دق طبول الحرب

دق طبول الحرب / #ماهر_أبوطير

لدي رأي مختلف قليلا عما يثيره المتخوفون من تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة، وموقف نتنياهو وتشكيلة حكومته من الأردن، وهذا الرأي مبني على استخلاصات قابلة للجدل والنفي.
مر الأردن في تجارب أسوأ مع إسرائيل، في فترة شامير، وشارون، كما واجه نتنياهو في مراحل مختلفة، مع الإدراك هنا أن هذه المرحلة قد تكون الأسوأ، لكن هناك عوامل تخفف من المخاطر الاسرائيلية، ابرزها وجود علاقات تحالف للأردن مع الولايات المتحدة واوروبا، وثانيها ان اسرائيل غير قادرة بشكل كامل على تهديد الأردن، لمعرفتها ان كلفة العبث هنا، سوف ترتد على امنها اولا.
رئيس الحكومة الاسرائيلية لن يهدد الأردن مباشرة، لكنه سيولد عوامل تهديد غير مباشرة على صلة بالأردن، في ملف المسجد الاقصى، وفي ملف استقرار الوضع في الضفة الغربية.
هذا يعني ان الخطر لا يبدو مباشرا، لكنه سيكون ضاغطا عبر تصنيع ظروف جديدة في القدس والضفة الغربية، بما يؤثر في الأردن، وعلينا ان نتحدث هنا بصراحة، عن حاجة الأردن منذ هذه الايام الى تحرك على مستوى اقليمي ودولي، من اجل ردع الحكومة الاسرائيلية عن سياساتها المحتملة، خصوصا، ان نتنياهو سيقوم بإرضاء تحالفه الداخلي بشكل او آخر، وسيكون هو شخصيا، امام عنصري ضغط، داخلي يميني اسرائيلي، وخارجي اقليمي ودولي في الوقت ذاته، مما سيضطره الى مراعاة الفروقات، وانتاج معادلة وسطى بين هذه الاطراف المتناقضة.
ابرز عوامل افشال حكومة نتنياهو يستطيع الأردن توظيفها، ومن بينها علاقاته الدولية، واستعمالها لتخفيف الضغط على القدس والفلسطينيين، وايضا علاقاته بقوى فلسطينية في فلسطين المحتلة عام 1948 وفي القدس، خصوصا، على المستوى النخبوي، والشعبي ايضا، اضافة الى ملفات تتعلق بخفض او وقف التطبيع الاقتصادي، على الرغم من حالة التشبيك القائمة التي تضعف موقفنا في ملف المياه، والغاز المستعمل لتوليد الكهرباء وغير ذلك.
حسابات نتنياهو ليست حرة تماما، اذ علينا ان نتذكر الوجود الفلسطيني في غزة والقدس والضفة وكل مكان، وهي قوة شعبية كبيرة ستقف في تواقيت محددة، ضد حكومة الاحتلال، بما يجعل تطبيق اي سيناريوهات في الضفة والقدس، محسوب بمخاطر كبيرة جدا، داخل فلسطين نفسها، بما يخفف على الأردن اي كلف بسبب انفجار الظروف داخل فلسطين المحتلة.
كلما جاء نتنياهو يتم دق طبول الحرب في عمان، وكأن غير نتنياهو افضل منه، او كأن اجندة غيره ملطفة، ولا يريد احد ان يعترف بالحقيقة التي تقول ان القصة لا ترتبط بأسماء مسؤولي الاحتلال او تحالفاتهم الانتخابية فقط، بل بطبيعة التوقيت ذاته، والفخ الذي سيقع فيه نتنياهو هذه المرة شعوره بالقوة لاعتبارات مختلفة، ترتبط بآخر حكومة قام بتشكيلها، لكن حسابات الارض تبقى مختلفة، وهذا ما اثبتته الايام خلال العقود القليلة الماضية.
من مصلحة الأردن ان يقول لسلطة اوسلو ان عليها ان تخفف قبضتها الامنية عن الفلسطينيين، امام الظروف التي تهدد القدس والضفة، لأن اضعاف الداخل الفلسطيني يصب في المحصلة ضد الفلسطينيين ذاتهم، وضد الأردن في المحصلة، والرأي الذي يقوله البعض ان تشديد القبضة الامنية هو الحل حتى لا يتم اعطاء اسرائيل الذرائع للتغول اكثر، رأي سطحي، وانطباحي جدا.
في كل الاحوال يتوجب ترتيب أوراق الداخل الأردني، بشكل أفضل، لأن حسابات المخاطر مهما تمت مضاعفتها، او تخفيضها، توجب تقوية البنية الداخلية في الأردن، وهذا يكون بجملة سياسات ينتظرها الناس، فيما يتوجب الحديث صراحة الى الأردنيين، دون تهويل او توظيف انتهازي لمرحلة نتنياهو، وشرح الاخطار المحتملة، ودرجاتها، وكيف سيتم التعامل معها.
المشروع الاسرائيلي لم يختلف في كل المراحل، والأردن تعامل مع مراحل أسوأ، لكن العقدة تكمن هذه المرة في التوقيت، وهل يتشابه حقا مع تواقيت سابقة، أم يختلف تماما؟

الغد

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى