خليل قنديل / محمد العيسى

خليل قنديل
تعددت الأسباب والموت واحد وتعددت العناوين ولكن اسمك هو العنوان ، إعتدت عند كتابة المقال أن أختار العنوان بحذر وأحاول جاهدا أن يعكس محتواه إلا أنك وببساطتك وعفويتك اخترت انت أن يكون عنوان مقالي هذا هو اسمك فلن يكفي أن يكون ” مات خليل ” أو ” الموت يغيب القاص خليل قنديل ” أو ” وداعا قنديل ” ، أعلم أنه كلما تم تخصيص الأمر كان أكثر قربا للفهم من عمومه إلا انت فمن أراد معرفتك حق المعرفة فعليه أن يأخذ العموم لا الخصوص.
كتب الجميع كل حسب معرفته بك فالصديق كتب لك وعنك وكانت مظلة كلماته الصداقة وزميلك الكاتب كانت مظلته زمالة المهنة والقريب وان لم يكتب تحدث عنك وكانت المظلة هي العائلة وصلة القرابة وكل مظلة كانت هي العنوان ، ولكن كيف لي أنا أن أكتب وقد كنت انت الصديق والرفيق والزميل والقريب والأب ، كيف لي أن أصف حجم كل تلك المشاعر التي كنت دائم الصدق بها تجاهي وتجاه رفيقة دربك ” خولة ” وذريتك ” خالد ” و ” ديانا ” وحفيديك ” صبا و مهند ” فنحن الذين فزنا بالمظلة الكبيرة مظلة ” خليل قنديل “.
لم أكن أعلم يا أبي أن ذاك السفح الجبلي في منطقة وادي السير لا زال متاحا بعد أن استودعنا به “رولا” لم أكن أعلم أن هنالك مساحة حرة لك ليست لأحد ولم يرها أحد وكأنك أنت الذي أخترتها عندما قمت باختيار قبرها قبل عشرة أحزان ، وكانك وعندما قمت بوصف هذا السفح كنت تعلم بأن للسفح جنة ليست لأحد بل هي لك أنت وكأنك وكما عودتنا على قوتك وصلابتك وروح التحدي عندك تقول هذا القبر لي فعشرة أعوام على موت ابنتي كفيلة بأن تعطني الحق بأن ارقد بسلام بجانبها.
أزعجتني جدا تلك العناوين التي وصفتك بأنك مت وأنا أعذر كل من أختار هذه العناوين ولكنك حقا لم تمت فنحن يا أبي ينتابنا شعور أنك في سفر بعيد ونعلم أنك لن تعود ولكننا وبصوفية أجدادنا نعلم أننا آتين اليك وسنحظى بالفوز العظيم ، حتى أنني أخبرتك بالأمس وأنا أقف بين قبرك وقبر ” رولا ” أنك لم تمت حتى أنني ما شعرت أنك تحت التراب وانا الذي حملتك وهنا على وهن بيدي ووضعتك تحته.
كل مجموعة قصصية لك نعيشها الآن فما حدث جعل من حذائي ثقيل على تراب قبرك وأنا احملك اليه حتى ترك وشما فيه لن يغيب ، ما حدث حقا جعلني ألتزم ” الصمت ” ، ما حدث غير حالات النهار وجعلنا نرى زهر نيسان يجف وكأننا نراه بعين تموز ، إلا ان تلك الشجرة القابعة خلف قبرك ستظل هي سيدة الأعشاب ، وستبقى لك في قلوبنا مساحة حرة.
الآن وأنت الذي ترقد بسلام هناك بجانب ابنتك وقد تساقط عن كاهليك المرض والتعب وكتبت بروحك آخر قصة قصيرة لك حيث أن مثل هذه القصص لا يكتبها قلم ولا تتلقاها ورقة بل كتبها الألم وتلقيناها نحن ، اسمح لي بأن لا انهي كلامي كما انهيته أنت برثاء ” رولا ” عندما قلت لها ” لك الرحمة ولنا كل هذا الشقاء ” بل لك الرحمة ولنا رب السماء فلا شقاء وأنت حي بنا، عشت قنديلا ومت قنديلا ولا زال زيت قنديلك مضييء وسيبقى..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى