مهند أبو فلاح
يعتبر حيي ابن اخطب زعيم يهود بني النضير ابرز الشخصيات اليهودية التي ناصبت سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم العداء بعد هجرته الى يثرب ( المدينة المنورة ) ، و قد كان بن اخطب من ابرز احبار قومه هنالك ضليعا في التوراة و لم يتردد هذا الوغد الذي اضله الله على بصيرة عن شن حرب شعواء لا هوادة فيها ضد الرسول العربي الكريم و صحابته رضوان الله عليهم اجمعين رغم علمه اليقيني بصدق نبوة طه الامين عليه افضل الصلاة و اتم التسليم بسبب الكبر و الحسد و الحقد الاسود الذي امتلأ به قلبه على خير الانام و علينا نحن معشر العرب المستعربة العدنانيين لان محمدا صلى الله عليه و سلم جاء منا و ليس من بني إسرائيل و قد ذكر ذلك رب العزة و الجلال في محكم تنزيله العربي المجيد اذ قال عز من قائل في محكم تنزيله العربي المجيد:- ” ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ” الأية 109 – سورة البقرة .
لذلك لم يكن مستغربا ان يبادر ابن اخطب على التحريض شخصيا على اغتيال رسول الله صلى الله عليه قبل وقوع غزوة بني النضير ، ثم ان يجييش الجيوش لغزوة الخندق ( الاحزاب ) مؤلبا قريشا و غطفان و بني قريظة على الاسلام و المسلمين قبل ان يلقى حتفه المحتوم في نهاية غزوة بني قريظة بناءً على ذلك الحكم الذي قضى به سعد بن معاذ رضي الله عنه في هؤلاء الذين هموا بالغدر و نقض العهد مع الرسول العربي الكريم عليه افضل الصلاة وأتم التسليم .
الملفت للانتباه حقا ان الصهاينة في عصرنا الحاضر لم يأخذوا العبرة و لا العظة من مصير حيي بن اخطب الذي تحدى رب العزة و الجلال مبارزا رغم علمه المسبق بأن معركته هذه خاسرة لا ادنى أمل فيها للظفر و النصر فبادر احد احفاد هذا الهالك الغابر الى محاكاة شخصيته الدنيئة الوضيعة و لم يكن هذا الرجل سوى حاييم هيرتزوغ رئيس استخبارات العدو الصهيوني العسكرية المعروفة اختصارا بإسم ( أمان ) .
ولد حاييم اللئيم في مطلع القرن العشرين الميلادي و تحديدا في مدينة بلفاست عاصمة ما يعرف بإيرلندا الشمالية في المملكة المتحدة ، فيما تعرف بإسم مقاطعة إليستر في مطلع القرن العشرين في إحدى ابرز بؤر الاحتكاك الطائفي بين المسيحيين البروتستنات و الكاثوليك و هي تشبه في ذلك الى حد بعيد يثرب التي كانت مسرحا لصراع دامٍ بين ابناء العمومة من قبيلتي الاوس و الخزرج على مدار عقود من الزمان قبل هجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه الى هناك مصداقا لقوله تعالى : – ” و اذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ” الأية 103 – سورة آل عمران .
والد هيرتزوغ كان الحاخام الاكبر لليهود في مسقط رأسه بلفاست و لم يكن غريبا ان يتشرب هذا الصهيوني الكراهية و الحقد علينا نحن معشر العرب حملة لواء رسالة الاسلام الخالدة من ابيه كما تشربه من قبل الحبر اليهودي الاعظم في يثرب و ان يصبح حيي بن اخطب رأس الافعى محل اعجاب حاييم هيرتزوغ قبل ان يلتحق بصفوف جهاز الاستخبارات البريطاني في فلسطين خلال فترة ما عرف بالانتداب قبل تأسيس الكيان الصهيوني الغاصب على ثراها الحبيب في العام 1948 .
خبرة هيرتزوغ المكتسبة في صفوف اجهزة الاستخبارات البريطانية أهلته لشغل منصب اول رئيس استخبارات عسكرية للعدو الصهيوني عند تأسيس هذا الجهاز في العام 1951 قبل ان يشرع بإعداد اخطر عملية استخباراتية للعدو الصهيوني بالتعاون مع نظيرتها البريطانية التي قدمت دعما لوجيستيا هاما جدا له في هذا المجال .
العملية التي خططها و صممها هيرتزوغ تهدف الى زرع مجموعة من عملائها في صفوف اسلحة الجو العربية قبل حرب العام 1967 و مساعدتهم في الوصول الى اعلى المناصب فيها و الاستفادة من ذلك فيما عرف بإسم حرب الايام الست ، و القاسم المشترك بين جميع هؤلاء ان اسماءهم تبدأ بحرف الحاء حالهم في ذلك حال حاييم هيرتزوغ و من قبله حيي بن اخطب .
ارتقى هؤلاء الطيارون بعد كارثة حزيران / يونيو 1967 الى اعلى المناصب في بلادهم وصولا الى سدة الحكم هناك فيما لقي احدهم حتفه في الكويت في 15 آذار / مارس 1971 اغتيالا و هو حردان التكريتي ، اما الاخرين حافظ اسد في سورية و نظيره المصري حسني مبارك فقد حالفهما الحظ في الوصول الى سدة الحكم في بلادهما .
انه لمن المضحك المبكي حقا الا نجد مصطلحا للدلالة الى هذه العملية الصهيونية القذرة الا مسمى ” حاحا ” تلك الأغنية الساخرة التي غناها الفنان اليساري العربي المصري الملتزم الشيخ إمام في أعقاب حرب العام 1967 .
في نهاية المطاف لا يسعنا القول الا اذا كان الصهاينة لم يجدوا في تاريخ الانسانية ما يستحضرونه و يحاكونه من شخصيات في واقعنا المعاصر الا شخصية حيي بن اخطب فإن علينا ان نشحن جيلنا الصاعد الواعد و نوجههم ليحاكوا شخصية سعد بن معاذ الانصاري رضي الله عنه الذي جاهد في الله حق جهاده و لم يخش فيه لومة لائم قبل ان ينزل حكم رب العزة و الجلال من سابع سماء في حثالة البشرية و شياطين البرية قبل ان يقضي نحبه شهيدا يهتز له عرش الرحمن شوقا لروحا طيبة طاهرة حملتها الملائكة الاطهار الابرار في جنازة مهيبة اغاضت كل شيطان فجّار ، فنحن يقينا على موعد مع الانتصار بعون الله الواحد القهار رغم انوف كل الصهاينة الاشرار .