
رئيس يلتف على الدستور ويؤسس لسابقة خطيرة
لقد جاء تعديل أسعار المحروقات الحالي محبطا وصادما كسابقاته سواء بحال التخفيض أو الرفع. إذ لم يسبق لتعديل أن توافق مع الأسعار الحقيقية العالمية حيث حكومتنا المتغولة والتي ديدنها الجباية والإفقار تعتمد أسعار نفط برينت رغم أنها تشتري النفط من دول عربية أسعار نفطها أقل من أسعار نفط برينت. وهذا أمر يستدعي التفسير والتوضيح من قبل الحكومة.
لكن تعديلا كهذا يتوافق مع نهج الجباية والإفتراء على الشعب المغلوب على أمره والذي يصبر لوعيه ويتحمل لإدراكه ما قد ينتج عن خروجه للشارع وهو يعلم أن أولي الأمر لا يعيرون هذا الوعي وهذا الإدراك أي تقدير بل يمعنون بالأذى ويتمادون بالظلم، لكن أليس لكل شيء نهاية؟؟ وهي حكمة الله في خلقه.
(2)
تثبت لنا هذه الحكومة بكل قراراتها وسياساتها أنها تفردت وانفردت عن حكومات العالم الثالث بمدى تغولها والتفافها على القوانين, وفاقت حكومات الأنظمة الإستبدادية ببطشها واستقوائها على المواطنين حتى باتوا الدجاجة التي تبيض ذهبا. وهي حكومة لا تخدم المواطن بقدر ما يخدمها وتتحدى الشعب بكل قرار تتخذه.
(3)
أليس الملك هو رئيس السلطات الثلاث ويحكم من خلال السلطة التنفيذية الممثلة بالرئيس والوزراء؟؟ بالرجوع للدستور الأردني أبو القوانين الجواب نعم. ألم يحاول الرئيس الإلتفاف على الدستور ولي ذراع مجلس النواب عندما جعل من شخص رئيس الوزراء فوق المساءلة والإستجواب من قبل النواب؟؟!! ألم يجعل من نفسه ملكا آخر محصنا من خلال الدستور الذي أراد تطويعه لأغراضه الخاصة؟؟!! أليس هذا تطاول على الدستور وعلى الملك؟؟ رئيس لا يتقيد بالدستور ويجعل من نفسه ملكا غير متوج فهو غير مؤهل لإدارة الشأن العام.
(4)
لقد أثار جدلا قانونيا محتدما وأشغلنا بما يعد من البديهيات محاولا التملص من الإستجواب الذي كان سيضعه في حرج ويكشف تناقضه وخروجه عن الثوابت القانونية التي تدينه وتجعله في مهب الريح. لقد أثبت ذوو الإختصاص والعارفون بالقانون أمثال الفقيه والمرجع القانوني محمد الحموري وعبدالكريم الدغمي ومحمود الخرابشة وغيرهم بطلان زعمه ومن خلال الدستور نفسه.
(5)
أخيرا نطق الرئيس بالعدد الذي كنا نتوقعه للاجئين السوريين الذي يزيد عن المليونين وربع المليون لأول مرة رغم أن الرقم المتداول والثابت على لسان المسؤولين كان متوقف عند الرقم 1.4 مليون لاجئ. أليس هذا تزوير للحقائق وتضليل للشعب؟؟ فكيف نثق بهكذا حكومة تراوغ وكأنها أمام عدو؟؟ أم أنها أفصحت عن هذا الرقم لمكسب جديد؟؟ كل الدول المضيفة للاجئين وضعت خططا لعدد اللاجئين وكيفية التعامل معهم حسب امكاناتها، لكن في الأردن فتح الباب على الغارب وها هي الحكومة تقر بعجزها عن رعاية اللاجئين. إذن هناك فشل في الإدارة والتخطيط وعدم توفير ضمانات تلزم الدول المانحة بالوفاء بما تعهدت به.
وإن لم يكن ذلك قصر نظر، فإن في الأمر شيء مريب وربما مدبر ليبقى الأردن يعاني والشعب يرزح تحت سياسات خلق المعاناة والحاجة لينقاد في النهاية منهكا خائر القوى إلى ما لا يريده. ريس الديوان الملكي قال أن اللاجئين سيبقوا في الأردن عشرة سنوات على أقل تقدير. وهذا يعني بتقديرنا أن العدد سيتجاوز الأربعة ملايين لاجئ. أضف لذلك الولادات. وهم الآن يشكلون أكثر من 20% من الأردنيين، فما بالك عندما يقترب العدد من نصف الأردنيين أو ربما يزيد.
لا أظن أن أصحاب القرار قد اتخذوا أي من ذلك باعتبارهم. وأكاد أجزم أنهم حاولوا الظهور بمظهر الحق الذي يراد منه باطلا، فعلى نفسها جنت براقش. الشعب يدفع ثمن أخطاء سوء التخطيط وقصر النظر. وما ذلك إلا توريط لمن لا يعرف حجمه وإمكاناته أو يعرفها وأراد بالأردن سوءا. نقول ذلك من مرارة تذوقنا لسياسات عمياء وذات كلفة عالية لا تقوى عليها بروناي بإمكاناتها الفاحشة. وبعد إدراكنا للتورط نبدأ بندب حظنا وإلقاء اللوم على غيرنا. اللاجئون السوريون قنبلة موقوتة لم يعطى إدخالهم بهذه الأعداد فرصة الدراسة الوافية والإنعكاسات الخطيرة على مجتمع متماثل ومتماسك وشحيح الموارد وذو مديونية عالية ومياه شحيحة.
(6)
الحكومة دائمة الشكر والثناء للدول التي يفترض أنها مانحة وهي ليست كذلك وهذا نفاق وتملق، لماذا؟؟!! وفي مواقف ومواقع أخرى يقول نحن لا نتسول وأن نسبة ما وصل لرعاية اللاجئين لا يتجاوز الـ 38% من المطلوب والباقي يتحمله الأردن المنهار اقتصاديا والمثقل بالديون والخزينة التي تعاني من العجز. فما هو مصدر الوفاء بالتزام الأردن برعاية اللاجئين طالما أن الدول المانحة لا تفي بالتزاماتها؟؟!! أليس كل ذلك على حساب المواطن المثقل بالضرائب والغرامات والرسوم والفواتير؟؟ ناهيك عن الأسعار التي ترتفع بشكل فوضوي ودون مبرر.
(7)
نادى جلالة الملك بثورة بيضاء وشكل لجنة نزاهة ملكية وكتب أوراق نقاشية لإنارة الدرب أمام الحكومة لتعمل وترتقي وتنهض من السبات الذي فصلها عن حاجة وخدمة المواطن. لكن لم نلاحظ أن الحكومة قد نفذت أي من هذه الأوامر والتوجهات الملكية. بل نسمع الثناء والتقدير والدعاء للملك دون أن نرى تطبيقا يلمسه المواطن وينعكس على حياته.
تلك مفارقات ومغالطات وقعت بها الحكومة شكلت طابع هذه الحكومة وحفرت بالذاكرة الأردنية صورة بشعة لحكومة ضربت رقما قياسيا في حالات التغول والتحايل وعدم المصداقية والتضليل يتحمل نتائجها المواطن الأردني حتى بات صريع العوز.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com