مصباح ديوجين!

#مصباح_ديوجين! / #يوسف_غيشان

حينما كنّا تلاميذ مدارس، كانوا يكرّرون لنا في أكثر من صفّ
ومنهج قصّة المرحوم ديوجين والإسكندر، ملخّص القصّة أنّ الإسكندر المقدونيّ عندما احتلّ اليونان سمع عن شهرة الفيلسوف ديوجين، فركب فرسه وذهب إلى لقائه، فوجده يعيش في برميل أكله الصدأ، فوقف أمامه، وحاوره قليلاً، ثمّ سأله ماذا يريد من الإسكندر وسيحقّقه له فوراً فقال ديوجين:

  • لا أريد سوى أن تبتعد قليلا ً، فأنت تحجب عنّي نور الشمس.
    وتكتمل الدراما حينما يزداد الإسكندر إعجاباً بديوجين ويقول:
  • لو لم أكن الإسكندر، لتمنّيت أن أكون ديوجين.
    وقد نجحت هذه القصة العابرة للمناهج في تزايد إعجابنا بفقرنا المستتبّ، لا بل أنّنا اعتبرناه ميزة على الأغنياء، الذين يتمنّون لو كانوا مثلنا، لا بل أنّ بعضنا حاول أن يحمل مصباحاً في رابعة النهار باحثاً عن الحقيقة، كما كان يفعل ديوجين.
    تخيّلوا لو أنّ من كان يحكم آنذاك هو ديوجين، بالتأكيد سيكون العالم قد انتهى، أو أنه ما يزال كما كان حوالي عام 325 قبل الميلاد.
    أمّا الإسكندر المقدوني فقد ترك ديوجين في برميله وشرع في احتلال العالم، حتى اكتسح كلّ العالم القديم المعروف تقريباً، وهزم أكبر إمبراطوريّة في العالم، الإمبراطورية الفارسية التي كانت تحتلّ أجزاء من مصر وكامل بلاد الشام والجزيرة العربية آنذاك، ثم احتلّ أجزاء كبيرة من الهند وكان ينوي الولوج إلى الصين، لولا تمرّد جنوده عليه ورغبتهم في العودة إلى بلادهم.
    طبعاً ارتكب الكثير من المجازر، تحديداً في مدينة صور، لكنّه بنى المدن الكبرى والمكتبات العظيمة، ونشر المعرفة في أرجاء العالم، وجعلها مادة شعبية للعالم أجمع. بالتأكيد فإنّ حركة الإسكندر ألقت حجراً كبيراً في مستنقع العالم، فتحرّكت الشعوب، ونهضت الإمبراطوريات، وتحوّل الرومان من مجرّد بدو يحاصرون أنفسهم في مدينة روما إلى إمبراطورية كبرى ورثت إمبراطورية الإسكندر.
    أما مصباح ديوجين الباحث عن الحقيقة، فقد انقرض، أمّا مصباح العلم الذي حمله الإسكندر فقد أضاء العالم.
    يا فقراء العالم
    لا تقدّسوا الفقر ولا تحترموه.
    الفقر مرض وجوع وظلم
    لا تجعلوا الكبار يقنعونكم بأنّكم الأفضل.
    أنتم لن تكونوا الأفضل، إلاّ إذا استعدتم حقوقكم في الحياة: حقّ السكن والتعليم والعمل بكرامة والحياة بمتعة.
    يا فقراء العالم اتحدوا !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى