ليست فقط حماقة / د . محمد سعود شواقفة

ليست فقط حماقة

بداية هذه مقاربة خيالية اقتبسها من قصة لكاتب غير مشهور كثيرا اسمه برانت عاش بين 1454 و 1500…يعني لم يك يقصد أحدا و لم يتسن لي استئذانه بالاقتباس …. فتجمع ما نعتقد أنه مجلس نواب شرعي انتخبه الشعب يجعلنا نستحضر الاحداث و القرارات و التشريعات و عبر تاريخ المجالس المتعاقبة لندرك بأن هذا المجلس لم يك الا مجموعة من الفاشلين و الذين لم يجمعهم اي قرار ينتصر للشعب منذ تأسيسه. و لن ابدأ بتوجيه اللوم لتيار أو حزب أو أشخاص … فالاستمرار بتوقع أن ينتج أي خير عن هذا الكيان هو ضرب من الحماقة يصل في بعض الاحيان للسذاجة.
فقصة الكاتب دارت احداثها في القرن الخامس عشر… عندما قرر مجموعة من 130 شخصا ، كل منهم يختلف عن الآخرين و يمثل نوعية من التصرفات البشرية ، ان يمخروا عباب المحيط في زمن عاصف ليقودوا السفينة الى الارض الموعودة
“ناراغونيا” أرض السلام و الرخاء. لم يكن لهم قائد بمعنى الكلمة فأفرزوا أحدهم و أوكلوا إليه مهمة القيادة ، و لم يك عنده شغف بالسفر و يخاف البحر فانزوى في قمرة القيادة حيث كان يرسل لهم ما وجده من كتاب القبطان ” كيف تقود سفينة ”
فكان في كل حين يرسل للطاقم مع المراسل أفكارا و يطلب منهم التصويت عليها لاختيار الأنسب منها لقيادة السفينة . كان يقضي جل وقته في ملاحقة بعض الذباب الذي كان يتجمع حول بقايا الطعام ….كان يستخدم عديدا من الكتب المهجورة في حربه على الذباب ….لم يخطر بباله ان يطالع أحدها لربما يجد حلا لمشكلة تسيير السفينة لبر الامان .
لم يك الامر سهلا على الركاب الذين كان غالبيتهم يركبون البحر لأول مرة و خصوصا في تلك الاجواء العاصفة و الامواج العاتية. لم يك بين المخضرمين منهم من تعلم في رحلاته السابقة كيف يدير الامواج و يصارع الانواء . و دب بينهم اختلاف و نزاع و التجأوا ” للديمقراطية” في اختيار القرارات ، و تركوا الدفة تسيرها الامواج المتلاطمة و ارتطمت اكثر من مرة بالصخور و راحت المياه تتسرب من كل ثقب …. لم يزدهم ذلك الا هياج فوق هياج و علت اصواتهم بالصراخ تارة و باللوم لبعضهم البعض تارة اخرى… على من يقع اللوم ؟!
بدأ الذين يعتقدون انهم الاقرب الى الرب بايمانهم يلومون البقية بابتعادهم عن الاله و تفريطهم بواجباتهم المقدسة و راحوا يطلقون الكثير من الادعية و الابتهالات المحكمة …. يصلون طوال الوقت أن ينقذهم الرب و يحمي سفينتهم …. و راح العلمانيون يسخرون منهم و يتهمونهم بالسذاجة و يلومونهم على تعنتهم و مواقفهم السلبية و بأن الحل لا يكون بالخطب الحماسية و الادعية و الصلوات …. و يرددون ..انهم كانوا ليوصلوا السفينة لبر الامان لو انهم استلموا دفة القيادة .
وبين هؤلاء و اولئك كان هناك ثلة من ” غايبين الفيلة ” يحاولون التوصل لمصالحة بين المجموعتين …. و يعتقدون ان مزيدا من النقاش و التحاور قد يرأب الصدع رغم أن الماء قد وصل قريبا من رقابهم جميعا …. لم يفكر أي منهم أن يتنبه لدفة السفينة و يحاول أن يجنبها مزيدا من الدمار … لكن كان الأهم بالنسبة لهم جميعا من منهم كان على حق منذ البداية .
هذه طبعا قصة خيالية بالطبع و لا تشابه ما يدور في مجلس النواب في خطاب الموازنة و اقتباسي لها كان بقصد التسلية و مساعدة للحكومة الرشيدة لكي ينسى الشعب السعيد أن سعر الخبز قد تضاعف…
أنا لن أفقد الأمل بأن هناك من سينبري ليوجه دفة السفينة قبل أن تغرق … لكنني متأكد بأنه ليس مجلس النواب و لا أعتقد انها الحكومة !!!

” دبوس على الكاتب المدسوس”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى