ضربات الترجيح الامريكية في سوريا / د.رياض ياسين

ضربات الترجيح الامريكية في سوريا
تحاول إدارة اوباما في نهاية مباراتها في سوريا أن تفرض حظرا جويا على سوريا بموافقة ومباركة الشريك الروسي، فالشريكان الحليفان معنيان استراتيجيا بالتنسيق في الحرب على الإرهاب، فالأمريكي الذي يتخلى عن أدواته من الجماعات والأفراد،هل سيستجيب هذه المرة لمطالب الروسي في الإجهاز على “جبهة النصرة” في سوريا ووضعها على لائحة أهداف الحرب الجوية في سوريا؟ ومن المعروف أن جهود روسيا كانت حثيثة على مر الأشهر الفائتة في إقناع واشنطن بالتخلي عن ” جبهة النصرة” حيث كان الامريكيون يتحفظون تماما.

الروس مازالوا على موقفهم من التدخل في سوريا ورفض التفاوض على مصير الأسد والتلكؤ في تطبيق قرار الأمم المتحدة 2254، والأمريكان تقدموا أخيرا بعرض مشروط يتضمن حظر الطيران الحربي السوري ،وهذا معناه أن واشنطن باتت تشعر بخطورة قصف الطيران الحربي بعدما أنجز الطيران الروسي والسوري المهمة في القضاء على البنية التحتية للدولة قضاء مبرما.

يريد الأمريكيون تنسيق العمليات في سوريا من خلال اقتراح آليات مراقبة مشتركة غير مسبوقة للقواعد الجوية السورية وعملياتها، في محاولة امريكية لضمان سلامة الفصائل التي ترعاها واشنطن خاصة في شمال سوريا مثل قوات سوريا الديمقراطية وجبهة النصرة.

الخطاب الديبلوماسي الأمريكي دائما لديه احتياطات بمعنى أن اللجوء الى خيارات أخرى في حال استمر الطيران السوري بالقصف بالتعاون مع الروسي وضرب الأهداف والجماعات التي تدعمها واشنطن،وبالأخص المقصود هو “جبهة النصرة”.فما هي الخيارات الأخرى التي سيلجأ لها الامريكي في حال صمّت روسيا آذانها وأبقت على ضجيج طيران الأسد يزعج تلك الجماعات بصورة مباشرة؟

إدارة اوباما على مايبدو لاتريد ان تخرج دون ان تكون قد أنجزت مهمتها في سوريا، فمقترح واشنطن في حال قبلته موسكو سيمثل تحولا مهما وسيجعل النظام السوري في مأزق غير مسبوق منذ الأزمة منذ خمس سنوات،بمعنى أن الغطاء الجوي الروسي الطيران والصواريخ والمقاتلات السورية إذا لم تقلع الا وفق الاستثناءات والتهديدات الكبرى حسب المطلب الأمريكي للروس سيكون ذلك اعلانا للإنكفاء الروسي وتقصير قامتهم السياسية في سوريا بصورة قاسية.

من يقرأ الهدنة الامريكية الروسية في سوريا شباط المنصرم سيتأكد أن الخطة تدعو إلى إسقاط تدريجي للنظام السوري، بحيث ان الهدنة المفترضة تدعو الى عملية انتقال سياسي متزامن، وتنفيذ القرار ٢٢٥٤ الصادر نهاية العام الفائت، وإجراء تعديلات هيكلية في أجهزة الأمن والمخابرات،الأمر الذي يعني تفكيك المنظومة القائمة تماما في دمشق،والسؤال المطروح هل سيكون الفراغ هو سيد المرحلة تماما بعد انهيار النظام وبالتالي سيحقق الأمريكي انجازه بنصر محدود على عدوه اللدود في دمشق وسيحرم الروسي من الغزل لطفله النظام السوري المدلل.

على مايبدو الخطة الامريكية التي وضعها كيري في يدي بوتين تتضمن تحديد خريطة العمليات في سوريا بشكل مشترك، وإنشاء غرفة تنفيذ مشتركة “للعمليات الروسية الأميركية”، تضم خبراء عسكريين، وأجهزة المخابرات من البلدين، ومترجمين. الأهم في العرض الأميركي هو “المناطق المحددة”، وهي المناطق التي يتم الاتفاق على أنها مناطق لتواجد كثيف “لجبهة النصرة” بصورة خاصة.

وهذا معناه ان الأمريكيين لايريدون إسقاط ورقة “جبهة النصرة” التي تعتبر ذراعا للقاعدة في سوريا. في حين حسب الخطة الامريكية ممكن استهداف مواقع ل تنظيم “داعش”، وهذا سيتم بالاتفاق بين الطرفين بحيث لن يلجأ الطيران للقصف الا في حال تمدد “جبهة النصرة” خارج مناطق نفوذها وتمركزها. فالامريكي لايريد التخلي تماما عن جبهة النصرة كما هو واضح من المقترح المشار اليه.

الحرب لم تتوقف في سوريا والهدنة تم خرقها والمؤشرات كلها تصر على ان ساحة الحرب السورية ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات حتى بعد رحيل الادارة الأمريكية الحالية،فالأسلحة مازالت تتدفق وتنظيمات جديدة تولد بشكل كثيف والاغرب من ذلك ان القوى العظمى لم تضع آالية لوقف تدفق الأسلحة والمسلحين إلى سوريا، وتجفيف مصادر تمويلهم، فالقرار ٢٢٥٣ لايتحدث عن حظر وإنما عن ضبط تدفق الأسلحة إلى سوريا،بمعنى أن المجموعات المسلحة ستبقى تحارب والنظام السوري سيبقى يحارب الى النهاية غير المنظورة، فهل يملك الامريكي في آخر ضربات ترجيحه ان يحسم مباراة كانت حامية الوطيس بدون أهداف ،والكل يعلم كيف يكون شكل مباراة كرة القدم المليئة بالفرص واللعب الحامي بدون أن تهتز الشباك بالأهداف.
rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى