فاجعة الأغوار

فاجعة الأغوار
علي الحراسيس

… ١٣ مواطنا باكستانيا ( 8 اطفال و4 نساء ورجل واحد )يلقون حتفهم حرقا في صبيحة هذا اليوم ، لا يمكن أن يكون له إلا تفسير واحد يتعلق بمقدارالانحطاط والرذيلة البشعة التي تطغى على سلوك واخلاق اصحاب الإقطاعيات الزراعية الذين لا هم ولا هدف لهم إلا الربح على حساب دم وحياة البشر العاملين في تلك الاقطاعيات ، جريمة إنسانية تثبت أن في بلادنا مناطق لازال تستغل فيها حاجة الإنسان الباحث عن لقمة العيش ايما استغلال ، وبشكل عبودي لم يسبق له مثيل يذكرك بمرحلة العبودية التي انتهى عهدها منذ قرون .
يمكنك هنا ، أن تتخيل وجود ٢٠ فردا واكثر يقيمون في ” خيم من الصفيح ” لا تتعدى مساحتها 6×4 متر ، لا تتوافر به متطلبات الحد الأدنى حتى لإقامة الحيوانات ، تلك الحيوانات التي يراعي اصحابها ضرورتها وقيمتها من خلال ما يعد لها من بيوت واسعة من الطين واللبن واسقف محمية وتتوافر فيها التدفئة او التبريد ، وبالتالي تبدو قيمة البشر عند اصحاب تلك الإقطاعيات التي يُستعبد فيها العامل بشكل يتتنافى وابسط حقوق البشر التي تتفاخر حكوماتنا ومؤسساتنا القانونية بتوافرها في البلاد !
الناس متساوون في الإنسانية ، بغض النظر عن هوياتهم ومعتقداتهم وميولهم ومكانتهم الاجتماعية ، لكنها في بعض مناطق بلادنا بكل أسف مختلفة ، فالإقطاعي هو السيد والعامل هو العبد ، ولا حقوق للعبد في اقطاعيات الاغنياء من اصحاب تلك المزارع ، حيث لا قيمة إنسانية للعامل فيها .
الحكومة تتحمل اخلاقيا مسؤولية ما جرى من “جريمة “بحق إخوتنا الباكستانيين ، فغياب الرقابة من قبل مؤسسات التنمية والداخلية والبيئة والزراعة وحتى منظمات حقوق البشر المنشغلة في عمان دون غيرها ، يضعها في دائرة الاتهام وتحمل المسؤولية ، لأنها تعلم بأحوال البشر وظروفهم وما يعانوه ، وإن كنا نتحدث عن حالة مزرية انتجت فاجعة صباح اليوم ، فلا زالت عائلات اردنية ايضا تعيش بنفس الظروف في مناطق الأغوار التي يُستعبد فيها ابن البلد من قبل اصحاب اقطاعيات زراعية واسعة دون متابعة او اهتمام من قبل الدولة حيث لا ظروف معيشية ولا سكنية ولا حقوق ينالوها .
لا يكفي ما يسمى بدفع التعويض المالي لتلك العائلات وإغلاق الملف ، بل وعلى الجهات الحكومية والحقوقية فتح ملف تحقيق واسع لما جرى ، وإصلاح الوضع واستعادة الكرامة لاولئك الذين يفقدونها ويعانون ما يعانوه سوأء أكانوا من ابناء البلد او العاملين الوافدين اليها ووضع في ظروف إنسانية مريحة تتوافر فيها ابسط حقو البشر في السكن الملائم والمحمي صيفا وشتاءا ، او على الأقل توفير ظروف تشابه ظروف معيشة الماشية التي يربونها في اقطاعاتهم !! وسبق للتلفزيون الأردني ان بث برنامجا قبل ايام حول واقع بعض العائلات الاردنية التي تعيش بنفس الظروف المعيشية والسكنية المؤلمة ، دون ان تحرك الأجهزة ساكنا لتطويق الأزمة قبل استفحالها وحودث كوارث مماثلة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى