محطة انتظار / وسام سعد

محطة انتظار
رتبت لهما المصادفة أن يلتقيا في مقهى هادئ على أطراف المدينة، لا ضجيج سوى اختلاجات الولع والشوق المتدفقة في الشعور، أحب تلك المرأة التي مشت على إيقاع نبضات قلبه من النظرة الأولى، كان قد اعتزل الحب قبل عامين بعد فراق حبيبته فجأة، لكن العشق أيقظه من سبات الغرام الطويل من جديد.
دخل مدارات الحب، فصار يسبح في فلكه غير آبه بالعواقب التي يخلّفها.
هو لم ير مثيلة لها من النساء كما كان يخبرها.
وهي لم تعد صورته تفارق خيالها، حتى صمته كانت تسمعه أينما حلت.
أحبّا بعضهما بهيام شديد، وصارا يلتقيان في ذات المقهى الذي من إحدى زواياه كانت بداية انطلاقة شرارة الحب بينهما، يتبادلان النظرات الحميمية…، فالنظرات وحدها توصل رسائل العشاق، بما تحمله من خفقات الأفئدة.

ذات لقاء فاتر، سألته:
– لا أراك تشتاقني؟.
صمت قليلا ثم قال:
– وماذا غير الشوق جاء بي إلى هنا؟.
أحسّت بصقيع كلماته، رغم دفء المكان، ولدقائق ثقيلة تلبّد الصمت حولهما، نظر إلى ساعته وغادر صمته قائلا:
– أنا متعبٌ وعلي أن أعود إلى البيت.
– وهل سألقاك؟ سألته وفي عينيها قلق يشبه خوف طفل صغير يخشى أن تفارقه أمه على غفلة.
– بالتأكيد.
غادر المكان بخطوات وئيدة وعيناها تلاحقه حتى صار خلف باب المقهى .

حملت حقيبتها ومشت بخطوات أنثوية متسارعة لعلّها تجد أجوبة لهذا الزخم من التساؤلات التي ملأت رأسها…
لم تدركه، فقد ركب سيارته مسرعًا، كأنه كان متأكدا أنها ستلحق به، فنزلاء الحب لا يستسلمون بسهولة، ولا يرغبون بمغادرة سجنهم.
سارت مسرعة نحو بيتها متحمسة للاتصال به، فقد أوصلتها أفكارها إلى أنه يعاني من أمر ما يعكر عليه صفوه، ربما هنالك ما يقلقه في عمله، ولا بد من الاطمئنان عليه.
وقبل أن تبادر بالاتصال، أصدر هاتفها صوتا منبها على وصول رسالة، التقفت هاتفها بسرعة، كانت صدمتها أكبر من أن تبكي… وأكبر من أن تصرخ، لم تكن تتوقع أنه أمام كل هذا الزخم العاطفي الذي منحه إياها سيضعف يوما ليعود ويرمم حبّه السابق، أو أنها كانت… وعلى قصد منه أنها ليست سوى محطة انتظار انتهى وقوفه عندها.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى