فلسفة المرأة المجروحة من الحُب

فلسفة المرأة المجروحة من الحُب
The philosophy of women who are wounded by love
دكتورة مجد خليل القبالين
دكتوراه علم اجتماع / علم الجريمة

في مُجتمعاتنا الشرقية يتم تربية المرأة على ان يكون جُل اهتمامها بالرجل ، ويتم تهيئتها منذ طفولتها على انها ولدت من اجل ان تكون فقط بجانب رجل وتلبس فستاناً ابيض ويكبر هذا المُعتقد مع المرأة مع تقدم مراحلها العُمرية ، ومع الوقت تُصبح المرأة عاطفية جداً وحساسة جداً وخصوصاً من الشخص الذي احبته ومهما بلغت قوة شخصيتها فهي تتحول الى امرأة ضعيفة امام من تُحب وتصبح هشة ؛ لأن قلبها هو الذي يحكم تصرفاتها ويُسيرها ، وعندما يأتي الوقت الذي تنتهي فيه علاقتها بمن تُحِب سواءً كانت علاقة حُب ، ام خطوبة ، ام زواج وحصول طلاق فإن كُل امرأة تمر بتجربة حب فاشلة وتنجرح تمر بخمسة مراحل :
– اولاً : مرحلة الصدمة Shock” Stage of” ، ويتم خلالها طرح عدة تساؤلات والتي يُصاحِبها شعور المرأة بعدم الثقة بنفسها والشك بنفسها وتتمحور هذه الاسئلة حول عدة محاور وهي…..
لماذا حصل هكذا؟ ولماذا قابلته ؟ ولماذا عمل هكذا ؟ ولماذا تركني ؟ ولماذا لم نتفاهم؟ وبماذا قصرت معه ؟ (ستة اسئلة لماذا) وقد تزيد هذه التساؤلات من امرأة لأخرى.
– ثانيا : تبدا بمرحلة الانكار”Stage of denial” ، وهي انها لا تريد تصديق فكرة انه لن يرجع لها ، ولا تريد الاعتراف بما حصل ابداً وكأنها تعتبره انه لم يحصل من الأساس وفي هذه المرحلة تكون المرأة مشوشة التفكير بشكل كامل.
– ثالثا : عندما لا يرجع تبدا بمرحلة الحزن والاكتئاب.
” Stage of grief and depression”، وخلالها تُصبِح المرأة مُنعزل ومنطوية على نفسها وتشعُر ان حياتها عبء ثقيل عليها ، وتشعر ان كل ابواب الحياة أُقفلت في وجهها ، وتُعاني المرأة خلال هذه المرحلة من اضطرابات في النوم والأكل (إما فقدان الشهية او العكس الافراط في تناول الطعام كوسيلة لتفريغ الطاقة السلبية في تناول الطعام وخصوصاً الاطعمة غير الصحية).
– رابعا : مرحلة البحث عن رجل بديل.
The stage of searching for an alternative man”” ، وذلك لتعبئة الفراغ الذي تركه الرجل السابق وهذه المرحلة فيها ظلم للرجل البديل ؛ لأن المرأة لا تكون مُستعدة نفسياً وعاطفياً للخوض بعلاقة جديدة ؛ لأنها لم تتخلص بعد من رواسب العلاقة السابقة ولم تتعافى منها ولم يلتئم جرحها فمن الخطأ الكبير بناء علاقة جديدة على انقاض جُرح لم يلتئم بعد ، وتُسمى ايضا مرحلة تشتيت الانتباه ” Stage of distraction” ، وهي تمثل حل مؤقت وبنج موضعي وليست حل جذري للمُشكلة ؛ لأن الحل الجذري يكون من خلال مرحلة تحقيق الذات.
– خامسا : مرحلة تحقيق الذات ” ” Stage of Investigation Self، وتبدا عندما تصل المرأة لمرحلة اليأس من انه لن يرجع وتكون هي نفسها مرحلة بداية شعور المرأة بالملل من الانتظار وخصوصاً عندما تكون قد بدأت مرحلة الاعتياد على غيابه وعدم وجوده ، وتكون هي نفسها ايضاً مرحلة بدا المرأة بالبحث عن شيء تُحقِق ذاتها من خلاله ينسيها ويعوضها عما مرت به ، ويمكن تسميتها ايضا ببداية مرحلة ترميم المرأة لقلبها واستعادة ثقتها بنفسها من جديد ، حيث تبدا المرأة ببناء نفسها من جديد ولم شتات قلبها المُنكسِر وجمع لبنات قلبها وإعادة جمعها من جديد ، وهُنا على الاغلب يُساعد المرأة في ذلك البدء بنشاط جديد او عمل جديد لم تمارسه من قبل يتعلق بالتعليم او الدراسة او وظيفة والتركيز على تحقيق ذاتها ، والتركيز على امور مُهِمة كانت هي مُنشغلة عنها مع الحبيب ، وخلال هذه المرحلة يبدا نمط حياة المرأة بالتغيُر تدريجياً ويكون مسار هذا التغيير للأفضل ، وتبدا مرحلة التئام الجرح بشكل واضح ، صحيح ان الجرح ترك اثراً وقد يكون الاثر بسيط او متوسط او عميق حسب طبيعة وحجم الجرح نفسه ولكنه بالنهاية سيلتئم ، ومن الجيد والمُفيد بقاء اثر للجرح ؛ لأن الاثر الذي يتركه الجرح هو الإجراء الوقائي الذي سوف يحمي المرأة من الاصابة بجرح آخر ومن علاقة اخرى ، ويُشكِل خط دفاعي لحماية المرأة من الوقوع بجرح مُماثِل للجُرح السابق.
وبالنهاية فإن كل انسان مهما بلغت به شدة جروحه وهمومه سوف يتم علاجها ونسيانها ؛ لأن المسألة هي فقط مسألة وقت ليس اكثر سواءً طال هذا الوقت أم قصر بالنهاية الجروح تلتئم ، والوقت والأيام كفيلان بأن يُميتان ويقتُلان كل شيء مهما كان سلبي ومؤلم.
لذلك ليس من المُعيب ان نفشل في علاقة ما ، ولكن العيب الاكبر ان نخرُج من علاقتنا الفاشلة دون تعلم الدروس ، ولا نعرف ونُدرِك ونُشخِص الخطأ الذي ارتكبناه ، واكبر عيب على الاطلاق هو ان نتعامل مع انسان نُصادفه على انه مُخلداً لنا ونُقنِع انفُسنا بأن احتمال ان نخسره غير وارد ابداً في حساباتنا ، فلا احد يدوم لأحد مهما كان مُقرباً منا ومهما كانت علاقتنا به قوية ، والتغيير سمة مُلازِمة للبشر وللقلوب وطريقة التفكير، ولا احد يتعلم من الحياة دون دفع ثمن ما تعلمه.
اقنعوا انفسكم بفكرة انه لا انسان يدوم لنا ، ولا تبالغوا جداً في رفع سقف التوقعات الايجابية لأي انسان مهما كان ، فكُلما ارتفع السقف كان تأثير سقوطه على رؤوسنا اكثر إيلاماً ، قللوا من ارتفاع السقف لسلامتكم عندما يسقط على رؤوسكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى