
المحافظات تُسقط الحكومات والعاصمة تقطف الثمار
الاستاذ الدكتور حسين محادين.
– أردنيا ، ومن منظور علم الاجتماع السياسي ، من أن اندلعت في مطلع تسعنيات القرن الماضي، ونجحت انتفاضة جنوب الوطن بالضد من الأحكام العرفية حينها، إذ اندلعت تحت عناون تسويقيه مترابطة مثل ،رفع أسعار الخبز المقدس ،ومشتقات البترول وارتفاع المديونية ترابطا مع تخفيض قيمة الدينار الاردني الى النصف.
منذ ذلك الحين بدا الاحساس الشعبي مقتنعا أن بوسعه إحداث التغيير خصوصا بعد أن إسقاط حكومة زيد الرفاعي في عهد جلالة الملك الحسين رحمه الله ،وهكذا نلاحظ كمحللين أن ما تبع تلك الانتفاضة من إجراءات ملكية وتكيفية استدراكية مع حركة الجماهير المحتجة على “النهج” الاقتصادي السياسي للحكومات السابقة ،قد حقن الوجدان الشعبي المنتفض حينها جرأة وثقة مضافتين هما :-
أشهار الجماهير لقول. لا.. كما حصل مؤخرا وتكاتفهم وطنينا لإحداث تغييرات متراكمه لاحقه.
..وهذا ما حصل بعدها مجددا من انتفاضة شعبية بالضد من حكومة عبد الكريم الكباريتي رغم انه صاحب”الثورة البيضاء”كما وصفه الراحل الحسين في كتاب التكليف السامي لحكومته منتصف التسعينيات مع اختلاف نسبي في مبررات إجبار حكومته على الاستقالة من الجنوب ايضا ،رغم أن رئيس الحكومة نفسه محسوب جغرافيا على أقصى الجنوب تاريخيا”العقبة” مثلا.
– أما في السنتين الأخيرتين لحكومة التعديلات المارثونية الست “الملغي” فمن الواضح أن عددا محافظات المملكة -بأستثناء العاصمة – هي التي بدأت فيها بؤر الاحتجاجات والاعتصامات بالضد من حكومة الملقي ومجلس النواب معا جراء المواقف المتواطئة لهما بالضد من أماني واوجاع الشارع الأردني كما يشعر ترابطا مع افتضاح علاقة احتواء/ابتلاع السلطة التنفيذية “حكومة الملغي” المعينة للسلطة التشريعية المنتخبة للدفاع والرقابة نيابة عن الشعب كما يفترض باستثناء واضح ومشاكس علانية ودون مراوغات للحكومة هما النائبين د. صداح الحباشنة الكرك.والرياطي وهما من دوائر الجنوب ايضا.
– لم تفهم او تعرف حكومة الملقي او حتى مستشاريها قراءة الابعاد المستقبلية لاحتمالية تفاعل وتآزر بؤر الاحتجاجات ضدها في، الكرك بتاريخية عنادتها وصلابة مواقفها ضد الحكومات، وفي السلط وطول مدة اعتصام ابناىها ووضوح مكانه ومطالبه معا، وذيبان بتنوع عناوين مطالبها المحقة رغم تسويف الحكومة بتنفيذ وعودها ترابطا مع زيادة حجم واشكال الضغوط الحكومية عليها.
– جاء التعديل الاخير لحكومة الاستخفاف بالحراك ارتفاع نهج “الجباية/مشروع قانون الضريبة”الذي تضمن ادخال عدد من وزراء باسم الكرك فيه وبشكل لافت..ولكن اللافت ايضا كان عدم قيام أي من فريق الحكومة بالتحاور الحقيقي مع المعتصمين وسعت إلى الاكتفاء بسياسة الاستمالة او الاسترضاءات الفردية هنا وهناك دون أن تدرك كحكومة بأن الوجدان الشعبي الاردني الغاضب آخذ “الطحن والاستعداد للفوران” لابل وصل اليها فكانت ذروته التفاعلية المفاجئة للحكومة وصناع القرار ما تجلى في تنوع مدخلات الاحتجاجات وتوحد أهدافها بإسقاط الحكومة وقانون بلادتها وجبايتها اللقيط “الضريبة والخدمة المدنية مرحليا” فنجح ذلك ولكن بعملية قيصرية وسلمية ادهشت المواطنة الأردنية داخليا وفاجأت العالم الخارجي المراقب وبعضه الداعم في اقل توصيف.
-بعد تكليف د. عمر الرزاز وتباطىء اشهار التشكيلة الوزارية للان، اجتهد قائلا، ثمة خشية عميقة مفادها أن يكون الفريق الوزاريةأقل كثيرا من ارتفاع مساهمة الشارع المنتزع لدوره كشريك وطني فاعل في مستقبل السياسات الاردنية بعيد ،٦/٥ ، وبعيد ستة ايام من الاحتجاجات المتدحرجة -ربما ردا على هزيمة الايام السنة في حربنا مع إسرائيل- من قبل المواطنيين في مختلف مناطق المملكة والنقابات ومنظمات المجتمع المدني التي تميزت بالرصد والتحليل من قبلي كباحث في شؤونها بأنها قد صعدت بغتة بمادتها الشبابية المتناغمة مع ماحصل في الربيع العربي وظهور اللون البرتقالي من شعارات وممارسات منظمة وواثقة من الجنسين بما في ذلك إدخالها للموسيقى وربط مطالب المحتجين المدنيين مع العسكرين من حيث المعاناة الاقتصادية” احنا والأمن والجيش ما معناه..”.
اخيرا..ماذا لو عمل الرزاز وعقل الدولة العميق ايضا على تضمين التشكيلة الجديدة الحكومة ثلة من أبناء وبنات وقاطني المحافظات وقواها التي بذرت الاحتجاجات مبكرا في محافظاتهم موقعيا وحصدته وطنينا على بيادر الدوار الرابع كرمز للقرارات السياسية والاقتصادية في عمان العاصمة بمعنى التي ما زالت تعصم أبناء المحافظات الاكفياء عن التوزير أو المشاركات الوطنية أو في مجالس الشركات الكبرى، أو حتى في الوظائف العليا..الخ
اليس من شأن مثل هذه العملية في حال الأخذ بها خلق انزياح فكري سياسي تنموي وتشاركي بين العاصمة عمان والمحافظات من جهه، ومن جهة أخرى تعطي للدكتور الرزاز مع الاحترام له علما وسعيا الذي أصبح شعبويا وكأنه الرئيس”الملهم” اقول يعطيه نوعا من الدعم الهادف في أخذه النفس كي ينجح موضوعيا أو حتى النجاح في تعديل المزاج العام -المرجح في عملية الاحتجاجات او الهدوء – ويقف عليه من شدة تجاذبات صراعات صالونات عمان المصالحة الضيقة كالديناصورات السياسية وقوى الشد العكسي وابناء المحافظات القاطنيين في عمان ويستوزروا بالانابه الزائفة عن محافظاتهم التي ما زالت نسب الجوع بطالة والاستبعاد السياسي مرتفعة، وفرص المشاركة السياسية والتنمية كذلك دون أن ننسى مواقف الحكومة واشخاصها المضاد ضمنا من وزراء ونوائب بالضد من مبادرة جلالة الملك وتوجيهاته حتى في كتاب التكليف السامي لحمومة د. الرزاز بدعم وتقوية مجالس المحافظات التنموية والساعية لجسر الفجوات التنموية مع العاصمة وتوسيع قاعدة المشاركات السياسية لأبناء المحافظات مثلا، لكن الموجع وطنيا أكثر في هذا السياق ما آت، عندما احتاجت لهؤلاء الدولة الأردنية بكل منجزاتها في أزماتها خصوصا في محافظاتهم وفي أوقات اندلاع الاحتجاجات المتنوعة للدفاع او تهدئة المحتجين ضد سياساتها لاسيما الاقتصادية والتنموية وجدتهم مثل حلوى “شعر البنات”تراه كبيرا ومزهيا بالوانه لكنه بحدود الاظافر اذا ما ضغطه شارع المحتجين…
أخيرا..هل سيفعلها دولة الرزاز بإشراك ابناؤدء المحافظات /الحراثين كما يقال، رغم خطورة استمرار الضغط عليه في عمان وقواها الخفية تزامنا مع رفع التوقعات الإعلامية غيرةالبريئة الساعية لتأزيمه مبكرا مع شارع اردني متحفز ويترقب حكومته من ناحية ومن الناحية الثانيه وهي المخيفه له وعليه باجتهادي وهي تضخيم حجم تلك التوقعات رغم معرفتنا أن لدينا تحديات مزمنة عابرة للحكومات مثلما لدينا إقليم ملتهب ويمور باعراض ولادة “صفقة القظم لفلسطين وغيرها” لذا فأن الترقب اصعب وأخطر جراء غموض القادم الحكومي من الفعل المتحقق مواقع.. حمى الله اردننا الحبيب والصابر.
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة