران / سهى عبد الهادي

بنظرة حيادية لما يحدث في قضية المنهاج والزوبعة النقاشية التي تثير فينا كل غبار الجهل ، لتأخذنا الى الوراء اكثر واكثر في طريقة تناولها والدفاع عن بنودها من بعض معتقديها ، ومعها طبعا تضيع القضية الرئيسية كعادة قضايانا الأخرى .. ولا عجب !!

ان تعتقد وتؤمن بأفكار معينة تتبناها بشكل عملي هو شئ رائع وجميل ، وأن تدافع عن ما تعتقد بصحته ايضا شئ جيد ومهم ، لكن انت مطالب امام نفسك وامام الآخرين بتقديم الحجج والإثباتات التي تدعم رأيك بطريقة علمية ، ويجب أن يكون لك قدرة على التنبؤ بالنتائج الإيجابية المرجوة والتي تأمل بشدة ان ترى لاحقا ، لأنها بنيت اساسا على حقائق ودراسات اخذت حقها في التجريب والإثبات … اما هذه المعارك التي تدور رحاها على ارض متحركة حسب الأهواء والتفضيلات الشخصية فليست الا مصدرا لزيادة التخلف والتوهان في دهاليز الأنا التي غرقنا بها حتى جباهنا ، فلم نعد نرى معها سوى محيطنا الضيق والذي بات اضيق مما نتصور …

للحق بعض المقالات تناولت موضوع التغيير في المناهج بشكل تفصيلي وبهدوء ينم عن وعي واضح وقدرة على ضبط النفس وسط بركان ثائر ، وعملت بجهد واضح على تحري اسباب منطقية للتغييرات التي لم تكن اهدافها والفوائد المبتغاة منها واضحة وجلية لأغلب الناس حتى ممن اخذوا جانبها وتبنوا دور المدافع عنها بطريقة هجومية عنيفة … هذا على اعتبار ان من اشرف وتبنى هذه التغييرات كان مؤهلا وخبيرا حيث يعلم ويفهم الأهداف التربوية والعقلية المرجوة منها ، وانه يرى فيها وفي تحقيقها بعدا وارتقاءا فكريا قد لا يستوعبه الناس العاديين !! !! !!

مقالات ذات صلة

انشغلت الغالبية العظمى في طرفي الصراع ممن هم ( مع او ضد ) التغييرات في شخصنة الأمور كما هي العادة في مجتمعاتنا ، وعملوا على التشدد الواضح دون تقديم الحجج المنطقية التي تدعم ما يحاربون لأجله فكانت الغاية القصوى لكل خائض في الموضوع ان يمحو الآخر ولو استطاع ان ينفيه عن الوجود لما تردد ..

ووسط هذه المناقشات التي تغلي فوق حمم بركانية ، ضاعت قضية التغييرات نفسها التي لم تكن كبديل مطور ذات قيمة علمية حقيقة في التفكير الناقد والتحليلي او في التشجيع على الإبتكار والإبداع اذ اتت باهتة ، مخيبة للآمال ودون المستوى وقد تناولت قشور ظاهرية لم يستفد منها كلا الطرفين المتصارعين وبالعكس لعل الخسارة كانت من نصيب الجميع بدءا من التكلفة المادية التي تكبدها الناس جميعا جراء الطبعات الجديدة للكتب دون فائده حقيقية وملموسة في التطوير ، وانتهاء ببقاء فكر طلابنا في مستويات الحفظ والتلقين ، واما من يقوم بدور الوصي الذي أخذ على عاتقه مهمة رفع مستوى التعليم والتفكير وكان له من الصلاحيات مما يجعله خطرا علينا وعلى اولادنا … فهذه قصة اخرى ومسلسل تتجدد حلقاته مع كل مسؤول يتولى امورنا ولا يرضى بأقل من دور البطوله المطلقة في خساراتنا التي لا تنتهي … والله المستعان

سهى عبد الهادي

ا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى