الشباب يصنع التغيير والحكومات تطيح بهم

الشباب يصنع التغيير والحكومات تطيح بهم
عبد الفتاح طوقان

دولة د. الرزاز رئيس الحكومة الأردنية يدعو الي ضخ دماء الشباب في العملية التنموية، بعد ثمانية وعشرون عاما من الحديث عن ذلك في ندوات محلية وعالمية دون أي اهتمام حكومي أردني بالشباب سواء رياضيا او ثقافيا او سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا، و لكن الرئيس استفاق علي ورقة “أهمية الشباب” بعد أن وصل الدين الي ٣٢ مليار دينار، بعد ان سرقت البلد، بعد ان هرب الفاسدين بمساعدة السلطات، بعد وبعد وبعد، والأهم دون ان يكون لدي الحكومة خطة ومعالم خارطة شبابية، اين قانون اعداد الشباب مثلا؟.

يا دولة الرئيس إن حكومات الأردن في معاملتها للشباب اخرجت مسلسلا لأخصاء الفكر الشبابي ونزع رحم الامة حتى لا تنجب مفكرين وشباب قادر علي التغيير. فكيف تطالب بضخ دماء شباب والاوردة قطعت والدماء سالت وتبخرت في الجسد.
لقد مد الشباب يده فقطعتها الأجهزة التنفيذية. هل تريد أكثر من ذلك صراحة؟.

كلام الرئيس يصنف في خانة الكلام فقط والكلام جميل وفكر راق يستحق الشكر عليه، رغم انه سراب، ولكن كما يقول المثل ” امشي مع الكداب لحد الباب” حيث اعتاد الشعب على عدم مصداقية الحكومات، وامل الا تكون حكومة د. الرزاز نسخا عن غيرها.

لا يوجد خطة للشباب لدي أي من الحكومات، فقط تصريحات ولقاءات بلا فائدة، ونتساءل مجددا اين الخطة؟ حيث لا يكفي الإشارة في خطاب ملكي الي الاهتمام بالشباب دون خطط ومقاييس ومتابعة.

إن بناء وتقديم خطّة حكومية واقعية لاستقطاب الشباب سيجعل المشاركة السياسية والتنموية ذات فائدة وأسهل بكثير، وهو ما سبق وتحدثت و تحدث ايضا عديد من اكفاء الشباب و الشابات عنه منذ الثمانينات ، و قدمت مع زمرة من اكفاء شباب الوطن أوراق وخطط و محاضرات في الأردن عن مشاكل الشباب و دورهم و دمجهم في الخطط التنموية و السياسية، بل شاركت في خوض الانتخابات النيابية ثلاث مرات تحت مسمي “مرشح الشباب” لتوضيح أهمية الشباب ولكن وجهت بحرب علنية و سخرية من الحكومات المتعاقبة ، المغلفة برعاية امنية و مباركة أمريكية ، حيث يريدون الشباب أفواج تأييد عمياء لكل قرار يصدر لا أفواج فكر و تغيير للأفضل الي ان ترشح بعدي بأربع سنوات الدكتور صالح ارشيدات في انتخابات نيابية عن محافظة اربد و رفع شعار ” مرشح الشباب” ثم تكرس مفهوم الشباب في الاعلام فقط ، و ليس علي ساحة الواقع و الأرض ،رويدا رويدا.

و تحدثت و غيري الكثيرون في منتديات عالمية شبابية عن المستقبل والامل والبناء و التخطيط في الأردن و حملت معي التوصيات العالمية من مؤتمر عام الشباب الدولي في إيطاليا عام ١٩٨٥ الي الأردن ، ولكن للأسف كلها وضعت في سلة المهملات الأردنية، ومع كل احترام دولي كان هناك حرب علي فكر الشباب في الداخل في دولة يحكمها الامن و يسيطر فهمها الوحيد علي استقطاب و ترضية المعارضة الممولة خارجيا و فك شيفراتها هي والأحزاب التابعة لها لاستقطاب بعض من أعضائها لإرشاد الامن عن مفكري الحزب و من ينتمي اليه و مقابل ذلك يتم مكافئة الواشي بمنصب الوزارة ، و لكن لا قيمة حقيقية للشباب الوطني الأردني الحر المستقل عن الأحزاب الخارجية و الموجه خارجيا ، الي الدرجة ان أصبحت وزارت بعينها تأتي علي شكل ترضية لمن فاته حظ التوزير او رشوة لواشي علي رفاق الحزب واذكر منها الشباب و الثقافة و غيرها. هذه هي أحد المشاكل التي يجب معالجتها قبل الحديث عن الشباب والمأسسة. لا بد من مناقشة الأمور بمسمياتها بصراحة لنصل الي استعادة الوطن الذي سرق من أبنائه.

وللأسف، فأن الحكومات المتعاقبة الأردنية هي التي ساهمت في استبعاد الشباب بفوقيتها و تعالي رؤسائها، وبإضافة اليأس خلال سنوات، وهي حكومات رفضت انخراط الشباب “بحرية ” في الحياة السياسية والاقتصادية وحاربتهم ووقفت امام طموحاتهم، بل ارادت ان تكبل أفكارهم وتقودهم في مجموعات تابعة تصفق لكل الأخطاء و انتقت قلة منافقة و قربتها و مولتها و فتحت لها ابواقا إعلامية و منصات و مناصب. الشباب يشعر بآنه مهمش و ان هناك سحارات خيار و فقوس وكوسا في التعيينات و بذنجان محروق في المطبخ السياسي .

اذا أراد رئيس الحكومة د. الرزاز كما صرح ” انه علينا الالتقاء حول القواسم المشتركة للاتفاق عليها، وانه على جيل الشباب الانخراط في عملية البناء والتطوير حتى نتمكن من الحديث عن المستقبل.” عليه ان يفتح أبواب الحريات و يزيل القيود علي الفكر و الاقصاء و يبدء في مأسسة حكومة وطنية تلتزم أولا بانخراط إيجابي حقيقي للشباب ، ومن ثم بإحضار الفاسدين و تقديمهم و شركائهم الي المحاكم العلنية و استعادة الأموال المنهوبة ، وقف مسلسل اغتيال الشخصيات و المفكرين الممنهج حكوميا بأذرع مخفية و لكنها معروفة ، شفافية التعيينات وتوضيح أسباب و أسس اختيار الوزراء ، طرح قضية البطالة و أسبابها و كيفية معالجتها ، بناء الشاب و أسس التنشئة والفكر و غيرها من الأمور. علي الرئيس ان يقدم “القواسم المشتركة ” ماذا يقصد بها ، ما هي ، كيفية التوافق عليها ، من يحددها ، و ما مصير من يعارضها علي سبيل المثال؟.

اعتقد ان دولة الرئيس الرزاز مخطئ اذ تخيل ‘أصبح لدينا جيل يسمى جيل الانتظار وهي حالة تفضي إلى مظاهر سلبية في المجتمع أبسطها الشعور بالإحباط'”، جيل الشباب ليس منتظر ثابت و لكنه متحرك دينماييكي و ليس استاتيكيا كما يعتقد، و الصحيح اصبح للأردن جيلين ، الأول هو”جيل المهاجرين “حيث يوجد اكثر من مليون اردني يحملون الجنسيات الكندية و الامريكية و الاسترالية يعيشون في الخارج وتعتقد خطئا الحكومات ان لا وزن لهم و تستثنيهم من المشاركات بأنواعها ومن ضمنها القرارات في محاولة لسلخهم عن الجسد الأردني المحلي، والبقية تنتظر الهجرة من جهة وترحب بسقوط الحكومات والنهج المتبع من جهة اخري.

والجيل الثاني الذي عملت علي تدجينه و إخراجه و بلورته الأجهزة وهو جيل” المبصمون” الذي يرقصون في فرح الحكومات و يبصمون لها مقابل مناصب و مكافآت و ترضيات و غيرها. هذا هو اخطر جيل ان لم يكن فيروس قاتل و مدمر للوطن و برامجه.

أن الشباب والشابات الأردني واعي و مثقف و مطلع و فخر لكل شباب العرب، و هو شباب متيقن ان له قيمة مضافة في عملية الإصلاح ولا يحتاج لشهادة من احد، وهو شباب متيقن في نفس الوقت ان الحكومة بكل اجهزتها تحارب هذا النهج الإصلاحي الذي يطالب بالتحقيق مع الفاسدين من أعضاء الحكومات دون استثناء، و الفساد هنا ليس ماليا فقط بل أخلاقيا و سياسيا و اقتصاديا.

الشباب فقد الثقة في الحكومات المتعاقبة فلا امل في تحفيزه من حكومات يراها ساقطه وفاشلة ومتحيزة.

هناك دعوات يا دولة الرئيس للشباب في عدم الانخراط مع نهج سيء وحكومات ضعيفة أطاحت بمستقبل البلاد وارتهنت لصندوق النقد الدولي وتعليمات السفارات و ركعت لنيل رضاء الباب العالي.

اعانك الله.

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى