كورونا مُصيبة تَـمتحِــن الـدُّول والشُّعــوب

بسم الله الرحمن الرحيم
كورونا مُصيبة تَـمتحِــن الـدُّول والشُّعــوب
الاستاذ عبدالكريم فضلو العزام

في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها الأردن كغيره من دول العالم، بعد انتشار هذا الوباء الخبيث الذي لا يرحم صغيراً ولا كبيراً، هذا العدو الذي لا تراه العين، ولا يستأذن أحداً عندما يطرق بابه. هذا الوباء الذي بدأ ينتشر بسرعة النار في الهشيم. مؤذنا بحرب لا هوادة فيها، بدأ يستغيث منهُ القوي والضعيف، الدول الصغيرة والعظمى، حتى أن بعض الدول المتقدمة والغنية بدأت تستسلم لقدرها كإيطاليا مثلاً، لأنَّ كثرة المرضى زادت عن قدرة هذه الدول على تقديم الخدمات الصحية لطالبيها.
أمام هذا الامتحان الصعب لا بدَّ من وقفة تكاتف تُرَص فيها الصفوف، وتتلاقى كل التوجهات نحو هدفٍ واحدٍ ألا وهو : كيف يمكن للأردن وللأردنيين أن يتجاوزوا هذه المحنة؟
نعـم :
إننا أمام محنة، لم يحسب أحد حسابها لا في الأردن ولا في غيره من الدول.
محنةٌ أشدُّ فتكاً من الحروب، لأنَّ فيها الآلام، والجوع، وفقد الأحبة لا قدَّر الله.
أمام هذا الواقع المرئي، وأمام المستقبل المُنتظَر المرعب، تقف اليوم الدولة بكل كوادرها وقفة مسؤولة، مليئة بالعز والفخار، تخطط وتنفذ كل ما من شأنه الحفاظ على هذا الشعب العظيم، وإبعاد كل سوءٍ وأذىً عنه.
ومع هذه الوقفة الرائعة للدولة بقيادتها وحكومتها وجيشها وكل أجهزتها، لا بد أن يكون لنا نحن الشعب كل الشعب دور مساند للدولة، وهذا المنتظر منَّا كشعب، وهذا ما عوّدنا أنفسنا عليه.
فقد كنا وسنكون اليوم ودائماً نحن الحكومة، وستكون الحكومة هي الشعب، جسدٌ واحدٌ، الكُلُّ مسؤولٌ يُكافح لتجاوز المحنة.
إنَّ أوَّل مسؤولياتنا كشعب أن نستجيب لِكُلِّ توجيهات الدولة، لأن الدولة اليوم لا تطلب إلا ما يحفظ أرواحنا كشعب.

والدولة و إن كانت بعض قراراتها في ظاهرها القسوة كحظر التجول، إلا أنها قرارات في باطنها الرحمة، فهي كقسوة الأبِ على أبنائه، الذي و إن قسا عليهم فإنّ قسوته لمصلحتهم و مستقبلهم، يقسو عليهم و قلبه يذوب حزناً و رحمة.
سنلتزم بكل قرارات الدولة حتى لو عشنا نملأ ربع البطون، سنلتزم بكل القرارات حتى لا نكون شركاء مساعدين للوباء على إزهاق أرواحنا و أرواح أهلنا و أحبّائنا.
سنلتزم بكل القرارات و نأمل أن يستمر ما قرأنا عنه في الصحف من مبادرات فرديَّة و شعبيَّة و حكوميَّة تُترجم مقدار التكافل و التضامن بين أبناء هذا الشعب الواحد، الذي يمثل الأسرة بكل معانيها الأب و أبناؤه الذين يعيشون تحت سقفٍ واحد.
قرأنا عن مبادارات الخيِّرين الذين هم أكثر من أن يُحصى عددهم، منهم من قدَّم الخبز، و منهم جنَّد آلياته لتوصيل الخدمات، و منهم من قدَّم المال، و منهم من سامَح المستأجرين بما عليهم، و منهم من قدَّم و قدَّم من عطايا السِّر والعلَن.
بهذه المبادرات يُجسد الشعب الأردني اليوم و يُترجم الحديث النبوي الشريف الذي يقول: ( مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمى ).
إنَّ الشعب الأردني اليوم يتقاسم لقمة العيش، و علبة الدواء والحليب، و يُغدق الغنيُّ مِمَّا أنعم الله عليه على الفقير حتى ينال الجميع رحمة الله ويبقوا في ذمته. قال عليه الصلاة والسلام ( ما مِن أهلِ عَـرَصَةٍ بات فيهم امرؤٌ جائع إلَّا بَـرِئُـوا مِن ذِمَّـة الله ). والشعب الأردني اليوم يُعطي مثالاً حيَّاً للدول الأخرى، كيف أنَّه يذوبُ في شخصِ قيادته و أنّ قيادته تَـلُـفُّ شعبها تحت عباءتِها حتى لا تلفحَه رياح السَّموم.
إنَّ ما نراهُ اليوم من وقفة عزٍّ وفخار هو خُلاصة سيرة حكمٍ هاشميٍّ للأردن على مدى مائةِ عام، و سيرةِ الهاشميين على مدى قرون، و سيظل الشعب الأردني كما تربَّى وفيَّاً لوطنه و لقيادته نحافظ جميعاً على كُل ظُفرٍ في جسدٍ أردني.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى