طوطم

طوطم
ماجدة بني هاني

يحكى أن تلميذا عابدا فقيها وقع في الحب…
ذات يوم خرج لصلاة الفجر كالمعتاد.. لفت انتباهه خيال فتاة تقف خلف شيش نافذة وبينهما ستارة من حرير…تشف عما خلفها، استوقفه المشهد وهو معتقد أن فتاة جميلة مليحة الصفات، جميلة القد والشكل في انتظاره كلما مر التلميذ عند الصلاة… لأن الأمر كان يتكرر كل يوم…وكان يقف برهة في الشارع تحت النافذة يتأمل جلال اللحظة … ثم يمضي خجلا متعففا…..
هام الفتى وشغفته الفتاة حبا حتى انبرى جسده ومرض وافتقده أمام الجامع، ذات يوم ذهب الأمام ليفتقده ليجده محموما.. يهلوس بالفتاة البارعة الجمال كما رسمها خياله المجنون….
أخبر التلميذ استاذه الأمام عن سره، فقرر فورا أن يخطب الفتاة للشاب.. ويجمع بينهما على خير وسنة الله ورسوله…
طرق الإمام الباب فخرجت امرأة عجوز في استقباله، وحين سأل عن العروس المنتظرة، فوجئ أن البيت لامرأة عجوز ليس معها إلا غلاما من أحفادها يقوم على خدمتها، خجل الأمام من ذكر قصة الفتاة التي عند النافذة… لكنه اشفاقا على ذاك الشاب أفصح عن الأمر… فما كان ألا أن انقلبت العجوز من شدة الضحك… ودهش الإمام وهي تصر على مرافقه إلى الداخل ليرى ما وراء الشيش وستارة الحرير….
ماذا تراها يا سادة، انها جرة فخار مملوءة بالماء تضع العجوز عليها قماشة لتحميها من سقط البعوض والذباب….
أنها العالم الافتراضي…….. ووهم اللحظات…. أنه الحلم المجنح الموغل في الغباء…..
الخلاصة… نحن من نصنع الطوطم، ونحن من نعبده…
تبا لنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى