بسبب البطر وكثرة الزفر / يوسف غيشان

قبل ان تصبح الصين قوة اقتصادية عظمى، كما هي اليوم ، فقد حصلت فيها مجاعات عامة اودت بحياة الملايين، اكل الناس فيها جميع انواع الحيوانات والحشرات، لا بل اكلوا بعضهم بعضا، وقد وصل الأمر ان تأكل العائلات الطفل الأضعف لتبقي على نفسها وعلى الأطفال الأقوى، إن وجدوا.
وجد الكثير من الأمهات والآباء صعوبة نفسية في التهام اطفالهم – صدقوني اني احكي الحقيقة وليس مجرد تهويمات خيالية- فابتكرت المخيلة البشرية نظاما اخلا فلاّته، يخف عليهم من غلواء هذا العبء النفسي .

سمّي هذا النظام بلهجتهم (أبي إر شئ) وهو اقرب مقطع صوتي في العربية لهذا النظام البسيط، القاتل في بساطته، وتعني ان تأكل انت واسرتك طفل جارك ، بينما يلتهم جارك طفلك بكل راحة ضمير. وهكذا لا ندع للعواطف العائلية تأثيرا علينا خلال فترة التهام الطعام.
في الحالة الطبيعية ، فهذه وحشية مفرطة، لكن الإنسان يتحول الى وحش في وضع الجوع المطبق. على كل حال لسنا هنا في وضع محاكمة هؤلاء البائسين ، الذين توفي منهم في آخر مجاعة 30 مليونا فقط لا غير . نحن هنا في عملية مقاربة ومقارنة لما حصل آنذاك عندهم بسبب المجاعة، وما يحصل عندنا بسبب البطر وكثرة الزفر.

(ابي ار شئ) كان استجابة وحشية لمجاعة وحشية ، لكننا نفعل مثلها او مايشابهها كل يوم وكل لحظة.

– ماذا تقولون عمن ينتمي الى التنظيمات الإرهابية ويقتل الآخرين ويحرقهم ، ويقتل نفسه ويفجرها ليفجرهم معه؟
– من يرشي ويرتشي ويسرق المال العام ليغتني هو يفقر الوطن.
– ومن يسرق دورتعيين رجل كفوء – بالواسطة- ليتعين مكانه، بالواسطة او بالرشوة، بدون وجه حق.
– من يطلق النار في افراحه ليقتل افراح الآخرين .
– ومن ..ومن ومن .

مقالات ذات صلة

ابحثوا عنها هذه المن والمن والمن ..ستجدون اننا نمارس ما يشابه نظام ال(ابي ار شئ) ع الطالعة والنازلة ، بينما نعاني من السمنة والترهل والبطر.
وتلولحي يا دالية .
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى