حفار القبور، من يحفر قبره؟ / وسام سعد

حفار القبور، من يحفر قبره؟
هل أوصى أصدقاءه الموتى بحفر قبره؟ أم أنه حفر قبره بكلتا يديه القويتين؟ قال لي أنه لا يخشى الموت، بل اعتبر أننا ميتون فوق اﻷرض، وسننتقل إلى الحياة تحت اﻷرض.
كان يتباهى بعدد القبور التي حفرها، يا لقسوة قلبِه، قلبُه الذي استبدله بقطعة من صخر لا يلين أبدا.لا أدري، هل أشفق عليه، أم أشفق على حالنا…
أخذ يرمقني بطرف عينه وكأنني فريسته القادمة، قدماي ترتجفان، يا إلهي…، سألت نفسي، ما الذي أتى بي إلى هنا، وكيف جئت بقدمي إلى هذا المكان الموحش، هل شحّ الموت حتى وجدني كهدية من السماء، لا، فاﻷرواح رخيصة، والموت أصبح تجارة.
فجأة استأذن ليباشر عملا جديدا، فقد اعتاد المفاجآت، خمسة أفراد قضوا معا في حادث واحد، مدّ يده ليصافحني مودِّعا، لم أقوَ على مدّ يدي، فقد تخدرت أصابعي، ولوهلة شعرت أنني سأصافح الموت، أخفيت ارتباكي بأن وعدته بلقاء آخر وأنا أقول في سري (بعيد الشر)، كأنه عرف بما دار في خلدي، فهمس لي ضاحكا: حتما سنلتقي قريبا. أدرت ظهري وركضت بسرعة تفوق تسارع نبضات قلبي، فجأة تعثّرت بارتباكي وسقطت مغشيّا عليَّ بين جدران حفرة، حين أفقت رفعت رأسي وصرت أتلفت يمينا ويسارا، فوجدته يرقبني، وبنصف ابتسامة أدركت أنني أصبحت في عداد أصدقائه، حينها طأطأت هامتي، وأكملت موتي وأنا أتذكر كلامه حين قال: قريبا سنلتقي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى