ماذا حدث بالقاهرة سنة 88…الجزء السادس

ماذا حدث بالقاهرة سنة 88…الجزء السادس
بقلم فراس الور

خافت داليا من نبرة والدتها معها، فكانت حازمه و جادة جدا بما تقول، فاجابت بإنضباط و الدموع في عينيها “تحت امرك يا امي…الغالي سيرخص لمصر فورا عندي…”
اطل عليها وجه مبتسم من باب المكتب الزجاجي، “امي زميلي يناديني، يجب ان اغلق الخط معك…عن اذنك،”
“تعالي الى البيت فورا بعد انتهاء العمل يا داليا…”
“حاضر امي،”
وضعت السماعة على الهاتف و نادت زميلها من خلف الباب، “فريد!”
فتح الباب و دخل بعزم و كأنه يملك الصحيفة بأكملها و قال “ساعود بعد دقيقتين، كنت اريد الحديث معك بخصوص خبر ساخن سيقلب الدنيا رأسا على عقب وصلنا من زميل لنا منذ عشرة دقائق، و لكن رئيس التحرير ناداني للتو، ساعود…”
“ما هو الخبر؟”
عراك مريب بسوق صور الأزبكيه و تجمهر كبير للشرطة و للأمن المركزي…”
تجمدت الدماء بعروق داليا مما قاله زميلها، ففي عالم الإعلام في هذه الأيام الأخبار تنتقل كالبرق خصوصا مع اجهزة الفاكس التي اصبحت منتشرة بشدة في كل الشركات التجارية و مكاتب الصحف و المحلات التجارية بالأسواق، ففي غضون دقائق يمكن لأي صحفي ان يكتب اي خبر يريد بخط يده ثم يرسله بالفاكس للصحيفة التي يعمل بها ليكتب على الألأت الكاتبة التي اصبحت كلها كهربائية و سريعة، و قد يصدر بسرعة باقرب طبعة صحفية ستصدر….العالم اصبح صغيرا مع تقدم وسائل الأتصالات المعصارة…
“داليا!…داليا!…”
استفاقف من بحر الأفكار الذي جرفها الى الكارثة التي كانت ستوافق على طباعتها في النسخة المسائية لصحيفتهم التي باتت مؤخرا منتشرة بقوة في اكثر من محافظة في مصر، تنبهت الى ان زميلها اصبح داخل مكتبها، اجابت بإبتسامة حاولت رسمها لتغطي الصدمة التي شعرت بها “انا هنا فريد ،”
“انت لست هنا إطلاقا…ذهبت الى مكتب رئيس التحرير و عدت و انت لازلت واقفة عند مكتبك لم تتحرك من مكانك، هل هنالك ما ياضيقك؟”
“بالعكس، كل شيئ على ما يرام، قل لي، ما قصة سوق صور الأزبكية،”
وضع روقتين على مكتبها و قال لها، تحتاج الى توقيعك للنشر، فجأة نشب عراك في ركن من اركانه بين إمرأة و رجل غريب الأطوار قلب السوق رأسا على عقب، فهربوا الناس من الموقع ليتضح انه كان هنالك شاهد عيان افاد ان القتال كان شرسا و كان بين إمرأة ادعت انها مقاتلة من زمن الفراعنة مع الجان…”
هزت رأسها بإستياء “استحلفك بالله، هل هذا الشاهد طبيعي ام انه يتعاطى المخدرات؟ من سيصدق هذا الهراء يا فريد…”
“هنالك صُوَر…”
صرخت داليا بإنفعال “صور! اين!”
ابتدأ قلبها بالخفقان بشدة من التوتر، اجاب فريد “كان هنالك طالب كلية طب يشتري بعض من الكتب و المراجع، و حين نشب العراك اختبئ بأحد المحلات من شدة الخوف، كان معه كاميرا، فالتقط صور واضحة للمقاتلين، الشرطة اوقفته و هو يهم بالخروج من السوق كشاهد و اعترف بإلتقاطه الصور، مندوبنا يتمتع بعلاقات طيبة مع ضابط من الجنائية فاعطاه صورتين حال تحميض الفيلم و احتفظ بباقي الصور لملف القضية،”

خرج فريد من مكتب داليا و عاد بعد بضعة ثواني و وضع الصور الملونه على مكتبها، امسكت داليا واحدة منها و نظرت اليها، المصور كان محترف لدرجة انه التقط المعركة بنجاح، و لكن تنفست الصعداء قليلا لأن ظهرها كان بالواجهة و ليس وجهها، ظهر الدرع الذي كان بيدها بصورة واحدة فقط من الصورتين، و الذي برز بالصورتين كان وجه الجان الكريه، كان وجهه يشع غضبا و توعدا اثناء نزالها معه، الحمدلله انها قتلته و تخلصت منه الى الأبدءٍ….
“ماذا تظنين بأمر هذا الخبر،”
ترددت بالتوقيع على الأوراق، فخافت من انتشار خبر المعركة، فلم يكن ينقصها الا امر هذا الطالب و صوره، ماذا لو كان وجهها واضح على باقي الصور في الفيلم؟ ماذا لو بحثت عنها شرطة القاهرة و نشرت صورها في الصحف و على التلفاز؟ سيعلم كل زملائها بالصحيفة عن هويتها المستجدة و سيتم التحقيق معها و سيكون هنالك س و ج و ربما عواقب وخيمة للذي حصل، ما هو القرار المناسب،
“داليا! داليا! كوكب الارض ينادي زحل!”
“انا معك…”
“لا اظنك على كوكب الأرض إطلاق! هيا امضي على قرار النشر قبل ان تأخذ الأخبار الصحف المنافسة،”
تحركت يدها على مضد و وقعت على الخبر، اخفت التوتر و الإرباك الضخم الذي كان يجتاحها و قالت لفريد “لقد تم، سينشر بالطبعة المسائية…”
“شكرا ست داليا،”
نظر اليها و قال متسائلا “اشعر بأنك لست على ما يرام، انت تعلمين كم انك عزيزة كزميلة علي،” أكمل بإهتمام امتزج مع نبرة قلق و قال “لم اتناول طعام الغذاء لغاية هذه اللحظة، انذهب لتناول لقمة سوية، و اذا اردت سنتكلم، اعرف مطعم صيني رائع و هو على بعد عشرة دقائق بالسيارة، انه في مكرم عبيد بجانب محلات البهنساوي،”
“البهناسوي؟ الم نشتري اجهزة التكيف السبليت يونيت الجديدة من عنده الشهر الماضي…،”
“نعم انه هو، هل ستتناولي الغذاء معي؟”
“هذا الرجل باعنا المكيفات بأسعار غالية جدا، و تبين ان سعره لاحقا كان اغلى من السوق، انه طماع و جشع جدا، حر و نار في جسمه إنشاء الله…النعل طَمِعَ بنا و بصحيفتنا حينما علم من نكون، البني آدم لن يملأ عينيه الا التراب،”
“اتتركي الخلق للخالق و تقبلي دعوتي، انا جائع…هيا يا داليا،”
“ليس عندي مانع، و لكنني نسيت ان آخذ نقود معي من المنزل ، خرجت من البيت متأخرة اليوم صباحا، اتسدد فاتورة المطعم عني اليوم و في الغد انا من سيتكفل بثمن الوجبات،” انا مثلك لم اتناول طعام الغذاء،”
“سمعا و طاعة سمو الأميرة، هيا بنا”
فجأة انقبض قلبها في صدرها لدى سماعها كلمة اميرة، هل علم شيئ من الصور و اخفى الأمر عنها؟ نظرت الي وجهه لتبحث عن اية تعابير تخبرها بأنه يعلم من هي، و لكن سرعان ما ادركت انه يمازحها، فكان مبتسماً بسبب قبولها دعوته للمطعم، تنفست الصعداء و هي تسير معه الى المصعد، نزلا الى الطابق الأرضي و سارا بصمت الى سيارته التي كانت متوقفة على مسافة من الصحيفة، فكانت المواقف امام الصحيفة كلها مليئة بسيارات موظفين الصحيفة و الشركات المحيطة بهم، لم يكن لديها ما تقوله فقد كانت المرة الأولى التي تذهب بموعد بمفردها معه، فكانت علاقتهم مهنية بالدرجة الأولى و لم تأخذ بعدا شخصيا طوال عملها بالصحيفة، كانت تشعر بمحبته من حين لآخر بأكثر من مناسبة خلال الفترة الماضية، ففي عيد ميلادها الماضي احضر لها باقة من الورود الطبيعية الزهرية، كانت الباقة تحتوي على ثلاثين وردة و كانت من اجمل ما استلمت بحياتها على الإطلاق، و لكنها لم تكن تفكر بالإرتباط حينها فلم تبادله اية خطوة من شأنها ان ترفع اية رسميات بينهم، و بالرغم من هذا الامر استمر بمعاملته اللطيفة معها الى ان اشعرها ذات يوم بحبه لها فأرسل لها بطاقة تهنئة بعيد الحب في فبراير الماضي و هنئها بكلمة احبك، لم تتفاجأ كثيرا فكانت تشعر بميوله لها، و لكن كان قبلها غير مهيئ لأية علاقة على الإطلاق، فنادته و اشعرته بعدم رغبتها بالأرتباط لاسباب شخصية،

مضى على حادثة عيد الحب بضعة اشهر لم تنطفئ من عيني فريد نظرات الإعحاب لها، فكانت نظراته الراغبة لها كالسهام تنغرز بقلبها لأنه انسان راقي المحضر و صاحب شخصية مثقفة و ودودة جدا، بل و كان شهم جدا بعدة مواقف مع زملائه، و ها هو يثبت هذا الأمر لها بهذا الموقف اليوم، فلو رفضت اي شخص آخر لعزة عليه كرامته و اعتكف عن المحاولة معها، و لكن الذي كان يعاني منه فريد ليست قلة كرامة…بل كان متيم بها لدرجة كبيرة، فبالرغم من انها قبلت دعوته لانها اشترت بمصروفها اليومي الثياب الجديدة بدل التي تمزقت بالمعركة، و فعليا اتت دعوته كنجدة لها فلولاه لكانت بقيت من دون غذاء الى حين عودتها الى المنزل بالليل، الا و انها و هي تسير نحو سيارته شعرت بكم كانت مخطئة بصده بالماضي، شعرت بقليل من تأنيب الضمير لانها لم تقرأه جيدا الا بهذا الموقف المحترم منه، شعرت بأنه رجل متيم و كان يحاول التعبير عن حبه لها بأساليب اي نعم تقليدية و لكن محترمة جدا…

صعقت داليا من عربية فريد، فكانت اولدزموبيل امريكي و موديل حديث جدا، كانت سيارة ذات فرش فاخر جدا، صعدت بها و هي مصدومة من اناقة تصميمها و فخامتها، لم تلاحظ على زميلها فريد يوما اية علامات للحياة المرفهة إطلاقا، فكان يرتدي ثياب عادية مثله مثل اي موظف بالصحيفة، و كان يزاول مهنته بصورة طبيعية جدا، حتى وافقت على تعينه بناءا على كفائته و شهادته الجامعية فلم يأتيها عن طريق اصحاب نفوذ إطلاقا، تنقلت نظراتها بين العربية التي كانت بها و بينه الا ان سألها
“ماذا هنالك؟”
“لا شيئ…و لكن…يعني…”
“انت مستغربة من السيارة…”
“هذا شأن خاص بك…انا أسفة لم اقصد…”
“لا بأس، انا اعمل بالصحافة لأنني احبها،”
اشعل المحرك ثم قاد العربية نحو الشارع، ضحك ضحكة طويلة رسمت ملامح استغراب اكثر من الأول على وجهها، اكمل موضحا “انا والدي مستثمر كبير هنا في القاهرة، يعني لديه شركة استيراد و تصدير اجهزة كهربائية و معارض تقريبا بكاقة مناطق القاهرة، و لكني قبل فترة اختلفت معه…لذلك تركت العمل معه و استقليت عنه،”
لماذا…والدك يستطيع ان يوفر لك الكثير، اتتركه لتعمل تحت ايدي الناس…انا لا اصدق ما اسمعه…من والدك يا فريد؟”
ضحك مرة آخرى و قال “والدي النعل…”
سألت داليا مستغربة “من؟ ماذا تقصد بالنعل…؟”
“والدي النعل الذي شتمتيه بمكتبك حينما تذكرتي من اين اشترت صحيفتنا المكيفات..”
صرخت داليا من خجلها “اخ يا للخجل الذي اشعر به يا باشا،” سحبت يده لتقبلها من الندم و لكنه سحبها بسرعة، صرخت مترجية “سامحني يا باشا! انا لم اكن اعلم شيئ، الحق عليك فلم تشعرني بهوية اهلك اطلاقا، باشا انا…انا آسفة!”
ركن السيارة على يمين الشارع و قال لها “انا خدامك و مداس لقدميك يا ست هانم، بل انا نعل قدميك يا ست هانم،”
نظرت داليا الى فريد و نظرات التساؤل تملأ وجهها، “استغفر الله يا باشا…ما هذا الكلام! انا مرتبكة جدا،”
“انزلي من السيارة،”
“تحت امرك، ساعود بعربية اجرة الى الصحيفة،”
لن تذهبي الى مكان يا داليا، قفي بجانب العربية،”
“تحت امرك،”
نزلت داليا من العربية و هي هائبة مما قاله فريد، كانا امام مجمع كبير بمكرم عبيد، و كان الشارع مكتظا بالمارة و السيارات، فكان الشارع مليئ بالمجمعات التجارية و بالمطاعم و المحال التجارية، سارة حول العربية و قال لها، “انت دعمتيني و علمتيني الكثير بالعمل،” ركع امامها و قبل قدميها وسط استهجان المارة بالشارع مما كان يفعل، انحنت داليا بسرعة و حاولت منعه و ابعاده عن قدميها و لكنها لم تستطع، فنهض بعد برهة من الزمن و قال لها اترين كيف كرمتك امام الناس…”
“باشا لا افهم شيئ، لماذا فعلت هذا؟ ارجوك لا تحرجني و تكرر فعلتك، انت ابن باشا!”
اجابها بهدوء “صدقيني يا داليا انت صنعت مني الرجل الذي فشل والدي بصناعته فيا، نقدك بمحله عن والدي، فهو ليس الأب المثالي إطلاقا، انا كنت ولد تافه مدلل عنده، فكان يدللني بصورة جعلتني اشعر انني استطيع الحصول على كل ما اريد بلمح البصر، كانت كل طلباتي اوامر لدرجة انني كنت ارتكب ابشع المحرمات التي نها عنها الله بكتبه من دون ضمير يؤنبني،”
اجابت بإرتباك شديد “انا آسفة يا فريد…انا لم اتوقع ان قصتك محزنة بهذا الشكل…”
كنت اعاشر نساء و اسكر في كل ليلة مع رفقة سوء و اسهر بارقى النوادي الليلة، و كل هذا لأن المادة كانت سهلة بين يداي، و والدي ظن انني بخير لأنه كان يوفر لي كال ما اريد، و لكن بعد فترة ابتدأت بالشعور بأمر بات يؤرقني في كل ليلة، وصلت لواقع صدمني منذ ثلاثة سنين ، بأنني كرجل ثري ليس لدي حياة اعيشها إطلاقا، اصبحت حياتي فارغة المعنى و الجوهر بصورة بشعة جدا، انا وصلت الى القمة و انا لم اعمل لانالها بتعبي بل بتعب و نقود والدي، ياه يا داليا اصبحت الحياة فارغة من المضمون و المعنى…فبعد فترة لم يعد لي هدف لأعمل لديه، كنت في القمة حتى من اول ايام شبابي، حتى شغلي بالشركة لم ينتشلني من الذي كنت فيه،”
دمعت عيناي فريد فقالت له بتعاطف”انا فهمت ما تريد، لا تبكي، هيا لنعد الى السيارة و لنذهب الى اي مكان تريد، هنالك مواضيع آخرى لنتكلم عنها…”
“اتركيني اقوال لك ما اريد…اتركيني اعترف بما يذبحني من الداخل فربما الفضفضة ستريحني، انتظرت لثلاثة سنين طويلة لأستميل قلبك، و ها انت امامي، عند هذا الحد ارتكبت معصية كبيرة امام الله، ارتكبت ذنبا لم يمسحه من حياتي الا ندمي و ربي الذي خاطبته بعد غياب الدين من حياتي كليا،”
اجابت بقلق “ماذا فعلت يا فريد؟”
“كنت ثمل في ذات ليلة، و كان ابي مسافر كالعادة برحلة عمل الى اوروبا، من شدة ولعه بالمال كانت التجارة اغلى مني عنده، و كان قد تزوج منذ ثلاثة اشهر بإمرأة تصغره بعشرين عام، لا تستغربي فإنها قوة المال على البشر، قبلت به بالرغم من انه في سن والدها، كنت عائد من سهرة و كنت ثمل لدرجة انني لم اميز ما افعل إطلاقا، كنت في حالة يكون المرء فيها غير مدرك لما يفعل إطلاقا، فكنت متأكد انني في فيلتنا و لكن لم يتخطى ادراكي هذا اليقين…و صعدت الى الطابق العلوي للفيلا، و دخلت على زوجة ابي في غرفتها، مع الأسف لم ادرك انها هي، كانت واقفة بالغرفة، و تهجمت عليها، كنت اريد الحرام منها…”
قالت داليا مصدومه “ارجوك لا تكمل يا فريد…ربما الزمن و الوقت كفيل ليساعدك على نسيان جراحك، ها انك اثبت جدارة لدينا و اصبحت ملك نفسك بعملك، اترك الماضي حيث يجب ان يكون و اهتم بالحاضر، “
“انا احببت ان تعرفي الحقيقة لسبب وجيه، فبعد ان ادركت بشاعة حالتي و ما اقترفت مع زوجة والدي، و الحمدلله انني فقدت الوعي بغرفتها قبل ان اكمل العمل الدنس الذي دفعني المشروب و فقدان الوعي لأفعله، قررت ان انفصل عن والدي، قررت ان اتخلص من حياتي فضميري أنبني كثيرا على ما فعلت، الفراغ الذي كنت اشعر به و الحياة الفارغة الخالية من الامل و الهدف خنقتني بما فيه الكفاية، تركت الفيلا و عشت بشقة صغير بعيد عن والدي، و هنا دخلت الجامع لأول مرة في حياتي، و صليت طلبا للغفران من ربي، و اخبرت شيخ الجامع بمشكلتي، نصحني بالإنفصال المهني عن والدي، و نصحني بالتعبد الى الله ، هو من دلني على صحيفتكم، و تعرفت عليك، داليا انا شعرت بالراحة التامة بحصيفتكم ، وجدت الإستقلالية التي صنعت مني بني آدم محترم، وجدت إمرأة و مديرة علي صنعت مني انسان ناجح مهنيا، عملي كصحفي جعلني مسرور حتى في قمة الضغط الذي كنت تضعينه علي، كنت اتحمل ضغوطات العمل بكال سرور، حتى و إنت توبخيني و تصرخين بوجهي عند حدوث اهمال او اخطاء صدر مني كنت اتضايق من قسوتك معي و لكن كانت قسوتك تربي في شيئ لم يستطع والدي خلقه فيا، انا كنت فاشل مع والدي الذي لم يعرف ان يربيني و انت من ربيتي في داخلي الرجل الناجح بعملي يا داليا، انا اشعر بالإرتياح و انا اعمل معك…و اريد ان نكون اكثر من ذلك مع بعض،”
امسكت داليا يده و قالت له بإبتسامة دافئة “هيا، هنالك مطعم فول و طعمية في المجمع الذي نحن فيه…هيا لنتناول الغذاء به، اعدك منذ هذه اللحظة ستتغير امور كثيرة بيننا،”

مقالات ذات صلة

نظر الساحر الى الرؤيا التي تشكلت فوق النيران الملتهبة في بيته الكائن في السيدة زينب، تشكلت رويدا رويدا فوق الألسن الملتهبة امام ناظريه المترقبة الى ان توضح ما في مضمونها، كانت عن إمرأة و رجل يسيران نحو مطعم للفول و الطعمية في شارع مكرم عبيد، ازال الساحر الغطاء عن قفة من القش كانت بجانبه حيث جلس، فكان في غرفة مظلمة في بيته، اخرج منها افعى طويلة و سامة جدا، و ما إن امسكها من منطقة رقبتها حتى انتفضت بين يديها بشدة و اهتز الجرس في ذيلها بعنف كبير، و كأنها كانت تحاول الإفلات منه بسبب علمها بأجلها المحتوم، امسك سكين باليد الآخرى و ابتدأ بذبحها فوق الرؤيا التي تراقصت نيران منقل الشواء تحتها فسالت الدماء فوق مشهد الإمرأة و الرجل حتى غطتهم بالكامل لبرهة من الزمن، قال بصوت عالٍ و آمر “احْضِرْ الحنيش حالا الى مطعم ملوك الطعمية، قد قَدًمْتُ الذبيحة المطلوبة، سلطاني اصبح عليه و على من يمسه من الجان، احْضِرْ حالا…احْضِرْ حالا،”
اجابه صوت رجل بالغرفة “اوامرك مطاعة!”
تلاشى المنظر الدامي عن الرؤيا التي تراقصت النيران حولها بشراسة اكبر، امسك الساحر الأفعى و رماها داخل الرؤيا فابتلعتها بالكامل و ظهر بجانب مطعم ملوك الطعمية بعدها حنيش ضخم و طويل، كان ممدد على طول الواجهة الزجاجية للمطعم على الأرض فلم يلاحظه احد في بادئ الأمر، فكر في ذهنه به و امر خدامه “اشرس! سيًاف! حرس ملك الجان أحْضُرْ! حالا الى منزلي!ّ”
اشتعل بالغرفة على الفور عامودين طويلين من النيران الملتهبة، اهتزت الغرفة من صوت الجان و هما يعلنان “سمعا و طاعة يا سيدي،”
“اقتل داليا سلطان، اخنقها حتى تتكسر ضلوعها و لا تقوى على النفس!”
قال اشرس للساحر “نسألك يا سيدي لأمر مختلف بالنسبة اليها، أؤمرنا فندخل عليها، فجمالها نال حسننا كثيرا،”
آخذ بعضا من دماء الأفعى و رشها على اشرس فهاجت نيران جسده اكثر، آمره الساحر “امنعك عنها، فسأعطيك إنسية آخرى، فاريدها جثة هامدة،”
قال سياف “نريد انسية سبية لنا الإثنين، اتقدم لنا آخرى كذبيحة على قتل داليا؟”
“اقتل داليا و لك ما تريد،”
اختفى الجان لبرهة من الزمن ثم حضر و قف امام الساحر مباشرة، مد يد من يداه المشتعله بالنيران، اخذ الساحر القميص النسائي و سأل “اين ذهبتم و مِنْ منزل مَنْ احضرتم هذا القميص؟”
قال سياف “اسمح لنا بمسها فتصبح لنا هي و جمالها، رأتيها عارية امامي و انت تأمرني بمراقبتها فَعُرْيُها اعجبني،”
مد يده الساحر الى داخل الرؤيا التي امامه و غرف منها بعضا من دماء الأفعى، ثم رماها في الهواء امامه و صرخ “خدامي اريد معرفة لمن هذا القميص،”
توقفت الدماء في الهواء الطلق و كأن يد خفية امسكتها ثم انسكبت على الأرض خيطا رفيعا، كتبت اليد الخفية اسماً بها، نظر الساحر الى الإسم ثم ابتسم حينما علم ان سياف يريد مس و معاشرة رانيا، اخذ قميصها و مزع منه قطعة و حرق طرفه بالنار المشتعلة بالمنقل امامه، فإبتدأت النيران بإلتهامه، قال بصوت عالٍ و هو يرمي قطعة القميص المشتعله على اسم رانيا المرسوم بدماء الأفعى على الأرض “سياف رانيا لك! مسها كيفما تشاء فهي و مفاتنها لك، مبروك عليك عروسك!” اختفى سياف و هم الى دربه الذي رسمه له الساحر،
صرخ الساحر آمرا “اشرس، هيا!” اختفى عامود النار من امامه فورا، نظر الساحر الى الرؤيا فرآى اشرس واقفا بجانب الحنيش على الأرض، تمدد عليه فسكن في داخله…يتبع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى