قريبي معلم “الوكالة” وقصص الجن!

قريبي #معلم “الوكالة” و #قصص_الجن!

د. #ماجد_توهان_الزبيدي

عشرات إن لم يكن مئات من حملة الشهادة الجامعية الأولى والثانية(الماجستير) يتمنون لو تم  تعيينهم للتعليم بمدارس وكالة الغوث الدولية”أونروا” ،بسبب رواتبها ومكافآت نهاية الخدمة الوفيرة(شوال مصاري حسب التعبير الدارج الشعبي)،إلّا قريبي “حافظ أبو محفوظ” الذي لم يكن يكترث لدوامه كمعلم في إحدى مدارس الوكالة !تارة يحضر وتارة يغيب كما يحلو له من دون أدنى تفكير بالعواقب المترتبة على تجاهله للتعاليم والأنظمة المعمول بها،والتي يتقيد بها كل زملاءه تقيّدا تامّا وكاملاً!

تميّز قريبي المعلم أبو محفوظ  بأنه لم يًعرف عنه، إحتفاظه بأي دفتر لتحضير الدروس في تخصصه التربية الإجتماعية، ولا يتقيّد بمنهاج دراسي،ويقضي معظم الحصص الدراسية بسرد سواليف وحكايات كما يشتهي طلبة الصفوف ،وخاصة منهم من يجلس في المقاعد الخلفية من المشاغبين الذين يستغلون منع ضرب المعلمين للطلبة أو حتى الصراخ عليهم،وهي نقطة ضعف لدى المعلمين الذين يخشون من شكاوى الطلبة الكسالى بحقهم!

مقالات ذات صلة

وجد قريبي المعلم ابو محغوظ طريقة مبتكرة لتمضية الحصة الدراسية وإسكات الطلبة المشاغبين ،وباتت حصصه أكثر حصص المدرسة هدوءً وإنضباطاً وتعاوناً ،وهو مايفتقده كل المعلمين من زملاءه والذين باتوا يكيدون له ويؤلفون عليه القصص السيئة!

لجأ  قريبي المعلم ابو محفوظ لطريقة لا تخطر على باب مخلوق ـ كما يقولون ـ عندما راح يتغلب على مشاكل التلاميذ  المشاغبين ،بأن أخذ يسرد عليهم حكايات عن سلوكيات الجن وقدرة هذه المخلوقات على فعل الأعاجيب مما لا يقدر عليه  عالم الإنس! ثم تعرف إلى تلميذ  بارع وحسن في تلاوة القرآن الكريم  بصوت عذب يسحر الأفئدة والألباب،فصار يصطحبه معه في كل حصة يدخلها :يأخذ الطالب او العصفور ـ على حد وصف أبو محفوظ  له ـ بتلاوة ماتيسر من القرآن الكريم فيهدأ الطلبة هدوءً تامّاً،ثم يأخذ المعلم ابو محفوظ ـ  حفظه الله من كل شر، ويارب  لا تطعمه لكل مشتهية للإنجاب ـ بالحديث في قصة جديدة من قصص الجن،فينام كثير من الطلبة ،ويتاوب بعضهم الآخر!

من القصص التي يُكررها المعلم ابو محفوظ ،مثلاً ،والتي تُلاقي ترحيباً مستمراً من التلاميذ وتنال تأييدهم ولا يملّون منها :دور الجن في جلب الحبيبة من بيت أهلها وعودتها دون أن يشعر بها أحد،ودورهم في إيجاد “اللقايا “من الذهب والجواهر والآثار،وقيامهم برمشة عين في حل أسئلة الإمتحانات عن الطلبة،وزواج الإنسان من “جنيّة” والإنجاب منها دون أن يرى أحد ذلك سوى الزوج الأنسي، حمل الجن للإنسان في رحلات خارجية لدول أخرى ،مساعدة الجني لصاحبه الإنسان في جلب دنانير ودولارات كثيرة من البنوك والمصارف، قدرة الجني على إقناع أهل البنت بالموافقة على زواجها  من “شتيوي” و”خلف”  و”فتيش” و”رعيش” و”شعيط” و”معيط”، و”عايش” و”غصّاب” و”فالح” وولد عمه “فليح”  و”رايق” و”ساطي” و”راضي”(أسماء الطلبة المشاغبين في الشعب الدراسية التي يُدرسها المعلم  ولد خال عم خالتي المدعو حافظ ابو محفوظ)!الذي يؤمن أن العلماء الذين غيّروا وجه الكون والبشرية بفضل إكتشافاتهم وإختراعاتهم ما كان لهم ان ينجزون ذلك لولا الخيال الرهيب الواسع الذي كانوا يتمتعون به!!!

وقد حدث أن جاء مفتش تربوي بشكل مفاجىء إلى المدرسة وهاله الضوضاء والشغب الذي عليه معظم الصفوف بإستثناء صف المعلم قريبي  المذكور أعلاه ـ واللي يارب لا تطعمه لمشتهية ـ فدخل المفتش وأخذ زاوية في الصف ثم خرج مقتنعاً بأهمية قصص الجن في ضبط حركات وعصبيات  ومشاغبات و”تياسات” التلاميذ،مع أنه كان يبحث عن المعلم ابو محفوظ من سنة ونصف السنة ولم يجده في المدرسة إلّا هذه المرة!

 نسي المشرف التربوي الهدف الذي من أجله دخل صف المعلم ابو محفوظ ،ولم يحاسبه على غيابه عن دوامه طيلة اكثر من عام، ولا  لعدم إحتفاظه بدفتر تحضير الدروس اليومية ،ولا عدم إستخدامه لوسائل الإيضاح واولها السبورة، وبات من اثر طريقة سرد المعلم لقصص الجن ،أقرب مايكون لحمل وديع مسالم مع أنه من عائلة كريمة معروفة هي عائلة “الغول”!(4 أيار)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى