سواليف
قال محامون عن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الثلاثاء، إن مجلس الشيوخ ليست له سلطة محاكمة الرئيس السابق بتهمة التحريض على تمرد في السادس من يناير، بعد أن صار مواطنا عاديا، مشيرين إلى التهمة التي وجهها إليه مجلس النواب خلال مساءلته تمهيدا لعزله.
وفي مذكرة قدمها فريق الدفاع عن ترامب قبل أسبوع من التاريخ المحدد لبدء محاكمته في مجلس الشيوخ، قال الفريق إن المجلس لا يتمتع بالاختصاص لمنع ترامب من شغل منصب عام في المستقبل.
واعتبر المدعون الديمقراطيون في نص مرافعتهم التي أعدت لمحاكمة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ونشرت، الثلاثاء، أن “سعي ترامب إلى السلطة بأي ثمن، هو خيانة ذات أبعاد تاريخية”.
ويتهم ترامب بالتحريض على أعمال الشغب في السادس من يناير في مبنى الكابيتول، في مذكرة عزل شاملة قدمت إلى مجلس الشيوخ، الثلاثاء، اعتبرت أن ترامب “هدد أسس الديمقراطية الأميركية من خلال دفع مؤيديه إلى حالة الهيجان لغرض وحيد هو الاحتفاظ بتمسكه بالرئاسة”.
ويتهم المدعون الديمقراطيون التسعة ترامب بـ “المسؤولية الفردية” عن الفوضى التي حدثت في ذلك اليوم، وأنه مذنب بارتكاب “جنح وجرائم عظمى”، من خلال استخدامه صلاحيات منصبه لتعزيز مصالحه السياسية الشخصية على حساب الأمة.
وأصبح ترامب الذي طالما وصف إدارته بأنها من بين الأفضل في التاريخ الأميركي، أول رئيس أميركي يتعرض لإجراءات العزل مرتين، بعد إطلاق مجلس النواب لإجراءات عزله العام الماضي عقب ملف يرتبط بأوكرانيا.
لكن المرة هذه، تبدو القضية أكثر جدية بكثير، ولا يبدو الديمقراطيون الذين قارنوا في مذكرة اتهامهم بين تصرفات الرؤساء الأميركيين السابقين وتصرفات ترامب، عازمين على التراخي.
وكتب المدعون الديمقراطيون أن “واضعي الدستور كانوا يخشون من رئيس يفسد منصبه (فعملوا) على حرمانه من أي وسائل لإعادة الانتخاب”.
وقارن الديمقراطيون بين “تمسك ترامب بالسلطة” وأفعال الرئيس الأميركي جورج واشنطن، الذي رفض الدعوات لتوليه ولاية ثالثة من أجل “الحفاظ على الديمقراطية الأميركية”.
وقالت المذكرة “إذا كانت إثارة الشغب والتمرد ضد جلسة مشتركة للكونغرس، بعد خسارة الانتخابات، ليست جريمة يتم المساءلة عنها، فمن الصعب تصور ما هي الجريمة التي تستحق ذلك”.
وطالب المدعون بإدانة ترامب في المحاكمة التي ستبدأ في التاسع من فبراير المقبل، وأكدوا أنه من المستحيل التصور أن أحداث السادس من يناير كانت لتحصل من دون أن يكون الرئيس “أعد لوضعية متفجرة ثم أشعلها ثم سعى لتحقيق مكاسب شخصية من الفوضى التي نجمت عن ذلك”.
ولم يقر الرئيس السابق بشكل واضح وصريح بخسارته الانتخابات الرئاسية أمام منافسه الديموقراطي جو بايدن، وأصر على أن الانتخابات مزوّرة من دون تقديم أي دليل على مزاعمه.
وفي السادس من يناير دعا ترامب مناصريه للتوجه إلى مقر الكونغرس بالتزامن مع عقد جلسة المصادقة على فوز خصمه بالرئاسة.
وقال ترامب للجموع “إذا لم تقاتلوا بشكل جهنمي فلن يكون لكم بلد بعد الآن”. وقد أدرج المدعون في مجلس النواب هذا البيان، كدليل على استخدام ترامب للخطاب الذي كان “يقصد به التحريض على العنف”.
“محاكمة غير دستورية”
ويطعن الجمهوريون في المسوغ القانوني لإطلاق محاكمة ترمي لعزل رئيس بعد خروجه من السلطة.
والحجة الرئيسية لمحامي الدفاع عن الرئيس، بروس كاستور وديفيد شون هي أن مجلس الشيوخ لا يملك سلطة محاكمة رئيس لم يعد في منصبه، وقالا إن الادعاء بأن ترامب حرض على الهجوم ليس له أساس من الصحة.
وصوت 45 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الخمسين الأسبوع الماضي لصالح مشروع قرار يسعى إلى إعلان أن محاكمة العزل غير دستورية، لأن ترامب لم يعد في منصبه.
لكن الديمقراطيين يقولون إن الكونغرس مخول بهذه الإجراءات والعزل – الذي سيحرم ترامب من امتيازات الرؤساء السابقين – بدون مدة زمنية.
ويقول المدعون أن “الدستور يحكم اليوم الأول من ولاية الرئيس واليوم الأخير منها، وكل أيام ولايته”، وتقول صحيفة واشنطن بوست إن الديمقراطيين يسعون إلى “جعل هذه المحاكمة مثالا للتاريخ”.
ويعتبرون أن “فشل مساعي الإدانة من شأنه أن يشجع الرؤساء المقبلين على محاولة التمسك بالسلطة بكل الوسائل وأن يوحي بأن الرئيس قادر على تخطي كل الحدود”.
وقال موقع CBS الإخباري الأميركي إن هناك سوابق قانونية لعزل مسؤولين بعد خروجهم من مناصبهم.
وسيحاول محامو ترامب تحويل تصريحات الرئيس السابق إلى تصريحات محمية بموجب التعديل الأول للدستور الذي يضمن حرية التعبير.
وقدم محامو الدفاع عن ترامب ردا مطولا على دعوى العزل في مجلس النواب، نافيين أن يكون ترامب قد حرض على اقتحام مبنى الكابيتول أو “الانخراط في سلوك مدمر”.
موقف فريق الدفاع
وتعتبر مذكرة الدفاع أن “الرئيس الخامس والأربعين مارس حقه الدستوري ضمن التعديل الأول للتعبير عن اعتقاده بأن نتائج الانتخابات مشكوك فيها”.
كما نفى فريق الدفاع عن الرئيس كون ترامب حاول الضغط على ممثلي ولاية جورجيا لتزوير نتيجة إعادة احتساب الأصوات لصالحه، كما يوحي تسجيل لمكالمة هاتفية مع سكرتير ولاية جورجيا للشؤون الخارجية يطالبه فيها ترامب بـشكل متكرر بـ”إيجاد” الأصوات اللازمة لقلب نتيجة الولاية لصالحه.
كما يجادل محاميا الدفاع عن ترامب بإن مجلس النواب الأميركي أطلق إجراءات العزل من دون عقد جلسات استماع للرئيس وبالتالي حرمه من فرصة تقديم أدلة براءته.
وقال الدفاع إنه “لم يكن لدى مجلس النواب أي سبب للإسراع في إجراءاته، وتجاهل السوابق والإجراءات القانونية، وعدم منح المتهم فرصة للرد على التهم شخصيا أو من خلال محام”.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن غالبية المشرعين الجمهوريين سيصوتون على براءة الرئيس ترامب، لكن الديمقراطيين سيسعون لتذكيرهم بـ”الهجوم المدمر على الكابيتول واحتجاز ممثلي الشعب”.
وتشير المذكرة إلى أحداث شملت نوابا معينين في محاولة للتأثير على الرأي العام داخل قبة الكونغرس، منها طلب النائب جيمي راسكين، أحد المدعين الرئيسيين في القضية، من رئيس موظفيه “حماية ابنة النائب وصديقتها” بأي ثمن، بعد أن احتجزتا داخل الكابيتول خلال زيارة قامت بها الفتاتان تزامنت مع أحداث الشغب.
ودعا ترامب أنصاره إلى “القتال بضراوة”، وقال: “لن نقبل ذلك بعد الآن” وكرر مزاعم بلا أساس بأن الانتخابات سُلبت منه من خلال تزوير واسع النطاق، لينطلق بعدها مئات المحتجين ويقتحمون مبنى الكونغرس، في السادس من يناير.
متهمون في أحداث الشغب يحمّلون ترامب المسؤولية
من جانب آخر، ينتظر يمانويل جاكسون، وهو شاب من منطقة واشنطن عمره 20 عاما، المثول أمام محكمة اتحادية بتهمة الاعتداء، لكنه يعتمد الآن على دفاع قانوني جديد، حيث يسعى لإلقاء اللوم على الرئيس السابق دونالد ترامب، مشيرا إلى تصريحاته خلال تجمع لأنصاره تحت عنوان “أوقفوا السرقة” قبل قليل من حصار مبنى الكونغرس (الكابيتول).
وكتب براندي هاردن، محامي جاكسون، في دعوى قضائية بتاريخ 22 يناير أنه “يتعين النظر إلى طبيعة وملابسات هذا الجرم في ضوء أنه حدث مستلهم من رئيس الولايات المتحدة”.
وأضاف أن حصار الكابيتول “كان على ما يبدو عفويا أشعلته التصريحات خلال تجمع أوقفوا السرقة”. ودفع بأنه يتعين إطلاق سراح جاكسون لحين محاكمته، لكن قاضيا رفض هذا الطلب في 22 يناير.
وحاول ما لا يقل عن 6 من 170 يواجهون اتهامات مرتبطة بحصار الكابيتول تحميل ترامب ولو جانبا من المسؤولية في أثناء الدفاع عن أنفسهم بالمحكمة أو أمام الرأي العام.
ولم يسع محامو المتهمين حتى الآن للمطالبة بإسقاط التهم عن موكليهم أو تبرئتهم خلال محاكمة استندت إلى فكرة أن ترامب حرض المتهمين، لكنهم استعانوا بهذا في إطار مساع لإطلاق سراحهم لحين المحاكمة.
لكن جاي تاون، الذي شغل منصب المدعي العام الاتحادي في برمنغهام بولاية ألاباما خلال حكم ترامب، قال إنه لن يفلت أي من المتهمين من المسؤولية الجنائية بالقول إن ترامب حرضهم.
واعتلى ترامب منصة قرب البيت الأبيض وحض مؤيديه على “القتال”، مستخدما الكلمة أكثر من 20 مرة.
وقال ترامب للحشد: “كل من هنا سيسيرون سريعا إلى الكابيتول. وبعد حوالي 50 دقيقة من الكلمة، أقدم كثيرون على هذا بالفعل”.